دور “حزب الله” في هجمات 11 سبتمبر تحت المجهر
خلف أحمد الحبتور/السياسة/19 آذار/16
يبذل “حزب الله”، عميل إيران في لبنان، جهوداً حثيثة كي يقدّم نفسه في صورة المقاومة اللبنانية ضد العدوان الإسرائيلي، وفي صورة تنظيم سياسي يمثّل جميع المواطنين اللبنانيين. أما الواقع فمغايرٌ تماماً. لقد انطلق “حزب الله” في شكل جناح إيراني على ضفاف المتوسط يدّعي الوقوف في وجه إسرائيل لتبرير أنشطته الإرهابية ضد المصالح العربية والغربية.
ليس قلق “حزب الله” على المصالح الفلسطينية سوى مجرد واجهة لاستقطاب المجنّدين. النزاع الذي أشعل الحزب فتيله مع إسرائيل، من دون سابق تصور وتصميم، العام 2006 بعد إقدامه على خطف جنود إسرائيليين وقتلهم، لم يدخل في حسابات أمينه العام حسن نصرالله الذي فوجئ بحجم الرد الإسرائيلي وأقرّ لاحقاً أنه لو علِم أن عملية الخطف ستؤدّي إلى نزاع شامل، لما أصدر أوامره بخطف الجنود.
لا يخفى على أحد ما يقوم به “حزب الله” من عمليات إرهابية، واحتجاز للرهائن، واغتيالات تعود إلى ثمانينات القرن الماضي، لكن الحكم الصادر عن قاضٍ في محكمة فيدرالية في الولايات المتحدة، والذي كشف عن ان “حزب الله” متواطئ مع مرتكبي هجمات 11 سبتمبر العام 2001 على برجَي مركز التجارة العالمي والبنتاغون، لم يلق الاهتمام اللازم في عناوين النشرات الرئيسة سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا.
نشرت صحيفتا “الشرق الأوسط” و”جيروزاليم بوست” الخبر، لكنه كان موضع تجاهل شبه كامل في وسائل الإعلام الغربية التي تسعى حكوماتها إلى إبرام صفقات مربحة مع طهران التي تطفح صناديقها الآن بأكثر من مئة مليار دولار بعد رفع العقوبات.
نظراً إلى الصدمة التي عاشها الشعب الأميركي في ذلك اليوم المشؤوم الذي لا يزال شبحه يطارد عدداً كبيراً من الأميركيين، لا سيما أقرباء الضحايا وأصدقائهم، أقل ما يقال هو أن الصمت النسبي من وسائل الإعلام الغربي حول المسألة أمرٌ يدعو للاستغراب. والأكثر غرابة هو أن الولايات المتحدة حذفت إيران و”حزب الله” على السواء من قائمة التهديد الإرهابي رغم الأدلة الدامغة التي تثبت العكس تماماً.
لو تم استطلاع آراء الشعب الأميركي حول رأيهم، لجاء جواب الأكثرية الساحقة حاسماً لا يرقى إليه الشك.
فضلاً عن ذلك، أبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما امتعاضه من الإجراءات التي اتخذتها السعودية وسواها من دول مجلس التعاون الخليجي لتصنيف “حزب الله” في خانة التنظيمات الإرهابية، ووقف المساعدات إلى الجيش اللبناني المخترَق من “حزب الله”، وتحذير رعاياها بعدم السفر إلى لبنان.
في 15 ديسمبر 2011، أصدر القاضي جورج دانييلز حكماً قضى بأن إيران و”حزب الله” تآمرا مادّياً ومباشرة مع تنظيم “القاعدة” لمهاجمة أميركا على أراضيها، وأنه يتوجّب عليهما بالتالي دفع تعويضات لأُسر الضحايا.
لم يتوصّل إلى استنتاجاته هذه من العدم. فالحكم الذي خلص إليه ضد المرشد الأعلى الإيراني، والرئيس الإيراني سابقاً علي رفسنجاني، والحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” مدعوم بـ53 صفحة من الأدلّة والإثباتات فضلاً عن الشهادات التي أدلى بها ثلاثة منشقّين إيرانيين، وثلاثة أعضاء في لجنة 11 سبتمبر، وعملاء في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه)، وصحافيون متخصصون في التقصي.
