حزب الله والولايات المتحدة: المارينز الجدد أو خصمان في خندق واحد
سلام حرب/ موقع 14 آذار/29 آذار/16
لعلها آخر ارهاصات حزب الله قبل ان يقدم كبش فداء لإيران على مائدة المفاوضات التي اتت أكلها الصيف الماضي وقضت بالافراج عن 200 مليار دولار لصالح نظام طهران والتي من المؤكد انها تأتي بالتوازي مع صفقات سرية ستجعل للحزب ادواراً جديدة أو تلغيها تماماً. تبقى المعضلة التي تواجه كل من حزب الله والولايات المتحدة تتجلى في مقارعة الطرفين لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) ومنعها من التمدد من سوريا والعراق الى دول الجوار. وفي هذا الاطار جاءت شهادة دانيال بايمن، الخبير في الشؤون الاستراتيجية، أمام لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الأميركي بلجنته الفرعية الخاصة بالشرق الأوسط وشمال افريقيا لتضيء أكثر على حقيقة التهديدات التي يراها الأميركيون في حزب الله بالرغم من تجنب الحزب حتى هذه اللحظة لأي مواجهة مباشرة مع واشنطن. وتبقى النصيحة الأميركية الدائمة هي “ضرورة بناء جيش لبناني قوي قادر على القيام بدوره مع التحفظ على مسألة التدريب الأميركي التي تعتبر مسألة شائكة وتثير الحساسية وتزيد من التوتر لدى الساسة اللبنانيين”.
ما يجدر التوقف عنده هو الاصرار الاميركي في هذا الاطار على منع تدهور الوضع العسكري بين حزب الله من جهة والاسرائلي من جهة أخرى سواء عبر الجبهة اللبنانية أو تلك السورية. الأسباب قد تتعدد ومنها عدم انفلات زمام الامور تماماً وتعقد الميدان المشتعل أصلاً بحكم تواجد مئات التنظيمات والجماعات والجيوش وأشباه الجيوش. ولكن الأمر الذي يدفع واشنطن لمنع تدهو الاوضاع هو ما تعتبر حيوياً لها على المدى المنظور أقلّه ألا وهو ضرورة استمرار حزب الله والمليشيات التي يقدها بالوقوف في وجه ما ترى فيهم جماعات تكفيرية داعشية. وهنا ننقل ما يقوله محللون في العراق أنّ الحرس الثوري وحزب الله تحولوا الى “مارينز جدد”، باعتبار أنّ الماكينة الاعلامية للمانعة إعتادت أن تزاوج بين أي عبارة تريد أن تعيبها وبين عبارة جدد على غرار المحافظين الجدد وآل بوش. وتجد هذه العبارة أي المارينز الجدد مسوغاً لها خصوصاً مع بدأ العمل الميداني لعلمية ما يسمى “تحرير الموصل” من يد داعش حيث سيتولى الأميركي مهام الغطاء الجوي الناري فيما يقوم المشاة التابعون ظاهرياً لسلطة الحكومة في بغداد وعملياً لأوامر قاسم سليماني بالقتال البري. وجود حزب الله من المنظور الأميركي يبدو حالياً أثر من اي وقت مسألة ضرورية بموازاة مشاهد الدماء والأشلاء في محطات الباصات والمطارات والمسارح الأوروبية. هذا تسويق لصورة الحزب السياسي الراغب بالوقوف بوجه السفاح الداعشي القادم من غياهب التاريخ وسوداوية التأويل للنصوص الدينية. ولأنّ الغرب والأمريكيين بالتحديد لا يسعون سوى لحلول عاجلة وغير عميقة لمشاكلهم في الشرق الأوسط، باعتباره ممراً وليس مقراً، لذا فإنّهم ميالون أكثر من أي وقت مضى للتقرب من محور ايران وعلى رأسه حزب الله للاستعمال “المرحلي” لما يمتلكونه هؤلاء من قوة عسكرية على الأرض ورغبة في قتال من يصنفوا على أنهم آخر أصناف الإرهابيين لدى الغرب. والحزب، المصنف ارهابياً كذلك ولفترات طوال ولأمد غير قصير، هو حالياً مفيد لواشنطن في العراق من ناحية قدرته على ضبط او تحجيم المعارضين هناك للوجود الأميركي، والذين هم محسوبون على محور ايران. هناك تزايدت الأصوات المطالبة بعدم تدخل للمارينز الأميركي في بلاد الرافدين وإن كان الهجف هو الحرب على داعش. وكانت آخر هذه الأصوات ما صدر عن تنظيم “كتائب حزب الله” الذي هدد باستهداف وقتل الجنود الأميركيين في حال مشاركتهم في المعارك.
