صفعتان على وجه حزب الله: بعلبك والهرمل قالتا «لا»
علي الأمين/جنوبية/ 9 مايو، 2016
حزب الله بدل ان يطوّع المجتمع المحلي نجح هذا المجتمع في فرط حزب الله داخل العديد من القرى والبلدات. حيث بدا مرشحوه في لوائح متقابلة.
آثار صفعتين كبيرتين بدتا ظاهرتين على وجه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الساعة 11 من صباح الإثنين، بعدما أجّله من الساعة 11 من ليل الأحد.
الصفعة الأولى تلقّاها في مدينة الهرمل، بسقوط رئيس إتحاد بلديات الهرمل ورأس اللائحة مصطفى طه، في الانتخابات البلدية داخل بلدته. والثانية في مدينة بعلبك حيث فازت لائحة حزب الله بـ54 % من عدد أصوات الناخبين، لتحالف مكوّن من حزب الله وحركة أمل والحزب القومي السوري واتحاد قوى الشعب العامل ومؤسسة مخزومي وجمعية المشاريع (الاحباش) والحزب الشيوعي اللبناني والتيار الوطني الحر واميل رحمة وتجمع اللجان والروابط وحزب البعث. كلّ هؤلاء قال لهم “لا” 46 % من الأصوات التي ذهبت إلى لائحة العائلات.
مع ذلك خرج الشيخ نعيم قاسم، في مؤتمر صحافي، وأعلن انتصاره.
عندما قرّر حزب الله خوض الانتخابات البلدية بالتحالف مع حركة امل، كان الهدف من هذا التحالف تزكية اللوائح المشكلة من هذا التحالف، وعدم الدخول في عملية انتخابية يحكمها التنافس الانتخابي الذي يكشف الاحجام الفعلية سواء لحزب الله أو حركة أمل او المستقلين، ومنهم العائلات.
لكنّ اللافت في منطقة بعلبك – الهرمل حصول معارك انتخابية وتنافس جدي. وقد برزت ظاهرة غير مسبوقة على صعيد البنية التنظيمية لحزب الله. فالتكليف الشرعي الذي يستخدمه حزب الله لإلزام الناخبين انتخاب مرشحيه، (باعتبار الامام المهدي هو الذي يقود لوائحه البلدية او النيابية) لم ينجح في العديد من الدوائر. وكان المحازبون اول من خرج عليه من خلال الخروقات.
حزب الله لم يستطع في الانتخابات البلدية، في كل بلدات البقاع، الاتيان بلائحة من الحزبيين. في الانتخابات النيابية مثلا لا يخطر في بال حزب الله تسمية نواب شيعة من غير محازبيه. بمعنى انه لا يعتبر غير المحازبين، حتى لو كانوا مؤيدين له ومن انصاره، مؤهلين لأن يسميهم في كتلة الوفاء للمقاومة. هذه العقلية هي الاساس لدى الحزب. فإذا كان قادرا على تسمية المحازبين وضمان نجاحهم فهو لا يمكن ان يأتي بغير المحازبين.
في بعلبك – الهرمل، رغم التحالف مع حركة امل وبقية أحزاب 8 آذار، ورغم الضخّ المالي في العملية الانتخابية وشراء الاصوات، كشفت الانتخابات البلدية أنّ هذا التحالف حقق فوزا في نحو 45 بلدية، وعجز في نحو 20 بلدية عن تشكيل لائحة. فانقسم محازبوه بين اللوائح ترشيحا وانتخابا. وفي هذه الناحية يمكن ملاحظة ان حزب الله بدل ان يطوّع المجتمع المحلي نجح هذا المجتمع في فرط حزب الله داخل العديد من القرى والبلدات. حيث بدا مرشحوه في لوائح متقابلة.
هذا ليس مجال افتخار لحزب الله بل دليل ضعف، كما حصل في بدنايل على سبيل المثال. إعتماد حزب الله هذه الطريقة لم يكن سببه ترك الخيار للعائلات، بل لأنّه لاح أمامه احتمال الهزيمة أمام المجتمع المحلي فتراجع مرغما لا ترفّعاً.
في بريتال وفي بعلبك أدرج الشيخ نعيم قاسم المعركتين في إطار سياسي. نسب الاعتراض السياسي في البلدتين لا يستهان بها. في بريتال استخدم المال وجرى ابتزاز عوائل الشهداء، واستحضر الامام المهدي، وتم استخدام وسائل رخيصة من قبيل طلب حلف اليمين من ناخبين وناخبات من اجل الاقتراع للائحة حزب الله. وطلب ممن كان يشكّ بخياراتهم أن ينتخبوا بطريقة علنية واستخدم المال الانتخابيمع المحتاجين بطريقة مؤسفة.
أما في بعلبك فالتحالف الذي أداره حزب الله بالعصبية والمال وتحت سطوة السلاح والسلطة الفعلية، أظهر بوضوح أنّ حجم الاعتراض على حزب الله أكير من حجم التأييد له. ولو ترك الأمر للناس بلا ضغوط لخسر الحزب بفارق معقول.
46 % هو رقم كبير وتاريخي، رغم الإمكانات البسيطة وغياب الدعم المالي والسياسي والإقليمي. حالة الاعتراض باتت 46 % في بعلبك والهرمل، وليست بين 10 و 30 % كما كان يسوّق، بخفر، المعترضون على حزب الله وعلى الثنائية الشيعية.
إنتخابات البقاع اظهرت أنّ المجتمع المحلي، الذي تجرأ على سطوة الحزب وسلاحه وماله، وعلى التعبئة المذهبية وشعارات التخويف من داعش واخواتها، أظهر أنّ المستقلين الذين يرفضون ويقاومون سطوة حزب الله حالة لا يستهان بها.
