إيران.. مفارقات شيعية لبنانية
نديم قطيش/المدن/الخميس 01/10/2015
في إطلالته الإعلامية الأخيرة ثاني أيام عيد الأضحى، قال أمين عام حزب الله حسن نصرالله رداً على سؤال “إن حزب الله حزب لبناني له تأثير في الأوضاع الاقليمية بسبب “تركيبة المنطقة وتحالفاتنا وقدرتنا على الحضور في بعض المساحات او الميادين” رافضاً فكرة الدولة ضمن الدولة او الحزب الاكبر من الدولة.
فما هي “تركيبة” المنطقة التي وسعت نفوذ حزب الله الى هذا الحد في السنوات القليلة الماضية؟ ومن أين ولدت “القدرة على الحضور” في المساحات والميادين؟ لم يعد خافياً أن التركيبة هي التركيبة المذهبية التي تتلاعب ايران بمكوناتها وشقوقها في العراق والميليشيات الشيعية فيه، ولبنان وإختطاف شيعته، واليمن عبر ميليشيات الحوثي، وسوريا عبر حماية النظام العلوي والبحرين عبر ركوب موجة المطالب المحقة بالاصلاح وتحويلها الى منصة لإسقاط نظام المملكة وتهديد عموم الخليج. أي التركيبة التي تتيح لإيران إشعال قضايا وحروب وإحداث تمزقات تستثمر إدارتها على نحو يخدم نفوذها ومشروعها التوسعي المذهبي. أما “القدرة على الحضور” التي تحدث عنها نصرالله، فهو نفسه من إعترف ذات خطاب أنها تتكون من دفعات دعم مالي ومعنوي وسياسي وعسكري ايراني لحزبه لم ينقطع منذ العام ١٩٨٢! من حيث لا يدري كان نصرالله يقر بإخراج الشيعة اللبنانيين من وطنيتهم ويعترف بدوره في إلصاقهم بمشاريع أكبر من لبنان بل بمشاريع اعتداء على لبنان وعلى المنطقة تحت غطاء ما يسميه “التركيبة” و“القدرة على الحضور”! وما تصديه لمسألة ادارة موسم الحج وركوب موجة المرشد في طهران ومجاراته في هجومه على المملكة وقيادتها الا إمعان في وضع الشيعة في مواجهة عمقهم الطبيعي ووطنيتهم السليمة التي تقوم على إحترام الدول الاخرى وسيادتها وحدودها واركانها الوطنية.
كم تذكرت الصحافي العلم الراحل كامل مروة مؤسس ورئيس تحرير صحيفة الحياة وأنا أتابع نصرالله. ما لا يعرفه كثيرون ان كامل مروة كان عراب إنجازين قاتلين: أولاً هو عراب نظرية تحالف الوطنيات تحت غطاء “الحلف الاسلامي”، الذي دعا إليه الملك فيصل بن عبد العزيز، عام ١٩٦٥، لمواجهة الناصرية بما هي ايديولوجيا اعتداء قومية على أي وطنية أو قطرية! وثانياً هو مهندس العلاقة التاريخية بين الملك فيصل وشاه ايران في سياق تعزيز فكرة تحالف الوطنيات تحت لافتة “الحلف الاسلامي” في مواجهة افراط جمال عبد الناصر بعروبة هادمة للدول والكيانات. لعب مروة في تلك الأشهر التي مهدت لاغتياله في أيار ١٩٦٦دوراً محورياً في نزع الألغام من طريق العلاقات الإيرانية السعودية التي كانت وظلت تشهد توترات عديدة حول البحرين والنفط وصراعات النفوذ والأحجام بعد خروج بريطانيا من المنطقة. غير أن حنكة مروة كانت في التقاط المخاوف المشتركة للسعودية وإيران على وطنياتهما من توسع نفوذ عبد الناصر وصعود نجمه الجماهيري القومي، والبناء عليها للتقريب بين العاصمتين. وبالفعل في شهر نوفمبر 1965 زار الملك فيصل إيران ضمن أول جولة خارجية له بعد توليه الحكم، في إشارة لا لبس فيها للأولوية الاستراتيجية الناشئة في ذهن القيادة السعودية للعلاقة مع ايران الشاه! وبالعودة الى ما نتج عن لقاء الزعيمين يبرز التأكيد حينها على ضرورة الوحدة الاسلامية بصيغة اقتراح علني، غير مسبوق تولاه فيصل، لعقد مؤتمر قمة إسلامي رحبت فيه إيران وأبدت حماسة له. ثم ما لبث الملك السعودي ان أعلن في 31 يناير كانون الثانى ١٩٦٦ من العاصمة الاردنية عمان عن تشكيل لجنة للتحضير لمؤتمر قمة إسلامي، وهو ما عارضته القاهرة وبذلت في سبيل تعطيله كل الجهود الممكنة، اذ لم يكن العنوان الاسلامي الا غطاءاً لتحالف وطنيات قلقة من الناصرية. نجح عبد الناصر في المواجهة السياسية في جعل المؤتمر يقتصر على المملكة العربية السعودية والأردن وإيران الشاه. ونجح في شق الصف الخليجي عبر موقف للكويت إنحازت فيه ضد المؤتمر، كما إستغل معركته