أطلق ناشطون حملة مناشدة للمنظمات الحقوقية لإنقاذ حياة الداعية الكردي السني المحكوم بالإعدام، شهرام أحمدي، بتهم “الدعاية ضد النظام وتهديد الأمن القومي” عن طريق “الاتصال بجماعات سلفية مسلحة”، رغم نفي أحمدي التهم الموجه إليه في جلسات المحكمة وفي رسائل من السجن إلى المنظمات الحقوقية، قائلا بأنه مجرد ناشط ديني يلقي الدروس الدينية، وفقاً لتعالم الإسلام حسب مذهب أهل السنة والجماعة وبشكل سلمي وعلني”.

وأيد ديوان القضاء الأعلى في إيران، في بداية يوليو الجاري، حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة الثورة ضد أحمدي عام 2012، بعد محاكمة لم تستغرق دقائق.

واعتقل شهرام أحمدي في أبريل 2009، بعد تعرضه لإطلاق النار من قبل القوات الأمنية في طريق عودته من المسجد الذي كان ينشط فيه في مدينته سنندج الكردية إلى البيت، ما تسبب في إصابته بعدة طلقات في الظهر، ونقله إلى المستشفى حيث قام الأطباء باستئصال إحدى كليتيه وجزء من أمعائه.

وقضى 40 شهراً في الزنزانة الانفرادية تحت ضغط المحققين، واتهم بـ”التخابر مع المجاميع والمنظمات السلفية والمشاركة في التخطيط اغتيال إمام جمعة السنة، في سنندج ماموستا برهان عالي”، بالإضافة إلى “الدعاية ضد النظام عن طريق المشاركة في صفوف عقائدية وسياسية، وبيع بعض الكتب والأقراص المدمجة حول تعاليم الإسلام على المذهب السني”، مع شقيقه حامد الذي أُعدم في مارس 2015 وكان بعمر 17 عاما حين اعتقاله مع خمسة آخرين.

وأحيل ملف المتهمين إلى فرع28 لمحكمة الثورة في طهران برئاسة القاضي مقيسة الذي أصدر حكم الإعدام ضد بهرام أحمدي شقيق الداعية شهرام، بالإضافة إلى كل من حامد أحمدي، كل من كمال ملائي وجمشید دهقاني وجهانغیر دهقاني وصديق محمدي وهادي حسيني لاتهامهم بعملية اغتيال الإمام السني المقرب من النظام، حيث أعدمتهم السلطات في بداية 2012.

وأكدت مصادر حقوقية، من بينها منظمة العفو الدولية، أن هؤلاء المعدومين كانوا يمارسون أنشطة مذهبية سلمية من قبيل تنظيم صفوف للدروس الدينية في المساجد السنية في كردستان إيران، إلا أن السلطات نسبت إليهم اغتيال رجل دين سني موال للنظام الإيراني في محافظة كردستان، الأمر الذي نفاه المعدومون.

وكانت حملة الدفاع عن السجناء السياسيين في إيران، أكدت أن هناك المزيد من السجناء متهمون بنفس تهمة اغتيال رجل الدين السني، وقال ذوو بعض السجناء إن أبناءهم كانوا معتقلين لأكثر من 4 سنوات دون البت بقضاياهم أو تقديمهم إلى المحاكمة.

وكتب شهرام أحمدي، رسالة إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في إيران قال فيها: أريد أن أطلعكم على قضيتي، لقد قتلوا أخين وبلغت أمي إلى حد الموت من شدة الألم والحسرة، وزوجتي ما زالت تترقبني وتنتظر رجوعي. لقد مضت ثمانية أعوام من سجني والآن وأنا أكتب هذه الرسالة لا أعرف هل أنني استطيع أن أنهيها أم لا؟ .. لا أعرف هل ستصلكم رسالتي أم لا. لكن أتمنى أنه إذا وصلتكم الرسالة أن تكونوا على علم أن المحكمة العليا رفضت طلبي لإعادة المحاكمة، فالفارق بيني وبين الموت بات يتقلص يوما بعد يوم”.

الجدير بالذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، انتقد في تقريره السنوي بشأن إيران في عام 2014 تفاصيل محاكمة شهرام أحمدي، واصفا اياها بأنها من “النماذج القضائية غير الشفافة” في إيران.

