إيران وإسرائيل و.. «اللاعداء» التاريخي
علي الحسيني/المستقبل/12 حزيران/16
يُمكن للقارئ بين سطور العلاقات الدولية والمبادرات التي تتخذها كل دولة بعد المواقف الحادة والمُتشنّجة التي تصدر عنها، أن يُدرك بأن كل الحروب الكلامية والمواقف المُشتعلة بين ايران وإسرائيل والتي تصل في كثير من الأحيان إلى «تصادم» إيحائي، ما هي سوى فرقعات في الهواء أو على أبعد تقدير مناوشات سياسية لحرف الأنظار ربما عن ما هو أبعد بكثير من مسألة، إحتلال و»مقاومة» و»عدو تاريخي» إلى آخر المعزوفة المعروفة والتي أكل عليها الدهر وشرب.
أمس الأوّل كشف الدكتور شاهين دادخواه العضو السابق في الفريق النووي الإيراني المفاوض ومستشار الرئيس الحالي حسن روحاني ابان رئاسته للمجلس الأعلى للأمن القومي، أنه «التقى وزير الصناعة الإسرائيلي ومسؤولين رفيعي المستوى في جهاز الاستخبارات «الموساد«. وقد جاء هذا الإعتراف من رجل سبق أن شغل مواقع عدة في ايران أبرزها: مسؤول في فرع الاستخبارات في وزارة المخابرات وعضو سابق في الوفد المفاوض خلال المحادثات الثلاثية الإيرانية الأميركية الأفغانية، ليؤكد العلاقة التي تجمع بين ايران وإسرائيل منذ سنوات طويلة على عكس ما يدعيه الطرفان من عداء واستنفارات وإنذارات بالحروب. وما يُعزّز هذه العلاقة وتطورها، اعتراف دادخواه بأنه «زار تل أبيب عام 2010 بتكليف رسمي من النظام الإيراني«.
وهذه ليست الفضيحة الأولى من نوعها التي تطال إيران ونظامها، فقد سبق أن اهتز هذا النظام عقب الفضيحة المدوية المتعلقة بشراء أسلحة أميركية لقاء إطلاق سراح بعض الرهائن الأميركيين الذين كان يحتجزهم «حزب الله» و»الجهاد الإسلامي» في لبنان في العام 1985 في عهد الرئيس الاميركي رونالد ريغن، وفي تلك الأثناء كان الإمام الخميني قد عمّم على «شعبه« شعارَي «الموت لإسرائيل« و»الشيطان الأكبر». يومها برّر النظام الإيراني المحكوم بقبضة «خُمينية»، هذه العملية بأنها «حاجة ضرورية للحرب التي نخوضها ضد العراق« الذي كان مدعوماً حينها من معظم الدول العربية.
ومما قاله دادخواه، أنه تباحث مع بعض المسؤولين الأمنيين وغير الأمنيين الإسرائيليين بهدف ضمان المصالح الإيرانية، وأنه قدم تقريراً عن نتائج زيارته لكبار المسؤولين الإيرانيين. واتهم كذلك وزارة المخابرات الإيرانية بعدم الكشف عن القتلة الحقيقيين للعلماء النوويين الإيرانيين، حيث قال إن «قتلة شهدائنا النوويين هم أحياء، ويترددون الى شوارع طهران يومياً، ويستهزئون بنا، وحتّى اليوم لم نسمع عن مُحاكمة هؤلاء». والمفارقة هنا، أن ايران كانت شهدت منذ سنوات قليلة، موجة من الإغتيالات طالت مجموعة من العلماء النوويين، بينما كان يكتفي النظام الإيراني بالإستنكار وتوجيه الإتهام لإسرائيل أو إلى جماعات تعمل لحسابها، بالإضافة إلى إضفائه على الموضوع بعض «الأكشن» مثل التعهد بالإنتقام من إسرائيل وحلفائها.
ليس سراً أو معلومة تُكشف، إذا قيل إن إيران لم تُنشئ «حزب الله» إلا لتحقق أهدافها في المنطقة، والجغرافيا التي وضعت الحزب على الحدود مع إسرائيل، إستغلتها إيران بما يزيد على ثلاثة آلاف شهيد لبناني دفعوا دماءهم ثمناً لمشروعها، إذ إنه ومنذ ان إشتعل «العداء» الإيراني لكل من إسرائيل واميركا، لم توجّه بندقيتها يوماً صوب هذين «العدوّين»، وهي التي اتكلت على ذراعها (حزب الله) لإشعال الفتن في المنطقة تحت شعار «العداء» للصهيونية العالمية وقد اتخذت من فلسطين شعاراً تستغله خلال المناسبات فقط، ومن الشعب الفلسطيني وقوداً وناراً وكأنه تكامل أدوار بينها وبين إسرائيل لضرب الشعوب المُحتلة، وإلا لكانت تركت الحرية للأكراد في إيران وأهل «الأحواز» في تقرير مصيرهم.
وللتذكير على ترابط العلاقات بين إيران وإسرائيل وقدمها، فقد كان الصحافي الإيراني نادر كريمي نزيل سجن ايفين في طهران، ذكر العلاقات السريّة الحميمية بين البلدين، من خلال مقابلات ولقاءات كان أجراها ما قبل العام 2011، مع عناصر من «الموساد« استمرت 20 ساعة، ومع المخابرات الإيرانية «الاطلاعات»، تخللتها استجوابات وصلت مدتها إلى 200 ساعة ترافق بعضها مع تعرضه لتعذيب جسدي. ويؤكد كريمي أن الحرب بين طهران وتل أبيب لا تتجاوز الحرب الكلامية والعنتريات لإيهام المسلمين أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أحد ألدّ أعداء إسرائيل وأهم حماة الفلسطينيين في العالم«.