الداخلية مع الإخوان المسلمين كأداة للتخويف والترهيب، على إعتبار أن المؤتمر يعزز المناخات الاسلامية التي تسمح للتنظيم بالازدهار وتهديد الدول وأنظمة الحكم! ولعب بطريقة رفيعة المستوى على علاقة الشاه بإسرائيل بهدف الإغتيال المعنوي للمؤتمر. وبالفعل بعد اسابيع من اعلان عمان، شن عبد الناصر في 22 فبراير ١٩٦٦ هجومه الاعنف على السعودية في خطاب القاه في حفل حاشد في جامعة القاهرة متهماً “الامبريالية والرجعية” بتأسيس الحلف الاسلامي، ضد حركات التحرر. لم يكتفِ عبد الناصر بالإغتيال المعنوي للمؤتمر. لم تمضِ سوى اسابيع قليلة على خطاب عبد الناصر حتى دخل أحد “قبضايات” بيروت، مدفوعاً من مخابرات القاهرة، على كامل مروة في مكتبه في صحيفة الحياة وأرداه برصاصتين أطفأتا أحد أبرز وجوه الصحافة والسياسة والوطنية والحكمة والاعتدال. لم يقتل كامل مروة عقاباً على مقال، او انتقاماً من إنتقاد لاذع لطالما تميز به، بل لأنه يمثل العقل العميق والدينامية الحقيقية لمشروع المواجهة مع عبد الناصر الذي نرث اليوم بقايا مشروعه ونتخبط فيها. الشيعي اللبناني كامل مروة إستشهد دفاعاً عن وطنية لبنانية لا تقوم ولا تستمر بغير الالتقاء مع وطنيات الاقليم بما فيها الوطنية الايرانية. الشيعي اللبناني حسن نصرالله يخرج الشيعة اللبنانيين وغير اللبنانيين في كل لحظة من وطنياتهم ويدفعهم دفعاً للتصادم مع وطنيات الاقليم برعاية وتحكم مباشر من إيران. من كامل مروة الى حسن نصرالله تاريخ من مفارقات العلاقة بإيران.
حزب الله : من جوا يعلم الله
حنان الصباغ/لبنان الجديد/01 تشرين الأول/15
ربما يظن البعض أن العلاقات التي تربط الصفوف الأولى داخل حزب الله هي أقوى وأعمق مما يفرقهم لكن الأحداث التي بدأت بالظهور إلى العلن كشفت أن هذا الحزب الإستاليني هو في الحقيقة متفكك داخليا، ومترابط ظاهريا. فمنذ بدء معركة الزبداني والتباين في الآراء ووجهات النظر داخل الأوساط القيادية في حزب الله بدأ يطفو إلى الإعلام فمنهم من أراد الإنسحاب بسبب الأعداد الكبيرة للعناصر الذين سقطوا في الزبداني حيث وصل بحسب تقديرات بعض الوسائل الإعلامية إلى 111 عنصرا والبعض الآخر أراد البقاء في المعركة حتى النهاية، وخير دليل على ذلك الخلافات التي وصلت إلى ذروتها بين الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم في الفترة الاخيرة بسبب التباين العميق في التعاطي مع المستجدات. إذ ان لكل طرف وجهة نظر خاصة يحاول تسويقها لدى الإيراني والسوري. كما ازداد الشرخ في العلاقات بين صفوف حزب الله بعد التمرد الذي أظهره عناصر حزب الله على قياداتهم في أرض المعركة بسبب العنجهية التي إتبعتها هذه الكوادر من تسلط وإصدار اوامر لا تناسب أرض الواقع وكان موقعنا قد نقل قصة حية عن مقاتل إستاء من هذه التصرفات ليبدأ الصراع بين من يريد التحكم بزمام المعركة من غرفته وبين المسؤولين في أرض المعركة. لكن الشرارة التي جعلت هذه الخلافات بين قيادات حزب الله تصبح أكبر وأعمق هي قضية نوح زعيتر الذي نشر صور له في القلمون الغربي مرتدي البدلة العسكرية برفقة بعض العناصر ليسارع الحزب إلى إعلان بيان النفي فيكون الرد بإرسال صور له برفقة القائد الميداني حسين نصرالله. فبعد هذه الحادثة حصل موقعنا من مصادر خاصة ومقربة من حزب الله بأن نصرالله تم تحويله إلى المجلس التنظيمي في حزب الله وبالتالي تجميد حسابه في الحزب وبمعنى آخر أنه تم طرده. لكن ربما السبب لا يتعلق بالصور إنما هو خلاف داخل القيادات البقاعية (نصرالله-يزبك) من أجل النفوذ والسيطرة حيث يحاول كل كادر أن يكون الآمر الناهي ويلغي الآخر وهذا مرض مستعص داخل رؤوس هرم كل الأحزاب، وبمحاولة لإثبات الذات وتسجيل النقاط أقدم نصرالله على هذه الخطوة لكن سارت الرياح بما لا يشتهيه نصرالله ففصل من الحزب وكان ليزبك المعركة الرابحة. ختاما، ما علينا إلا التساؤل : هل نهاية الحزب أصبحت قريبة بعد هذا التفكك؟