تُختصَر الاستنتاجات التي توصّل إليها القاضي على الشكل الآتي:
• ساعدت إيران إرهابيي “القاعدة” عبر السماح لهم بالسفر بحرية من أفغانستان إلى بلدان أخرى عن طريق الأراضي الإيرانية حيث لم يتم ختم جوازات سفرهم من أجل الإفساح في المجال أمامهم للدخول بسهولة إلى الولايات المتحدة.
• حصل الإرهابيون الهاربون من الاجتياح الذي تقوده الولايات المتحدة على ملاذ في إيران مع عائلاتهم.
• أفاد أحد الشهود أن إيران استحصلت على جهاز محاكاة للطيران على طائرات بوينغ 757 و767 و777 عبر استخدام شركات وهمية لتسهيل تدريب الطيارين الذين اختطفوا الطائرات.
• تثبت مذكّرة صادرة عن الحكومة الإيرانية أن المرشد الأعلى الإيراني كان على علم مسبق بالهجمات.
• أوردت لجنة 11 سبتمبر الرسمية أن “مسؤولاً كبيراً في حزب الله” تم التعرف عليه على أنه عماد مغنية تولّى تنسيق أنشطة “القاعدة”، وأنه كان هو أو أحد أعوانه على متن الرحلات نفسها التي استقلّها الخاطفون من بيروت إلى طهران.
• ساعد “حزب الله” الخاطفين في التخطيط وقدّم لهم النصائح والإرشادات حول آليات الهجمات.
يبذل “حزب الله” محاولات عقيمة كي يثبت للشعب اللبناني والعالم أنه ينأى بنفسه عن الإرهاب، فيما يتواطأ مع تنظيمات أخرى خلف الكواليس.
بيد أنه كشف النقاب ليفتضح تآمر “حزب الله” مع فرعه في السعودية للهجوم على مجمع أبراج الخُبَر السكني، ومع تنظيم “القاعدة” لتفجير السفارات الأميركية في أفريقيا وكذلك المدمّرة الأميركية “يو إس إس كول”.
العام 1992، أصدر “حزب الله” تعليماته إلى تنظيم “الجهاد الإسلامي” لتفجير السفارة الإسرائيلية في بوينس أيرس انتقاماً لمقتل أمينه العام السابق عباس الموسوي.
واخيرا، أدانت محكمة مصرية عناصر من “حزب الله” بتهمة الدخول بطريقة غير شرعية إلى مصر بهدف التآمر مع مجموعات أخرى لتهريب أصدقائهم الإرهابيين من السجون خلال ثورة العام 2011.
الأسبوع الماضي، أصدرت المحكمة الأميركية حكماً قضى بإلزام إيران بدفع 11 مليار دولار أميركي لعائلات الضحايا التي اتّخذت صفة الادعاء في القضية، وكذلك بدفع ثلاثة مليارات دولار أميركي للعديد من شركات التأمين. العائلات المعنية مسرورة بالقرار، لكن إذا لم يحظَ الحكم بالدعم من إدارة أوباما التي تمتنع عن توجيه إصابع الاتهام إلى إيران أو “حزب الله” في هجمات 11 سبتمبر، لذا فإن حظوظ تلك العائلات بالحصول على تعويضات عن الآلام والمعاناة التي تكبّدوها، شبه معدومة.
أوردت صحيفة “الشرق الأوسط” أن المعلومات الاستخباراتية من الصين والمكسيك وكندا كشفت عن أن “حزب الله” يعمل، بدعم من إيران، على توسيع أنشطته المشبوهة ومنها الاتجار بالمخدرات على نطاق واسع في فنزويلا والمكسيك ونيكاراغوا وتشيلي وكولومبيا وبوليفيا والإكوادور والمنطقة الواقعة بين الباراغواي والأرجنتين والبرازيل.
