رئاسة عون تنتظر ولبنان ينتقل من 8 و14 إلى “قسمة الطوائف”
ايلي الحاج/النهار/01 شباط 2016
أيام وتمر 11 سنة كأنها البارحة على اغتيال الرئيس رفيق الحريري تغيّر فيها لبنان كثيراً. ايام ويصير عمر 14 آذار 11 سنة وسيختلف المُنظّرون على تحديد سنة وفاتها، لكن التاريخ سيسجل أن عقدها انفرط في السنة الحادية عشرة وعاد كلٌ إلى قبيلته وعشيرته وطائفته وحساباتها الذاتية، وخلت الساحة عملياً لقوى 8 آذار، يحدد قائدها الأمين العام السيد حسن نصرالله للحكومة عبر إطلالة تلفزيونية ما يجب أن تفعل، وللأحزاب والتيارات السياسية ما هي الخيارات المتاحة أمامها. لا يريد “حزب الله” أن يظهر كمن يكسر ظهر الشركاء السُنّة في لبنان ممثلين بـ”تيار المستقبل” فارضاً انتخاب رئيس يقاطعونه ويعادونه هو الجنرال ميشال عون. يبدو الأمر أشبه بأن يُعطى مسلمو لبنان وأشلاء “الحركة الوطنية” وقتهم للتفاوض مع الرئيس بشير الجميّل بعدما قُضي الأمر. بشير كان مستعجلأً وهو أيضاً كان يعرف أن لبنان محكوم بالتوازنات الدولية والإقليمية والداخلية الطائفية، لذلك زار السعودية ونال موافقة قيادتها على رئاسته بعد اجتماع ذات ليل طويل. السيد نصرالله ليس مستعجلاً ولا يرغب في أن يبدو فظاً. انكسر ميزان القوى من الداخل عندما أيّد “تيار المستقبل” رئيس “المردة” النائب سليمان فرنجيه، وسيتيح ترشيح “القوات اللبنانية” الجنرال عون في احتفالية معراب للسيد نصرالله أن يفرض قواعد اللعبة على المهزومين. وعاجلاً أو آجلاً، بعد أسبوع بعد شهر بعد أشهر، سيستمع الرئيس سعد الحريري إلى عروض تفاهم يحملها ممثلو الجنرال عون. سيساعده في الإصغاء الذي قد يكون قد بدأ بالأمس أن الجنرال ليس عقائدياً ولا متشبثاً بموقف، خلافاً للإنطباع السائد عنه، خلا تطلعه إلى الرئاسة واعتبارها حقاً شرعياً انتُزع منه بقوة السلاح، بدليل انفتاحه على تفاهم ( أو تحالف) مع “حزب الله” وتفاهم آخر موازٍ له مع “القوات” . ليس ما يمنع أن يعقد اتفاقاً مشابهاً مع “المستقبل”. لكن الحدث الأبرز هو انتقال خط التماس السياسي من الفصل بين قوى 8 و14 آذار، إلى الفصل بين المطالبين بحق كل طائفة في أن تعيّن هي ممثلها في السلطة وبين المعترضين على صيغة الحكم هذه. وبعد طلب القوتين المسيحيتين الكبريين وفوقهما السيد حسن نصرالله صوتاً وصورةً، أن يكون للمسيحيين بغالبيتهم الحق في تسمية من يكون رئيس الجمهورية المسيحي الماروني لن يكون الأمين العام لـ”حزب الله” قادراً على حجب هذا الحق عن السُنّة في تعيين من يريدونه رئيساً للحكومة. أوّل بند في العرض الذي قدمه أو سيقدمه “التيار العوني” من خلال اللقاءات التمهيدية بين الوزير جبران باسيل والسيد نادر الحريري هو أن يعود الرئيس الحريري رئيساً لحكومة عهد عون الأولى إذا شاء، أو الرئيس فؤاد السنيورة. هل هذا السيناريو نهائي؟ ليس بإجماع السياسيين. سمير فرنجيه مثلاً يردد هذه الأيام أن الصراع الإقليمي المحتدم لا سيما بين السعودية وإيران لا يسمح بانتخاب رئيس، لا عون ولا غيره. ومن يتمنى رؤية الجنرال رئيساً فهو حاضر ليدله إلى أقرب كنيسة على اسم “شفيعة الأمور المستحيلة” سانت ريتا.
