ميشال سماحة في السجن.. خطوة متواضعة
خيرالله خيرالله/العرب/11 نيسان/16
أن تعيد المحكمة العسكرية في لبنان النظر في الحكم المخفف الذي صدر على الوزير السابق ميشال سماحة، ليس سوى خطوة أولى متواضعة على طريق طويل يستهدف استعادة الدولة اللبنانية. فإحقاق العدل وانتصار القانون هما في أساس نجاح الدول، بل في أساس مفهوم الدولة. لا يزال لبنان بعيدا جدا عن هذا المفهوم المتعارف عليه عالميا، ومنذ زمن طويل، في ظلّ رفض “حزب الله” تسليم “قديسيه” المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. المهمّ أن خطوة متواضعة لكنّها ذات مغزى سياسي، تحقّقت بعيدا عن المزايدات. تحقّقت الخطوة بطريقة منهجية فرضت أخيرا على القضاء العسكري إعادة النظر بالحكم. حصل ذلك في الإطار القانوني الذي يؤكد أن هناك بقايا دولة في لبنان وأنّ هناك مؤسسات لا يزال بعضها يعمل وإن بحياء وخجل. عاد ميشال سماحة إلى السجن وهو “مكانه الطبيعي” على حد تعبير الرئيس سعد الحريري، زعيم “تيار المستقبل” الذي لديه أكبر كتلة في مجلس النوّاب اللبناني، وهي كتلة تضمّ نوابا من كلّ الطوائف والمذاهب والمناطق. هذه الكتلة، لعبت مع وزراء “تيار المستقبل”، في مقدّمتهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، وقواعده الشعبية دورا في الضغط من أجل الوصول إلى إعادة النظر في الحكم عبر محكمة التمييز العسكرية وذلك كي لا تبقى الجريمة المرتكبة من دون عقاب.
كان مطلوبا إعادة ميشال سماحة إلى السجن، أقله لسبب واحد، هو أن الجريمة التي ارتكبها تستأهل في أقلّ تقدير العقوبة القصوى المنصوص عليها في القوانين المعمول بها في لبنان. هل من جريمة أكبر من جريمة تهريب متفجرات مصدرها جهاز أمني سوري على رأسه اللواء علي المملوك لتنفيذ مجازر في لبنان بغية إثارة الفتن الطائفية والمذهبية، مع استهداف خاص لرجال دين من السنّة ومن المسيحيين؟
كان التساهل مع ميشال سماحة جريمة أكبر من الجريمة التي ارتكبها الوزير السابق، وذلك على الرغم من أن الرجل يعاني، بكلّ تأكيد، من مرض نفسي جعل منه يستسهل إهراق دماء الآخرين. هذا المرض النفسي لا يبدو حديثا لدى ميشال سماحة الذي لجأ منذ شبابه إلى استخدام العنف، حتّى عندما كان طالبا “كتائبيا” في قسم إدارة الأعمال في الجامعة اليسوعية. بفضل ضغوط مارسها اللبنانيون الشرفاء، استعاد القضاء العسكري بعضا من هيبته ومن هيبة المؤسسة العسكرية. هذه المؤسسة التي يُفترض أن تكون في خدمة اللبنانيين، جميع اللبنانيين، وليس في خدمة هذه الميليشيا المذهبية أو تلك.
ما حصل كان انتصارا للبنان أوّلا، وللمؤسسة العسكرية وللقضاء العسكري ثانيا وأخيرا. لا شكّ أن “تيّار المستقبل” حظي بدعم كبير من قوى عدّة من أجل الوصول إلى النتيجة المتوخاة. لكنّ قوى معيّنة كانت في الماضي تنادي بالسيادة ودولة القانون، على رأسها جماعة الجنرال ميشال عون، اختارت الصمت حيال كل ما له علاقة بجريمة ميشال سماحة وما أحاط بها. في المقابل اتخّذ حزبا “الكتائب اللبنانية” و”القوات اللبنانية” موقفا شجاعا من القضية وسط دعوات إلى إعادة النظر في صلاحيات القضاء العسكري الذي استخدم بشكل سيء منذ بدء عهد الوصاية السورية على لبنان في خريف العام 1990. هذا العهد الذي مهّد له ميشال عون عندما أدخل الجيش السوري إلى قصر بعبدا ووزارة الدفاع في اليرزة… بعدما رفض تسليم المقرّ الرئاسي إلى الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوّض مسهّلا على النظام السوري مهمّة قتله.
