“الكتائب”: إستقالة بلا مضمون
منير الربيع/المدن/الثلاثاء 14/06/2016
أعلن النائب سامي الجميل إستقالة وزيري “حزب الكتائب” من حكومة الرئيس تمام سلام. منذ أزمة النفايات، أكثر الجميل وقادة “الكتائب” الحديث عن إستقالة من الحكومة، بقي الأمر في إطار الكلام، التهديد والتلويح. من دون الوصول إلى مراحل التنفيذ. فيما هناك من كان يضعه ضمن إطار المزايدة المسيحية تارة، والتودد إلى تحركات المجتمع المدني تارة أخرى. جاءت لحظة إعلان الإستقالة. لم يردها الكتائبيون أن تمرّ بسلاسة وهدوء، وعلى سلوك رئيسهم الشاب كان التعاطي مع هذا الأمر، إذ بدأت التسريبات منذ الصباح عن التوجه إلى الإستقالة. للإستقالة أهداف عدة، منها ما أعلنه الجميل في مؤتمره الصحافي، الإثنين 14 حزيران، والتي تتلخص في الإعتراض على الشكل الذي تسير فيه أعمال مجلس الوزراء، وما اعتبره الجميل، سياسة التورية والمحاصصة وتقاسم الفساد في كل الملفات، ولا سيما في ملف النفايات. إلا أن مصادر “المدن” تشير إلى أسباب أخرى أدت إلى هذه الإستقالة، أبرزها حسابات كتائبية، وأخرى تتعلق بحسابات مسيحية لا تنفصل عن مسألة النفايات وإقرار الخطة لمعالجتها، بالإضافة إلى الإصرار على إستمرار مطمر برج حمود في استقبال النفايات. يقول الجميل في إنتقاده عمل الحكومة: “لم يكن همهم إيجاد حلول للنزوح السوري ولا حماية القطاع المصرفي ولا الوقوف إلى جانب البلديات، بل كل همهم تمرير الصفقات المشبوهة والمشاريع التي عليها 100 علامة استفهام”. يضيف: “الجميع يعلم أننا وصلنا إلى الإستقالة مرات عدة، لكننا عضضنا الجرح، واستمررنا، ودفعنا من صحتنا وأصررنا على البقاء بخط المواجهة من داخل الحكومة”.
ووفق مصادر “المدن” فإن الحديث الجدي عن هذه الإستقالة، بدأ بعد إنسحاب وزيري “الكتائب” من الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي، على خلفية عدم الأخذ باعتراضهما على خطة النفايات بعين الإعتبار. ومما تكشفه المصادر، أن الجميل طلب قبل أيام إلى النائب ميشال عون دعم خيارات “الكتائب” داخل الحكومة، لمنع التحاصص فيها أولاً؛ وثانياً من أجل التكافل المسيحي، ولا سيما في مسألة إقفال مطمر برج حمود، كي لا يتحول ساحل المتن إلى مزبلة. وتشير المصادر إلى أن عون لم يوافق على طلب الجميل، ما دفع الأخير إلى التفكير جدياً في الإستقالة. وهذا ما كان.
هنا، تلفت مصادر مطّلعة لـ”المدن” إلى أن هذه الخطوة الكتائبية لا تنفصل عن إطار المزايدات المسيحية، إذ إن توجه “الكتائب” يأتي بعد الفوز الذي حققه الحزب في الانتخابات البلدية في المتن. فالكتائبيون باتوا يريدون إظهار أنفسهم في صورة المدافع الوحيد عن المسيحيين وحقوقهم، وبشكل عملي. وهذا ما تربطه المصادر باستمرار المزايدة تحضيراً للانتخابات النيابية المقبلة. فـ”الكتائب” يريد حشر “التيار الوطني الحر” مسيحياً عموماً ومتنياً بشكل خاص، على خلفية مطمر برج حمود.
عليه، تعتبر المصادر، أن “الكتائب” أراد القول للجميع، إنه زاهد بالمناصب، وثابت على مواقفه، في الحكومة، وفي الموقف الرافض للمشاركة بأي جلسة تشريعية في ظل الفراغ الرئاسي، على عكس الأحزاب المسيحية الأخرى، وفي مقدّمها “الوطني الحر” و”القوات”. هذا، في ما يتعلّق بالحسابات المسيحية العامة، أما في ما يتعلّق بالحسابات الكتائبية الداخلية، فتقول مصادر مطّلعة لـ”المدن” إنه بعيد انتخاب النائب الشاب رئيساً للحزب، برزت خلافات بينه وبين الوزير سجعان قزي، خصوصاً في خلال اجتماعات المكتب السياسي، ومنذ تلك الفترة، وبعد اتخاذ المملكة العربية السعودية إجراءات عقابية بحق لبنان وطالت وقف الهبة التي كانت مقدمة إلى الجيش اللبناني، برزت وجهة نظر كتائبية في شأن ضرورة الإستقالة. حينها، إنقسم الكتائبيون بين وجهتي النظر، وقد إستمر هذا الإنقسام حتى اليوم، إذ فرضت الظروف السياسية الإستقالة لحسابات عديدة. علماً أن الإستقالة لن تكون كاملة، بمعنى أن الوزيرين سجعان قزي وآلان حكيم، سيستمران في الذهاب كلٌّ إلى وزارته وتسيير شؤونها وتوقيع القرارات اللازمة، وسيكتفيان بمقاطعة الجلسات الحكومية. ما يعني تحوّلهما إلى وزيري تصريف الأعمال، في ظل غياب رئيس الجمهورية المخول قبول الإستقالة. وفيما يعتبر ذلك نوعاً من تسوية بين وجهتي النظر، تلفت مصادر حكومية لـ”المدن” إلى أن الإستقالة لن تؤثر على عمل الحكومة، ولا على إستمراريتها. وإذ لا تنفي المصادر إنزعاج الرئيس تمام سلام من الوضع الذي وصلت إليه الأمور، تلفت إلى أن سلام سيستمر في إتصالاته مع الجميل بغية العودة عن الإستقالة.