وأين “الممانعون” الآخرون ؟
نبيل بومنصف/النهار/01 شباط 2016
لا يحتاج كلام السيد حسن نصرالله الى مزيد من التباري بالتفسيرات وهو الذي تعمد هذه المرة، ولعله افضل ما فعل، ان يوضحها بالفم الملآن ان لا انتخابات رئاسية لا قريبا ولا بعد افق متوسط او بعيد. كما لا جدوى للغلو الفارغ في تبرير الانتظار من دون ان يكلف احد نفسه عبء كسر دوامة تعطيل “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” للانتخابات. ومع انها ليست المناسبة الان لفتح هذا الملف فان ثمة شبهة متعاظمة في ان يكون “عصر” الفراغ الرئاسي من اكثر الحقبات خصوبة وإخصابا للفساد المستشري في معظم قطاعات الدولة المسترهنة للفراغ بحيث تتقاطع مصالح متعددة الاتجاهات في اطالة الفراغ. ولكننا نتساءل الآن عن سائر القوى والكتل والنواب المستقلين الذين لا يزالون يتريثون في حسم كلمتهم من الترشيحات الرئاسية. لو كان الامر مناطا بالمعايير الديموقراطية المحترمة لكان الاحتفاظ بسرية الاقتراع من الحقوق المقدسة ولما تعين على احد اعلان “نواياه” مسبقا. اما وان الازمة تقترب من طي سنتها الثانية واستهلكت كل ما لا يخطر ببال وصارت المعادلة القسرية بفعل التعطيل من جهة والأخطاء التي مورست في مواجهته من جهة أخرى خيارا بين مرشحي ٨ آذار فلا نظن ان مضي الآخرين في التستر وراء الصمت سيكون الوسيلة المجدية لمواجهة قرار التعطيل الاستراتيجي لـ”حزب الله”. ولا نرى تفسيرا منطقيا يحول دون خروج ” كتلة ثالثة ” لا تزال تمتلك رصيدا عدديا ومعنويا في احد اتجاهين لا مفر منهما: اما دعم احد المرشحين اللذين باتا عنوان معركة التنافس مما سيصعب كثيراً حينذاك على المعطلين المضي في تعطيلهم لان اكتمال لوحة الفرز علنا ستضع المعطلين اكثر فاكثر في خانة التشهير وتبعة تدمير النظام الدستوري على رغم كل الادعاءات والمزاعم المخالفة. واما فتح مسرب المرشح الثالث ايا تكن صعوبة شق هذا المسلك الذي يبدو حياله معظم القوى والنواب كأنهم باتوا في حكم الاستسلام لمنطق “تحظير” الخروج عن معادلة مرشحي ٨ آذار. ولا نعتقد ان شيئا أسوأ من الاستسلام لقيود هذه المعادلة سيكون مفيدا للتعطيل في مرحلته “الطالعة” المقبلة التي تنبىء بأننا دخلنا في فلك الاجهاز الختامي على كل أمل في إنعاش البلاد والنظام والديموقراطية العليلة المشارفة الهلاك التام، لان احدا لا يمكنه الجزم بالمدى الزمني لاستمرار الازمة اذا انتصر نهج ربطها بالمسار السوري والاقليمي على ما يستبطنه موقف “حزب الله” بلا اي لبس. وسيكون مخيفا الا يجرؤ المتفلتون من قواعد المعادلة القسرية التي تحصر الترشيحات بمرشحي ٨ آذار على مجرد اعلان تمايزهم و” ممانعتهم ” لهذا القهر.