إلى أيّ حدّ يمكن البناء على إعادة ميشال سماحة إلى السجن، بعيدا عن الشعارات والمزايدات، ومن دون تجاهل أنّ ثمن توقيف الوزير السابق وكشف مخطّط سماحة ـ المملوك كلُّف، من بين أمور أخرى، اللواء وسام الحسن حياته. جريمة اغتيال وسام الحسن، الذي لعب دورا أساسيا في تعريف اللبنانيين بمن هو ميشال سماحة وما هي حقيقته، وقعت بعد شهرين من توقيف الوزير السابق استنادا إلى أدلّة بالصوت والصورة واعترافاته الشخصية.
يفسّر الربط القائم بين كشف مخطط سماحة ـ المملوك واغتيال وسام الحسن حرص الرئيس سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق على التوّجه فورا إلى حيث ضريح وسام الحسن لقراءة الفاتحة على روحه. هذا بعض من وفاء للدَّيْن الذي لوسام الحسن على لبنان واللبنانيين جميعا. ليست إعادة ميشال سماحة إلى السجن سوى بداية تشير إلى أن الدولة اللبنانية لم تستسلم نهائيا بعد. لا بدّ من حلقة أخرى تندرج في السياق ذاته. تتمثّل هذه الحلقة في كشف بعض التفاصيل المعروفة التي في حوزة التحقيق في ظروف اغتيال وسام الحسن، والجهة التي نفّذت والتي يبدو أنّها معروفة أكثر من اللزوم.
لم يكن استهداف وسام الحسن جريمة عادية بأيّ شكل، ذلك أن رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي كان هدفا واضحا وقديما لكلّ من يسعى إلى القضاء على ما بقي من الدولة اللبنانية. لا تزال شعبة المعلومات، بفضل الدور الذي تؤديه في حماية الأمن الوطني، النقطة التي تركّز عليها الجهات التي تعمل من أجل الانتهاء من مؤسسات الدولة، بما في ذلك قدرتها على ملاحقة المجرمين من أجل تقديمهم للقضاء. لا تزال شعبة المعلومات مستهدفة لأنها رفضت الرضوخ للأمر الواقع واعتبار ميشال سماحة قدّيسا آخر من قدّيسي “حزب الله”. ليس من أجل وسام الحسن وحده أُعيد ميشال سماحة إلى السجن. أعيد إلى السجن من أجل أن يحيا لبنان ومن أجل أن يستعيد اللبنانيون بعض الأمل بأن البلد لا يزال يقاوم.
فوق ذلك كلّه، قد تساعد عودة ميشال سماحة إلى السجن في تحسين النظرة العربية، والخليجية تحديدا، إلى لبنان، إلى مؤسسة الجيش خصوصا. فصورة المؤسسة تخدّشت بعدما أطلق القضاء العسكري سراح الوزير السابق في كانون الثاني ـ يناير الماضي. وثمّة من يعتقد أن التساهل الذي أبداه القضاء العسكري مع ميشال سماحة، كان من بين أسباب تجميد الهبة السعودية للجيش في شباط ـ فبراير الماضي. في كلّ الأحوال، لسنا سوى أمام بداية لبنانية جديدة، لكنّها خجولة، في وقت لا يبدو “حزب الله” مستعدا للذهاب بعيدا في المواجهة مع اللبنانيين الآخرين الذين اعترضوا بأكثريتهم الساحقة على إطلاق ميشال سماحة. يمكن أن يكون ذلك عائدا إلى أنّه يستعد منذ الآن لمرحلة الانسحاب من سوريا بعدما صار بشّار الأسد عبئا على أولئك المصرّين على بقائه في دمشق… كما قد يعود إلى أن الحزب، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري الإيراني” عناصره لبنانية، منصرف إلى مهمّات قومية. تشمل هذه المهمّات، التي تحدّدها إيران، دولا مثل سوريا والعراق والكويت والبحرين وصولا إلى اليمن ودول أخرى. تتجاوز هذه المهمّات لبنان الذي، ربّما، لم يعد الحزب يريد الغرق في متاهاته من نوع متاهة ميشال سماحة. لذلك، نجده يكتفي في الوقت الحاضر بمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية!