كشف شخصٌ على صلة بـ”حزب الله” تحتجزه السلطات المكسيكية بعد إلقاء القبض عليه وبحوزته أوراق ثبوتية مزوّرة ومخدرات عند الحدود مع الولايات المتحدة – كشف إذاً عن وجود خلايا تابعة لـ”حزب الله” في مختلف أنحاء العالم مهمّتها تحديد الأهداف المحتملة.
في هذا الصدد، لابد من التوقف عند تقرير استخباراتي خرج إلى الضوء اخيرا وضعه سيد بلومنثال الصديق المقرب من هيلاري كلينتون. يتهم التقرير “حزب الله”، بالاستناد إلى معلومات مستمدّة من مصادر استخباراتية إسرائيلية، بإنشاء قاعدة في كوبا للتخطيط لهجمات إرهابية في مختلف أنحاء أميركا اللاتينية.
في غضون ذلك، ورغم تساهل الحكومة الأميركية في التعامل مع إيران و”حزب الله”، أعلنت السعودية تجميد الحسابات المصرفية العائدة لكل من يُشتبَه في انتمائه إلى “حزب الله” أو تعاطفه معه، ومصادرة أملاكهم. وتعمد دول “مجلس التعاون” الخليجي الأخرى إلى ترحيل اللبنانيين الذين يُعرَف عنهم أنهم على ارتباط بالتنظيم.
أياً كانت عباءة البراءة التي يلتف بها “حزب الله”، لا يمكن أن تكون كبيرة بما يكفي لحجب أعماله الإجرامية. ربما لا يرغب الرئيس أوباما في الإقرار بمدى خطورة “حزب الله” بالنسبة إلى لبنان والمنطقة والعالم، لكن فيما تشارف ولايته على الانتهاء، لا يسعني سوى أن آمل بأن يفتح الرئيس الأميركي العتيد عينَيه جيداً.
**رجال أعمال إماراتي
لماذا لا يدعم العرب المعارضة الإيرانية؟
داود البصري/السياسة/19 آذار/16
إدارة النظام السياسي العربي للملفات الإقليمية الصعبة والشائكة تتميز بالبؤس الشديد، وبعدم القدرة على اقتحام مجالات حساسة هي في الأصل جزء لا يتجزأ من أسس ومستلزمات الأمن القومي العربي.
فقضية محورية مثل قضية الصراع العربي- الإيراني التي تفاعلت في المنطقة إعتبارا من العام 1979 تحديدا بعد تبلور الستراتيجية الثورية الإيرانية الهادفة لتصدير الثورة، وإسقاط أنظمة المنطقة، ظلت تراوح مكانها، رغم أن المنطقة بسببها عاشت إيقاعات عسكرية عنيفة بعد إندلاع الحرب العراقية- الإيرانية العام 1980 والتي كانت أسبابها الرئيسية التوجه الستراتيجي للنظام الثوري الإيراني لإسقاط الأنظمة عبر شعار تصدير الثورة الشهير وبناء المجال الحيوي الثوري الإيراني الذي إصطدم بإرادات إقليمية ومشاريع قومية، فكان الإنفجار الكبير الذي تخللته عمليات إرهابية كبرى هزت الشرق كان النظام الإيراني طرفا أساسيا ورئيسيا في دعمها وتعزيز منظومتها، وبناء قلاعها الحصينة، فتعرض العراق ولبنان والكويت ودول الخليج العربي لأعمال إرهابية كبرى كان النظام الإيراني ومن خلال خلاياه الحزبية والثورية مسؤولا عنها مسؤولية مباشرة. ورغم سنوات الحرب والترصد ومن ثم إسدال الستار على الحرب العراقية- الإيرانية في العام 1988، والإنكفاء الإيراني على الداخل بعد الفشل التكتيكي في تحقيق الأهداف الستراتيجية إلا أن التكتيك قد تغير، أما الستراتيجية ظلت ثابتة عبر بناء القواعد والجسور والمحطات للجماعات المتعاونة وتجييش الطائفية الرثة وجعلها في خدمة المشروع الإيراني القديم الطموح!
