ضرب في الميت
راشد فايد/النهار/21 حزيران 2016
لا استقالة وزير الكتائب آلان حكيم، وقبلها استقالة وزير العدل أشرف ريفي، ولا عدم استقالة وزير العمل سجعان قزي، تغيّر في تقدير المواطنين أهمية وجودها، ودورها. فالجميع يعرف أنها ولدت، أساساً، نتيجة تواطؤ ضمني على ضرورة “إنجابها”، تلافيا لسلبيات استحالة انتخاب رئيس جمهورية بعد الرئيس المنتهية ولايته العماد ميشال سليمان، والتي كانت ترتسم في الأفق السياسي، المحلي والإقليمي. وكل كلام غير ذلك سفسطة وتجزية وقت. كان واضحاً أن حزب الأمين العام “تساهل” في الوصول اليها، لأنه يبيت الفراغ للبلاد، حدا أقصى لما يمكن أن يقدمه للولي الفقيه في ايران، اضافة الى ولوغه في دماء السوريين والعراقيين واليمنيين (يمكن اضافة ما ستكشفه الوقائع في المقبل من الأيام).
يناسب الحزب، وخلفه طهران، أن يبقى لبنان عالقاً بين العافية والمرض: لا هو سقيم، لا أمل في شفائه، ولا هو معافى قادر على أن يعالج شؤونه كدولة وكوطن. والقوى السياسية جميعاً متفاهمة على تجميد الصورة، خوفاً من الأسوأ لدى البعض، وعدم توافر الظرف السياسي الاستراتيجي للآخر، أي الحزب. فالأخير يرهب خصومه بالإيحاء الدائم بقدرته على قلب الطاولة، مستفيداً من أثلام شقها في المشهد الوطني يوم 7 أيار 2008، ومع “القمصان السود” في 2011، فباتت ذكراهما كاختبار بافلوف، وصار كل احتمال لتضرر ولائه لإيران، يحرك “عصا” اعتدائه على الآخر، وبات كل “تنازل” يقدمه، ولو وهمياً، مكسباً للدولة والوطن، كما حال الخطة الأمنية التي هلّل لها الجميع ولم تظهر، أو “قبوله” اخلاء قرية الطفيل البقاعية، وعدم نحر أهلها، لاستخدامها منطلقاً لعملياته دعماً لنظام بشار الأسد. كل ذلك يفيد بأن الحكومة، منذ ولدت، لم تكن إلا إذعاناً متفقاً عليه، لإملاءات الحزب إياه: لا نقاش في سلاحه، ولا في اعتدائه على الشعب السوري، ولا في تصنيعه الكبتاغون، ولا إدارته المطار والمرفأ، ولا حشو الدولة بأنصاره وأنصار حلفائه، وزيادة إفلاس الخزينة.
والإذعان مغطى برغبة دولية في تجنيب لبنان أي انفجار، وبقاء استقراره الهش. والحال، هذه، فإن هذه الحكومة ولدت هجينة أصلا، لا تشبه أحداً ممن يكوّنها، ولا سيما من فريق 14 آذار المغفور له، وتالياً فإن رئيس حزب الكتائب سامي الجميل لا يبتدع انجازاً في انكار أبوتها، أو بنوتها. وتالياً لا يكفي استقالة وزرائه لمحو موقفه الأساسي يوم جمعت أجزاؤها برضاه. فهي ولدت ميتة والطعن في الميت حرام، ولن تقدِّم استقالة، أو استقالات، في مراوحتها أو تؤخر. المفارقة أن تمام سلام وحده ممنوع من عرض عضلات استقالته،ليس رغبةً في استمرار هذه الحكومة عالقة في برزخ بين العدم والوجود، بل رفض لموت سياسي ينهي البلد.