القمة الإسلامية تجدّد إدانة التدخّلات الإيرانية
ثريا شاهين/المستقبل/11 نيسان/16
تبدأ اليوم في اسطنبول الاجتماعات التحضيرية لأعمال القمة الإسلامية، التي سيشارك فيها ملوك ورؤساء الدول الإسلامية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، وستكون في مقدمة مواضيع البحث تطورات الوضع في المنطقة ومكافحة الإرهاب. وتجري مشاورات مكثفة بين الدول الأعضاء للخروج ببيان ختامي واضح يحوي رسائل سياسية متعددة. وأفادت مصادر ديبلوماسية معنية، أن البيان سيتضمن إدانة للتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، وهو الأمر الذي تطرحه المملكة العربية السعودية. والفقرات المتصلة بذلك شبيهة بما صدر عن اجتماع المنظمة في جدة، وعن جامعة الدول العربية. إنها إدانة أيضاً لهذا التدخل وزعزعة الاستقرار وبث الطائفية. ومن المقرر أن يُتخذ هذا الموقف على الرغم من الحضور الإيراني في القمة. وأوضحت المصادر أن تركيا ستتسلم من مصر رئاسة القمة، وقد تأكد حضور وزير الخارجية المصري إلى اسطنبول حتى الآن، فيما حظوظ حضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مرتفعة بنسبة 90 في المئة. وحضوره يعني بداية مرحلة جديدة وإيجابية من العلاقات المصرية التركية بناء على نتائج الزيارة التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة أخيراً، والدور الذي يؤديه في هذا المجال، بحيث تكون القمة مناسبة لإيجاد تسوية بين الطرفين، ووضع حد للعلاقات المتوترة بينهما، وهذا أمر غير مستبعد، ما قد يؤدي الى حصول مفاجأة. ولكن إن لم يحصل ذلك، فسيعمل وزير خارجية مصر على تسليم الرئاسة للأتراك. ولفتت المصادر إلى أنه لن تصدر عن القمة قرارات، إنما بيان، لا تزال المشاورات حوله قائمة على أعلى المستويات. ومع هذا البيان سيصدر قرار واحد يتعلق بفلسطين والقدس، من حيث الإصرار على مبدأ الأرض مقابل السلام، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، ووقف الاستيطان، وعودة المهجرين الفلسطينيين إلى أراضيهم. أما في البيان الختامي، فعدا عن إدانة التدخلات الإيرانية، هناك العمل لمكافحة الإرهاب، ومعالجة موضوع الخوف من الإسلام، واتخاذ موقف من الصراع الأرمني الأذربيجاني، والموضوع اليمني ودعم العملية السياسية، فضلاً عن السودان والعراق. وأشارت المصادر الى أن دولاً إسلامية عدة ستعمل على السعي إلى ترطيب الجو المتلبد السائد بين الرياض وطهران، وتخفيف الاحتقان. فالمساعي واردة حسب مصادر ديبلوماسية، ولكن من المستبعد القبول السعودي بها، لأن ما يهم المملكة هو أن تلتزم إيران بأقوالها، وأن تتطابق مع أفعالها. وسيندرج في البيان الختامي أيضاً ما يتصل بلبنان، إذ سيتم التضامن معه في صراعه مع إسرائيل، وإدانة انتهاكاتها للقرار 1701، والإشادة بالحوار الداخلي الحاصل والسياسة المتبعة بالنسبة إلى النأي بالنفس. وهناك فقرة متصلة بشكر القمة لكل دول الجوار على تقديم العون والمساعدة إلى اللاجئين السوريين، الى حين عودتهم إلى بلادهم.