النظام الإيراني وطيلة عقد الثمانينات من القرن العشرين كان يؤسس القواعد ويبني البرامج ويجند العناصر ويجهز الجماعات المرتبطة به، ويتدخل في دول الجوار وهوحتى الوقت الحاضر يحاول قلب ألأنظمة الخليجية بعد أن مكنته الظروف الدولية من السيطرة المباشرة والكاملة على أربعة عواصم عربية بينها عاصمتي الخلافة الإسلامية، دمشق وبغداد، إضافة الى بيروت وصنعاء، هذا غير الحديث عن اللوبيات النشطة والقوية العاملة لخدمة المشروع الإيراني في بعض دول المنطقة.
لقد تحدث رفسنجاني قبل سنوات وأيام كان رئيسا للجمهورية حول قدرة الجندي الإيراني على التحرك بحرية بين كابول الأفغانية وبيروت على سواحل المتوسط، وقد تحقق هذا الوعد فعلا وبات الحرس الثوري يقاتل في بغداد ودمشق وبيروت ولربما أماكن أخرى!، أما الجماعات والعصابات المرتبطة به بدءا بـ “حزب الله اللبناني”، والأحزاب والعصابات الطائفية العراقية التي أضحت تلوث وجه الشرق، وفي مواجهة ذلك المشروع الإيراني العملاق الطموح المستهدف للوجود العربي الذي أوصل عملاء وأتباعا مباشرين للنظام الإيراني للحكم في بعض دول المنطقة، ماذا فعل العالم العربي؟ وكيف تعامل مع التهديدات الميدانية الإيرانية؟ ولماذا أهمل النظام السياسي العربي التعامل العلني والصريح مع قوى المعارضة الوطنية الإيرانية التي تمثل الوجه الحقيقي للشعب الإيراني، وهي المعبرة خير تعبير عن مصالحه وبما قدمته من تضحيات دموية رهيبة في مقاومة النظام الإرهابي كما هو الحال مع منظمة “مجاهدي الشعب” الإيراني التي تحمل راية الكفاح ضد الاستبداد والدكتاتورية والعقلية الخرافية للنظام، فعناصر المنظمة لهم وجود فاعل في العمق الإيراني وهم منبثون في قلب خلايا النظام ويشكل وجودهم في العمق الإيراني حالة متقدمة تسمح بالإطلاع على مايدور من مخططات وجرائم يخطط لها النظام، ولقد كشفت المعارضة الإيرانية عن كثير من خبايا وفضائح النظام وأحرجته أمام الرأي العام الدولي، وكشفت أوراقه التآمرية، وهي مستمرة في نضالها في ظل أصعب الظروف ودون أن يستفيد العالم العربي من خدماتهم عبر فتح نوافذ الإتصال وبوابة العلاقات وبما يعزز من التلاحم النضالي والكفاحي ومقاومة الديكتاتورية بين الشعبين العربي والإيراني والوصول الى قواعد إتفاق لمستقبل واعد وسلمي في العلاقات، ليس طبيعيا ولا مقبولا جدار الصد العربي نحو المعارضة الإيرانية، بل ينبغي وفقا لقواعد اللعب السياسي الناجح اللعب بورقة المعارضة الإيرانية بحرفنة وذكاء والتخلي عن فكرة الرعب من أغضاب النظام الإيراني، فذلك النظام يحمل نوايا عدوانية مكشوفة وأهداف واضحة لا يخفيها لإسقاط الأنظمة العربية، فلماذا يحجم العرب عن ملف مصيري وستراتيجي مثل هذا الملف ؟
ندعو لإنفتاح عربي وخليجي شامل على المعارضة الوطنية الإيرانية لما في ذلك من فوائد جمة يعلمها علم اليقين صانعوالقرار في المنطقة، مدوا يد الصداقة والتعاون مع الشعب الإيراني الحر من خلال مجلس المقاومة الوطنية الإيرانية المعبر الشرعي عن الشعب الإيراني. الوقت مناسب جدا لتلك الخطوة، فالنظام الإيراني بكل تأكيد لن يخرج سالما من مغامرته الإرهابية في سورية، وعلى العرب التعامل مع إيران المستقبل… فما تراكم فاعلون؟