منطقة البقاع في حزب الله : فوضى تنظيمية عارمة سرقات واختلاسات
لبنان الجديد/01 تشرين الأول/15
تعيش منطقة البقاع التنظيمية في حزب الله أوضاعا شبه فوضوية من حيث الشؤون التنظيمية والإدارية، ولجأ حزب الله أكثر من مرة إلى إجراء تعديلات تنظيمية عدة بهدف التطوير والإصلاح، إلا أن الجسم التنظيمي المتردي في المنطقة لم يستطع التكيف مع أي تطور جديد على مستوى المسؤولين والأفراد، ويأتي ذلك كنتيجة لوجود رؤوس كبيرة في الحزب ترفض أي تعديلات أو إصلاحات على حسابها، وتقف الشورى عاجزة عن المواجهة نظرا لوجود تكتلات عديدة في هذه المنطقة تابعة لبعض المسؤولين في الحزب الله الذين لا تستطيع القيادة المركزية مواجهتهم أو الوقوف في وجههم ، من هؤلاء القيادي حسين نصر الله والقيادي أبو جميل حيث يقوم كل واحد منهم بتشكيل حاشيته الخاصة وتنظيمه الخاص، وقد استطاعوا السيطرة على كل مقدرات الحزب في المنطقة، كما استطاعوا الإمساك ببعض المفاصل الاساسية على صعيد المال والمؤسسات ، وهذا مع انتشار الروح العشائرية والعائلية وسيطرتها على معظم المسؤولين والمتفرغين على حساب التنظيم شهدت المنطقة في الفترة الأخيرة أحداثا عدة، أهمها مهاجمة منزل عضو شورى القرار في الحزب الشيخ محمد يزبك واقتحام منزله من قبل والد أحد “الشهداء” وتوجيه الإهانات للشيخ يزبك مباشرة ، وقد جاء ذلك على خلفية قضية تتعلق بتهريب السلاح إلى المعارضة السورية حيث تم توقيف أحد أقرباء المهاجمين ولم يقم الشيخ يزبك بالتوسط لإطلاق سراحه، هذه الحادثة إدت إلى انهيار الشيخ يزبك وإدخاله المستشفى على وجه السرعة . كما تبع ذلك إطلاق النار على المؤسسات التربوية التابعة للشيخ يزبك أيضا وحالت العناية الإلهية دون سقوط ضحايا . هذه الحادثة استدعت تدخل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والطلب من الشيخ محمد يزبك مغادرة المستشفى فورا والتوجه للإقامة في بيروت ريثما يتم معالجة الموضوع وضبط الأوضاع . إلى ذلك أيضا شهدت المنطقة التنظيمية في الحزب خضة كبيرة على خلفية الصور التي انتشرت للقيادي حسين نصر الله مع نوح زعيتر ، الأمر الذي أدى الى تجميد عمل نصر الله وإحالته إلى المكتب التنظيمي ، وكان ذلك القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث يعتبر نصر الله متهما بتشكيل فريق خاص به داخل الحزب ومتمردا دائما على القرارات التنظيمية ،أضف إلى ذلك اتهامات عديدة باختلاس الأموال العامة التي كان الحزب يقدمها للنازحين السوريين في المنطقة . حسين نصر الله واحد من المتهمين بعصيان القرارات التنظيمية والاختلاس، حيث تشهد منطقة البقاع في حزب الله عددا كبيرا من حالات العصيان والاختلاس الأمر الذي دعى حزب الله إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات التنظيمية بحق بعض المسؤولين في المنطقة . وفي السياق عينه تشير المعلومات إلى اختلاسات كبيرة قام بها محسن النمر “والد أحد الشهداء” وشقيق مسؤول النقابات وملف البلديات في الحزب ، حيث اشارت المعلومات إلى اختلاس ما يقدر بـ 2 مليون دولار من صندوق رعاية المصابين والجرحى في الحزب. وسجل على هذا الصعيد أيضا سرقة أسلحة وذخائر من أحد المحاور في سوريا كما تم الاستيلاء على حاجيات وبعض مخصصات العائدين من المرابطة في سوريا . ونظرا للوضع المتردي في المنطقة تنظيميا وماليا لوحظ امتناع المسؤولين عن تسليم الرواتب منذ ثلاثة أشهر ويتم الاقتصار على دفع رواتب العسكريين في الحزب فقط . في هذا السياق تشهد منطقة البقاع على الصعيد الشعبي حالة من التساءلات حول عدم قدرة الحزب على مواجهة هذه الأحداث الداخلية ، ويلاحظ كثيرون انكفاء الحزب عن المعالجات الجذرية في المنطقة حيث من الممكن أن يؤدي أي إجراء إلى زعزعة أركان التنظيم في المنطقة بشكل كامل، نظرا لوجود حساسيات كثيرة بين المسؤولين فيها، وفي هذا الوقت يقف مسؤول المنطقة الحالي عاجزا أمام ضغط المشكلة وحساسية الأحداث