حزب الله وسليماني خارج الخدمة
احمد عياش/النهار/9 نيسان 2016
تسارع الاحداث المتصلة بالحل السوري في الفترة الممتدة حتى آب المقبل ترافق في الايام الماضية مع حدثين لا يمكن فصلهما عن الميدان السوري هما إعلان إيران إرسال لواء من “القوات الخاصة” في جيشها النظامي الى سوريا، ووقف ادارة قمر نايل سات المصرية بث قناةِ “المنار” التي دعت المشاهدين لالتقاطِ البث على القمر الروسي. بالنسبة للحدث الاول، أعلن في طهران معاون التنسيق والعمليات في القوة البرية التابعة للجيش الايراني علي آراستة ان اللواء 65 من القوات الخاصة في الجيش الايراني “استقر” في سوريا لتقديم الاستشارات العسكرية لجيش النظام السوري. وهذه هي المرة الاولى كما تقول “الحياة”، التي يتم الاعلان فيها عن إرسال عناصر من الجيش الايراني ومن “القوات الخاصة الممتازة” الى سوريا بعدما كانت الاعلانات الرسمية الايرانية في السابق تقتصر على الحديث عن “مستشارين” من قوات الحرس الثوري وتحديدا “فيلق القدس” بقيادة الجنرال قاسم سليماني. وخارج ما ذكرته صحيفة “الحياة” كان لافتا ان المواقع الاعلامية الايرانية الرئيسية من وكالات أنباء وصحف لم تبرز هذا الحدث لاسيما باللغة العربية. فيما تحدثت مصادر مواكبة للتحرك الروسي في شأن الحل السوري أن موسكو طلبت من طهران أن تكون هناك قوة عسكرية إيرانية تضمن إحترام وقف إطلاق النار الذي بدأ العمل به قبل أسابيع لمواكبة الحل في سوريا مما يعني ان قوات سليماني ليست مؤهلة للاضطلاع بهذا الدور حاليا. الحدث الثاني الذي تمثل بوقف قمر نايل سات المصري بث قناة “المنار” أثار ردود فعل وتكهنات عدة وهي مستمرة حتى الان. لكن ما بقي في دائرة الاهتمام هو التطور في الموقف المصري من “حزب الله” بعد مرحلة من هدوء في العلاقات مع الحزب مقابل تشدد عربي ودولي في التعامل معه. وعلى رغم وجاهة القول ان زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الحالية لمصر كانت سببا بارزا لوقف بث “المنار” عبر القمر الصناعي المصري لإن القناة تمثل أبرز أدوات التحريض الإيرانية ضد المملكة لكن هذا لا يقفل البحث عن أسباب أخرى تتصل بما يجري من تحضيره لحلول أبرزها مشاركة مصر نفسها في التدخل العسكري البري في سوريا عندما يزفّ الحل السوري. هل يمكن في هذا السياق قراءة ما قاله امس رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني أن أوضاع المنطقة “ستتحسن”مؤكدا” أن الحراك السياسي لحل الأزمات… في سوريا والبحرين واليمن سيكون أكثر جدية”؟ الاشهر المقبلة تعتبرها موسكو معقّدة وفق ما نقله زوارها اللبنانيون أخيرا لكن تلوح في أفقها حلول قد لا يكون لبنان بعيدا عنها. ولم يكن قليل الشأن الوثيقة التي أصدرها زعماء من الطائفة العلوية في سوريا، وأوردتها الـ”بي بي سي” على موقعها الالكتروني، وفيها تنصل من نظام بشار الاسد. لذا يصح القول: في زمن الحلول أيضا إحفظ رأسك.
اليوم سماحة … غداً بدرالدين ؟
علي حماده/النهار/9 نيسان 2016
استدرك حكم المحكمة العسكرية الذي صدر البارحة بحق ميشال سماحة، خطيئة تخلية سبيله قبل بضعة أسابيع، والتي كان من الواضح انها اشرت في تلك الفترة لوجود “مناخ” معين في المحكمة يميل الى اصدار حكم مخفف بحقه، بالاكتفاء بمدة توقيفه كحكم بالسجن. والحقيقة ان الموقف الحاسم والقوي الذي ووجهت به المحكمة ومن كان يقف وراءها، أدى الى عدول المحكمة عن التمسك بـ “المناخ” المشار اليه. فقد كان واضحا ان افلات سماحة بما تمثله قضيته الارهابية من عقاب منطقي متسق مع جريمته، ما كان ليمر مرور الكرام، وكان من شأنه ان يؤثر بسلبية كبيرة على المؤسسة العسكرية، ومصير كل المحاكمات امام المحكمة العسكرية في المستقبل. بالطبع يستحق سماحة عقوبة أكبر من ثلاث عشرة سنة (بقي منها ست سنوات ونصف سنة فعلية)، وكان على المحكمة العسكرية ألاَ تخشى تشديد الحكم أكثر مما فعلت. ولكن للانصاف، نقول إن الحكم بثلاث عشرة سنة معقول، على عكس التوجه السيئ الذي سبق. ولا شك في ان وقوف كل قوى ١٤ آذار ومعها الحزب التقدمي الاشتراكي موقفا واحدا من القضية، ومواجهة “المناخ” السابق، منع تهريب سماحة من عقوبة كان يستحقها، كما منع “حزب الله” من مواصلة الضغط على المحكمة العسكرية من دون رادع. أما وقد صححت المحكمة العسكرية الخطئية السابقة، فقد حق لنا ان نثير موضوع محاكمة أكبر وأهم، هي محاكمة قتلة رفيق الحريري أمام المحكمة الخاصة بلبنان، التي نراقبها وهي تعمل بمنهجية وهدوء للتوصل الى إصدار أحكام بحق القتلة، وربما من يقف وراءهم. فهذه المحكمة الواقعة في إحدى ضواحي مدينة لاهاي الهولاندية، تسير خطوة خطوة نحو هدفها القاضي بإحقاق عدالة دولية في قضية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وعدد آخر من الجرائم الارهابية التي يتوقع صدور قرارات ظنية في شأنها قبل نهاية العام الحالي. لا يشك عاقل واحد في أن مصطفى بدر الدين وشركاءه الظاهرين في القضية، وغيرهم من الشبكات المتورطة في العملية، يقفون خلف اغتيال الحريري. ولا يشك أحد في أن بدر الدين لم يقم بالعملية وحده من دون قرار مركزي من قيادة “حزب الله”. ولا يشك أحد في أن قرار اغتيال الحريري اتخد على أعلى مستوى في قيادة الحزب الامنية، بالشراكة مع النظام السوري. ولا يشك أحد في أن بدر الدين نفذ أمرا مركزيا باغتيال رفيق الحريري. ومع أن أحدا لا يتوقع أن تصل المحكمة في لاهاي الى تفكيك كل خيوط الجريمة، وان تتوصل الى وضع يدها على ادلة دامغة في حق كل من تورط في الجريمة من القرار الى التنفيذ، فإن مجرد صدور حكم متوقع في حق بدر الدين ورفاقه سيكون بمثابة الإصبع التي تتوجه بالاتهام المباشر الى “حزب الله”، بإعتباره منفذ جريمة اغتيال الحريري وربما غيره من الشخصيات. وإيماننا انه مهما طال الزمن سيأتي يوم وتنتصر العدالة، إما بالقبض على المجرمين ومن وراءهم، وإما بنزول سيف العدالة الالهية عليهم في يوم ما او في مكان ما.