وتوقعت المصادر أن يحصل في القمة تقدم ملموس في موقف لبنان، الأمر الذي يشكل بداية لتسهيل علاقاته مع دول الخليج، الذي يريد أن تكون المواقف التي ستُسجل على الورق في المناسبات السياسية العربية أو الإسلامية أو الدولية، متوافقة مع الموقف العربي. وبالتالي فإن أي اتجاه للموقف اللبناني بالنسبة إلى الخليج مبني على مواقف واضحة وليس على تصريحات كلامية، هو الذي سيعيد النظر في المواقف، ولكن ليس سريعاً إنما في مرحلة لاحقة. ولاحظت المصادر أن حدة الموقف الخليجي تجاه لبنان لم تزد، ولكنها لم تتراجع أيضاً. ويحاول لبنان من جهته إعادة العلاقات إلى مسارها، وسيلتزم قدر الإمكان بالإجماع العربي. فما حصل كبير جداً، والوقت مطلوب لاستعادة مسار العلاقات. وسيكون السفير اللبناني في أنقرة منصور عبدالله في عداد السفراء العرب الذين سيشاركون في استقبال الملك سلمان، على أن يلتحق بأعمال القمة لاحقاً، في حين أن السفير اللبناني لدى المملكة عبدالستار عيسى سيمثل لبنان في الاجتماعات التحضيرية للقمة على مستوى المندوبين، كون المملكة هي مقر منظمة التعاون الإسلامي، والتي تبدأ اليوم وتستمر حتى مساء غد الاثنين ويلتحق بالوفد اللبناني لاحقاً في أعمال القمة كافة. أما الاجتماع الثاني التحضيري للقمة فسيلتئم على مستوى وزراء الخارجية يومي 12 و13 نيسان الجاري، على أن تبدأ القمة في 14 الجاري وتستمر حتى 15 منه. ويشارك في القمة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي يغادر بيروت الأربعاء مع الوفد الوزاري. ويسبقه اليها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لينضم الى اجتماعات وزراء الخارجية. ويعقد سلام وباسيل لقاءات ثنائية مع نظراء لهما على هامش أعمالها.
إيران بين التفاوض و… الصواريخ
الياس حرفوش/الحياة/11 نيسان/16
الجدل الذي ظهر في الإعلام خلال الأيام الماضية بين الرئيس الإيراني حسن روحاني وقادة «الحرس الثوري» حول الطريقة الأفضل التي يفترض أن تقدّم بها إيران نفسها الى العالم وتتعاطى معه، يؤكد مرة أخرى مدى القلق لدى من يعتبرون أنفسهم مؤتمنين على تراث الثورة الإسلامية وإرثها من أي انفتاح يمكن أن تؤدي إليه خطوات روحاني، ومدى الخوف من «تسلل» الولايات المتحدة الى إيران، وفق التعبير الذي استخدمه قائد «الحرس» محمد علي جعفري لوصف ما يتوقعه من نتائج لسياسة روحاني والتيار الموصوف بـ «الليبرالي» في إيران.