هنا يبدو أنه على الحرس الثوري وحزب الله ومن معهم أن يأدوا دورهم بكل إخلاص مع كامل التعاون مع الأميركيين وبديلاً عن المارينز إذا اقتضى الأمر ذلك بل ويأمنوا الحماية والمؤآزرة لهم عند الحاجة. واخيراً، فإن براغماتية الأميركي إذ تتلاقى مع ديماغوجية الإيراني وحزب الله بين الشام والعراق، وتتباعد عنهم في الشأن اليمني الذي يقاتل فيه الطرفان ايضاً. فعلى حدود السعودية، تقدم اميركا كل ما يمكنها وتتغاضى عن كل ما يحدث هناك ما عدا ا يعنيها بتنظيم القاعدة. فهل سنكون أمام تواصل مباشر أميركي-ايراني-حزب الله على المستوى الميداني أم أنّ الامر أصلاً دخل حيز التنفيذ؟
دور “حزب الله” على المحكّ
علي حماده/النهار/29 آذار 2016
لا يختلف اثنان على أن الاتفاق النووي الذي عقدته ايران مع المجتمع الدولي، ورفع عنها جميع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها بسبب برنامجها النووي العسكري، أدخل المنطقة في مرحلة جديدة كليا، ولم يوفر إيران نفسها. فالانتخابات الاخيرة التي شهدتها ايران على مستوى مجلسي “الشورى” و”الخبراء” نهاية شهر شباط الماضي، أفضت الى إطلاق مسار إعادة تكوين مراكز القوة في الحكم، على خلفية إطلاق الصراع على خلافة المرشد الحالي، بعد تأكد الأنباء عن اعتلاله. هذا المعطى جديد، وإن لم يكن يرقى الى مستوى الانقلاب، إلا انه يضيء على مرحلة تحولات كبيرة في الداخل الإيراني، وانتقال مؤكد لمركز الثقل في حكم البلاد. وليس سرا أن إيران لم تستفد بعد من نتاج رفع العقوبات عنها وإعادة أرصدتها المجمدة في الخارج. فنظام رفع العقوبات وتحرير الارصدة أكثر تعقيدا مما يُعتقد. على مستوى المنطقة، لم يظهر تبدل ملموس في السياسة الخارجية العنيفة التي تعتمدها ايران بواسطة ذراعها التي تتبع مباشرة لسلطة المرشد السيد علي خامنئي (الحرس الثوري)، متجاوزة الحكومة القائمة والمنبثقة من الانتخابات، والرئيس حسن روحاني الذي انتخب بغالبية ساحقة من الأصوات في انتخابات مباشرة. وبدا في المرحلة الاخيرة ان هناك “إيرانين”، الاولى يقودها المرشد وماكينته الأمنية – العسكرية- الاقتصادية، والثانية تتحلق حول حكم الرئيس حسن روحاني متحالفا مع الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، ومعهم الإصلاحيون والمعتدلون. وفيما واصلت ايران “المرشد” المريض حملاتها “الثورية” خارج الحدود في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، وغزة، رفع روحاني شعار ايران “يابان الشرق” مستلهما تجربة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، إذ تحولت الى مارد اقتصادي بعدما قلبت صفحة السياسات التوسعية الامبراطورية التي أدمتها ومعها منطقة جنوب شرق آسيا. ليس الجديد أن تظهر صورتان لإيران بعد الاتفاق النووي. الجديد ان تتظاهر صورة مناخ تغييري واسع، ربما عارم في الداخل، من شأنها في ضوء قرب غياب المرشد الحالي، أن تغلّب مسارا مغايرا قد تكون من نتائجه الاولى في مستقبل لم يعد ببعيد إطلاق مسار تصالحي بين ايران وجيرانها، لا بد من ان يؤثر مباشرة على أذرع “الحرس الثوري” في المنطقة، ومن بينها “حزب الله” في لبنان، وهو المكلف تنفيذ سياسة التدخل الإيرانية في سوريا واليمن والخليج، فضلا عن بعض بلدان افريقا حيث هناك حضور اغترابي لبناني. ما من شك في أن “حزب الله” الذي يقاتل في سوريا دفع ثمنا باهظا مع سقوط ما يزيد على الف وخمسمئة عنصر من ميليشياته، فيما انتهت وظيفته في “مضايقة” اسرائيل من لبنان، وسط تعاظم حشد عسكري دولي لم يسبق له مثيل في المنطقة، وتقاطع أميركي – روسي حول ضمان أمن الاخيرة. ومن هنا يمكن فهم الحديث المتزايد عن طرح دور الحزب ووظيفته المستقبليين على طاولة لعبة الامم.