رسائل مناشدة من ذويه
وجه ذوو شهرام عدة رسائل للمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام وشرح والده في إحداها ظروف اعتقال ابنه بالقول: في أبريل 2009 وقبل زيارة المرشد الأعلى (خامنئي) إلى كردستان تم اعتقال عدد من الأشخاص وكان شهرام من بينهم. بعد خمسة أشهر اعتقلوا ولدي الثاني الذي أعدموه بينما كان قاصرا وتحت 18 من عمره. والآن صادقوا على حكم إعدام شهرام. في بداية الأمر قالوا إن نشاط شهرام الدعائي الديني يخل بوحدة البلاد، ولاحقا اتهموه بـ “الحرابة”.. لم يكن ولدي عضوا في أي مجموعة أو حزب، ولم يحمل السلاح أبدا وحتى لم يمسك سكينا قط. اعتقلوه لمعتقداته فقط”.

أما والدة شهرام فتوجهت بمناشدة نشرتها وسائل إعلام إصلاحية، قائلة: لا أعرف بعد أين دفنوا ابني بهرام .. لابد أن يكون لنا نحن السنة الأكراد في إيران حق في الحياة. لقد حرموا علينا الحياة ودمروا عوائلنا ولم يكتفوا بذلك”.

وتساءلت: “هل اقترفنا ذنبا سوى أننا أكراد ومن أهل السنة؟ وأضافت: “والله لو كان الحجر في مكاننا لذاب وتشظى.. لا يؤمن هؤلاء بيوم الحساب، لكنني أؤمن بأنهم سيحاسبون على كل هذا الظلم”.

تعذيب في المعتقلات
وكشف تقرير لـ “حملة الدفاع عن السجناء السياسيين في إيران”، أن سجناء العقيدة تحدثوا عن أبشع أنواع التعذيب خلال رسائل وجهوها لمنظمات حقوق الإنسان ومقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في إيران، وقالوا إن أساليب التعذيب تنوعت بين “الصعق بالكهرباء بالأعضاء التناسلية والتعليق بالسقف من الكتفين بشكل مقلوب، إلى الضرب المبرح بالأسلاك وحفلات الشواء بالنار”.

أما الأساليب الأخرى للتعذيب فكانت “إبقاء المعتقل على العطش لعدة أيام” أو التعذيب النفسي كـ”إذلاله من خلال إجباره على حلق ذقنه” وكذلك “سب وشتم وإهانة معتقدات أهل السنة”، إضافة إلى “تهديد وإرعاب عوائل السجناء”.

ويقول نشطاء السنة إن أغلب الاعتقالات ضدهم تتم بسبب مطالبهم الداعية لرفع الظلم والتمييز، وتحدثهم عما يشكون منه أهل السنة في إيران عموما مما يسمونه “التمييز الطائفي”.

ويقول النشطاء إن السلطات تمنع أهل السنة من أداء شعائرهم وواجباتهم الدينية بحرية، كمنعهم من بناء مسجد لهم في العاصمة الإيرانية، حيث قامت بلدية طهران وبدعم من قوات الأمن بهدم المصلى الوحيد لأهل السنة في طهران، في يوليو الماضي، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة بين أوساط السنة.

200 سجين سني
ويقبع حاليا أكثر من 200 سجين عقائدي من أهل السنة الأكراد، بينهم30 داعية وطالب للعلوم الدينية مهددون بالإعدام الوشيك في سجن “رجائي شهر” بمدينة كرج، غرب طهران، بتهم” التآمر ضد الأمن القومي” و”الدعاية ضد النظام”، حسب التهم الموجهة إليهم بمحاكم الثورة الإيرانية.

ويتوزع السجناء الآخرون على سجون كرج وطهران وسنندج وهمدان وكرمانشاه وأرومية وسقز ومهاباد ومريوان، وأنهم محرومون من حقوقهم الأساسية كباقي السجناء، وتتم معاملتهم بقسوة من قبل سلطات السجن، وفي الكثير من الأحيان يُمنعون من القيام بفرائضهم الدينية، حسبما ذكرت تقارير حقوقية.

ويشكو السنة في إيران عموما، مما يسمونه “التمييز الطائفي” ويتهمون السلطات بإقصائهم عن الحياة السياسية والحؤول دون مشاركتهم في إدارة شؤون البلد ومنعهم من شعائرهم وواجباتهم الدينية، ويضربون مثلا للممارسات التمييزية، منعهم من بناء مسجد لهم في العاصمة الإيرانية، حيث قامت بلدية طهران وبدعم من قوات الأمن بهدم المصلى الوحيد لأهل السنة في طهران، في يوليو الماضي، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة بين أوساط السنة.

بعض الدعاة وطلبة العلوم الدينية المحكومون بالاعدام في ايران