اليوم نشهد تقهقر حزب الله في بيئته، في خزّان مقاتليه وبيئته الحاضنة، بين بعلبك والهرمل. سقطت أسطورة التكليف الشرعي جزئيا، وسقطت سطوة “دم الشهداء”. وبات الأهالي يعرفون أن حزب الله، ومسؤوليه خصوصا، يريدون “ابتلاع” المغانم والمناصب.
في بيروت كان للائحة “بيروت مدينتي” دعم شعبي ورسمي وسياسي ومالي، ورغم ذلك خسرت بفارق كبير أمام تيار المستقبل، المفلس ماليا، والمأزوم سياسيا. أما في بعلبك فكاد حزب الله يخسر أمام بعلبك مدينتي، لكن “باللحم الحيّ”.
ياغي: حزب الله اضطر ان يستخدم الرشاوي في بعلبك
سهى جفّال/جنوبية/9 مايو، 2016
كما كانت التوقعات شهد الاستحقاق البلدي بقاعا معركة “كسر عظام”، وعلى الرغم من فوز اللوائح المدعومة من تحالف “حزب الله” وحركة “أمل” في معظم المدن وخصوصاً في بعلبك وبريتال والهرمل، إلا أنه لم يكن استحقاق أمس يوما سهلا على الثنائي الشيعي.
عكست نتائج الانتخابات البلدية في منطقة البقاع مدى دقة الوضع، حيث فازت لائحة “الوفاء والتنمية” المدعومة من حزب الله في مدينة بعلبك بكامل اعضائها الواحد والعشرين بفارق 700 صوت فقط عن أول الخاسرين في اللائحة المنافسة “بعلبك مدينتي” التي يرأسها رئيس البلدية الأسبق غالب ياغي والمؤلفة من ممثلين عن العائلات.
واستنادا الى الماكينات الانتخابية للاحزاب، فانه حوالي 46% من أهالي مدينة بعلبك أدلوا بأصواتهم ضد حزب الله إذ لم يتمكن الحزب من جذب أصوات أهالي بعلبك لصالحه على الرغم من حشد طاقته للتحالف مع “أمل” و”القومي” و”البعث” و”التيار” و”جمعية المشاريع” لخوض المعركة ومبارزة لائحة ياغي المتمايزة سياسيا.
هذه النتيجة، رأى فيها المراقبون بمثابة فضيحة كبيرة لحزب الله، لأن هذا الرقم يعكس انحسار القاعدة الشعبية للحزب في المدينة بشكل كبير بحيث بات يمكن الجزم أن بعلبك بدأت تشهد انقلابا تاريخيا وهو الذي فاز في دورة 2010 ، بفارق بين آخر الفائزين وأول الخاسرين بنحو 1500 صوت في وجه لائحة ياغي.
لم يكن فقط انحسار الفارق هو البارز فحسب، انما أيضًا تشكيل حزب الله تكتل حزبي واسع في مواجهة اللائحة المنافسة بخلاف المرة السابقة حيث كانت اللائحة مدعومة من أمل وحزب الله فقط.
وفي هذا السياق، علق المرشح المنافس للحزب غالب ياغي على نتيجة الاستحقاق لـ “جنوبية” أنه “بمجرد الوقوف بوجه هذا التكتل الكبير واحراز هذا الفارق يعتبر نصرا كبيرا لنا. خصوصا أننا حققنا هذه الأرقام من محبة الناس ولن نلقى دعما من أي جهة كانت”.
وأشار ياغي إلى أنه ” كان التوقع من قبلنا فوز لائحة بعلبك مدينتي واحداث الحزب وحلفائه خروقات، لكن عنصر المال لعب دوره أمس باعطاء الرشاوي مقابل التصويت للائحة الحزب”.
وتابع “لا نود أن نظهر وكأننا نبرر الخسارة لكن نحن نعتبر أننا فعلنا ما يجب فعله للحفاظ على كرامة بعلبك التي أصبحت مهمشة وتعاني من تردي الأوضاع المعيشية والامنية، بسبب هيمنة الحزب”. مشيرا الى أنه “تسود في بعلبك نقمة كبيرة وهذا ما دفعنا لخوض المعركة في وجه تحالف الحزب وأمل”. وأضاف “لا أريد أن الوم الناس لكن الجوع كافر”.
وخلص ياغي بالتأكيد إلى أنه “ما من شيئ يؤثر على مبادئنا واننا باقون على مواقفنا ازاء التجاوزات والهيمنة القائمة”. شاكر جميع من وقف إلى جانب لائحته المستقلة بالرغم من كل الضغوطات والمضايقات التي مورست عليهم”.
ومن جهة أخرى، شكلت لوائح العائلات مأزقا كبير لحزب الله بعدما زاحمته في المعارك البلدية في بريتال واللبوة، وقرى وبلدات أخرى وصولاً إلى الهرمل، حيث تدنت نسب الاقتراع في هذه المدينة فضلاً عن إشكالات وإطلاق نار كما تردّد.
إلى ذلك، ترجم تراجع “حزب الله” بلديا بقاعا مع تراجع نسبة البلدات التي فازت بالتذكية، ففيما سجلت في العام 2010، محافظتا البقاع وبعلبك- الهرمل، أعلى نسبة مجالس بلدية فازت بالتزكية. إذ فاز من أصل 155 مجلساً بلدياً 55 بالتزكية، أي ما نسبته 35.5 في المئة. انخفضت النسبة في الدورة الحالية، فلم يفز بالتزكية غير 17 مجلساً، في حين أجلت الانتخابات في 4 بلدات، هي تربل (إلى حين فصل سجلاتها عن إشهابية الفاعور، وهي بلدة مستحدثة) وعين عطا وحوش الحريمي وجديتا.