وهكذا، فعلى رغم مضي 37 عاماً على الثورة، لا تزال إيران تبحث عن النهج الأنسب لتعاطيها مع العالم. كأنها لا تزال في مرحلة البدايات. ولا يمكن تفسير القلق حيال سياسة الانفتاح سوى بأنه يعود الى عدم ثقة قادة التيار المحافظ بقدرتهم على حماية بلدهم وشعبهم، ممّا يصفونها بمحاولات لتخريب ما يعتبرون أنهم حققوه من مكتسبات بعد الثورة. يذكّر حجم القلق هذا بالرعب الذي كان يسيطر على عقول وتصرفات قادة دول المعسكر الاشتراكي في زمن الكتلة الشرقية برعاية الاتحاد السوفياتي حيال التعاطي مع العالم الغربي. لهذا الغرض، كان الجواسيس يرافقون كبار المسؤولين والديبلوماسيين خلال زياراتهم الى العواصم الغربية لحمايتهم من «أخطار» الانزلاق الى ما يشكل خطراً على العقيدة الشيوعية أو على مصالح المعسكر الاشتراكي آنذاك. وبالطبع، فإن سياسة الانغلاق تلك مع ما رافقها من جاسوسية وإعدامات بحق المخالفين لم تمنع انهيار الاتحاد السوفياتي وتوابعه، لأن من الصعب على أي نظام أن يغلق رياح التغيير عن شعبه الى الأبد. في إيران يحصل شيء غير بعيد عن هذا. فالأيديولوجيا الجامدة التي تتحكم برؤية المرشد الإيراني وقادة «الحرس الثوري» من ورائه تخالفها الآن رؤية اكثر رغبة في التعاطي مع العالم وفي الانفتاح عليه. وربما كان كثيراً أن يوصف حسن روحاني بغورباتشوف إيران، بسبب القيود المفروضة عليه، وبسبب تحكم المرشد علي خامنئي بالمسار الأخير للقرارات، لكن حديث روحاني المتكرر عن حاجة القادة الإيرانيين الى الثقة بأنفسهم وضرورة التحدث الى العالم، وعن أهمية اتباع سياسة الاعتدال التي يمكن أن تحقق أهداف إيران بطريقة أسرع من سياسة التهديد والإكراه، كل هذا يوحي بأن عقل الرجل في مكان آخر بعيد تماماً عما ينظّر له قادة التيار المتشدد في إيران. تفاعل الصراع بين النهجين، منذ توصلت الحكومة الإيرانية ممثلة بروحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف الى الاتفاق النووي مع الغرب. في البداية، شعر خامنئي والمناوئون للمفاوضات من جماعة «الحرس الثوري» أنه يمكن توظيف المهارات الديبلوماسية لروحاني وظريف لإنقاذ النظام الذي باتوا يخشون عليه من أن يتهاوى تحت ضغط العقوبات. ولكن الباب الذي فتحه الاتفاق أمام المؤسسات والشركات الغربية للاستثمار في إيران أخذ يثير قلق الجهات المحافظة داخل النظام، وهي جهات كانت تعتبر على مدى العقود الأربعة الماضية أن إغلاق النوافذ وبناء الجدران قد يحولان دون أي «تغلغل» خارجي غير مستحب الى الأفكار وطرق العيش وكل مجالات الحياة التي تريدها الثورة الإيرانية لشعبها. وبينما أراد روحاني أن يوظف الاتفاق النووي كنموذج للعلاقات الطبيعية التي يمكن أن تقوم بين إيران وسائر الدول، رد عليه قائد «الحرس الثوري» بالقول أن من يرون الاتفاق النووي نموذجاً يعانون من قصر نظر وإذلال للذات. ثم وجه تهديداً واضحاً الى روحاني بالقول: الأفكار السياسية المنافية للثورة الإسلامية لن تدوم، حتى لو هيمنت في مرحلة معينة على الحكومة… هذا الصراع أصبح معروفاً في إيران بالصراع بين «عهد التفاوض»، ممثلاً باتجاه روحاني، و «عهد الصواريخ» الذي يعبر عنه خطاب «الحرس الثوري». والمدهش هنا هو الانحياز الكامل في موقف خامنئي الى «الحرس» والانتقاد غير المبطن لسياسات الرئيس. يقول خامنئي: من يتحدث عن المستقبل باعتباره عهد التفاوض لا الصواريخ هو إما جاهل أو خائن… عصرنا هو كل شيء، الصواريخ والمفاوضات ايضاً، وإلا ضاعت حقوق الشعب بسهولة.
صراع مرشح للتفاعل، ما يعني أن القلق من سياسات إيران سيمتد الى سنوات مقبلة، بانتظار أن تهيمن سياسات التعقل على نهج المتطرفين الذين يتحكمون اليوم بالقرار الإيراني.