العسكريون لدى “داعش” أحياء … ولا أدلّة المفاوضات متوقفة والأهالي يعاودون التحرّك
محمد نمر/النهار/28 تموز 2016
خالد حسن، علي الحاج حسن، سيف ذبيان، علي المصري، حسين عمار، محمد يوسف، مصطفى وهبي، إبرهيم مغيط وعبد الرحيم دياب، اسماء تسعة عسكريين من الجيش خطفهم تنظيم “الدولة الاسلامية” وانعدمت محاولات إعادتهم منذ نيسان الماضي، وبعد أيام تحل الذكرى الثانية لمعركة عرسال وخطف العسكريين (2 – آب – 2014)، من دون أي خرق في هذه المأساة الانسانية المنسية، ولا حتى طرحها في جلسة مجلس الوزراء، فيما يحاول الأهالي دفع الملف إلى السطح مجدداً بتحرك الأحد المقبل في رياض الصلح. لم يترك الأهالي وسيلة إلا قاموا بها للاطمئنان الى صحة أولادهم، ووصل بهم الحال إلى زيارة الجرود “أراضي التنظيم”، لكنهم منعوا من الوصول إلى العسكريين واقتصرت الاجابة على أن “اولادكم بخير”، مما أثار لديهم الشكوك أكثر. ولا تزال المعلومات متضاربة في شأن مكانهم ومصيرهم، خصوصاً في غياب أي دليل يثبت أنهم على قيد الحياة (صورة، فيديو، رسائل صوتية)، وكان واضحاً أن هذا التنظيم لا يضع ملف العسكريين كأولوية في ظل المعارك التي يخضوها على أكثر من جبهة وفي مواجهة كل الاطراف. ونجاح عملية إعادة الاسرى لدى “جبهة النصرة” في أوائل عام 2015، اعاد الآمال إلى الاهالي بإمكان اعادة الاسرى لدى “داعش”، اذ يفترض أن تكون العملية محفزاً لمواصلة الطريق، فماذا حلّ منذ بداية 2015 بهذا الملف؟ الاجابة عن السؤال من الناحية اللبنانية مقتصرة على اثنين هما المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم المكلف من الحكومة متابعة الملف، وصاحب القبعة البوليسية في عملية استعادة الاسرى لدى “النصرة” مدير مؤسسة “لايف” المحامي نبيل الحلبي الذي يقول لـ”النهار”: “منذ نجاح العملية كان هناك إصرار على استكمال المجهود الانساني للافراج عن بقية الافراد التسعة لدى تنظيم الدولة، وهذا الأمر تطلب التفتيش عن وسطاء جديين لديهم قنوات اتصال مباشرة مع افراد معينين في التنظيم”.
صعوبة التواصل مع تنظيم الدولة تكمن في لامركزيته القيادية، ولديه وُلاَة في أكثر من منطقة سورية، وكان الحلبي يبحث عمن يستطيع الوصول إلى “والي دمشق” في التنظيم، مما أدى إلى اطالة الوقت حتى آذار. ويقول الحلبي: “في هذا الشهر وصلنا إلى وسيط قادر على التواصل مع المعنيين بالعسكريين، وكان جهد مؤسستنا شخصياً من دون أي تفويض من الحكومة، بل بالتنسيق مع اللواء ابرهيم، وأطلعناه على تفاصيل التطورات آنذاك”. اقتصرت المفاوضات على ثلاثة لقاءات قبل أن تجمد مؤسسة “لايف” نشاطها. ويوضح الحلبي الذي يحمل في رصيده 23 عملية إعادة أسرى: “اجتمعت بالوسيط ثلاث مرات خارج لبنان، للاطمئنان الى حياة الأسرى، فوفق الوسيط ان العسكريين على قيد الحياة، عدا واحد هو عبد الرحيم دياب، ولم نتدخل في اسباب الوفاة أو مكان العسكريين، لكننا طالبنا في الاجتماع الثاني ما يؤكد صحة كلام الوسيط، كفيديو أو صورة حديثة، فردوا بشروط على ذلك”. ويضيف: “إصرارنا على الاثبات كان جراء المعلومات المتضاربة التي كانت تصل الى الاهالي عن أن أبناءهم استشهدوا أو هم بخير، لذا لم نأخذ كلام الوسيط على محمل الجد، إلا بتقديم الدليل القاطع”. وحتى لو كان العسكريون شهداء، فإن الحلبي يؤكد أيضاً: “إننا نريدهم”، لكن من الطبيعي أن شكل التفاوض ومضمونه يختلفان حينها.
وتوقفت المفاوضات في نيسان، بعدما أعلنت “لايف” تجميد نشاطها وفق بيان أوضحت فيه التفاصيل، فيما كانت تشهد العملية مناقشة للشروط المطروحة من “داعش” لتقديم الاثبات، والتي يتكتم عنها الحلبي حرصاً على سلامة العسكريين ومشاعر عائلاتهم، وكي لا يعطيهم الآمال، بل يقدم معطيات جدية. ومنذ ذلك الوقت لم يحصل أي تواصل بين الدولة والمؤسسة، لكن الحلبي اتخذ قراره بالعودة واستئناف المفاوضات بعد الذكرى الثانية لخطف العسكريين. ويقول: “سأعود وأتواصل مع اللواء ابرهيم، ونحن نرغب في العودة بالتفاوض مع الوسيط مجددا، ونستأنفها، ونطلع الحكومة اللبنانية على أي تطورات جدية، وابرهيم أيضاً الذي لديه قنوات تواصل أخرى، وسنقوم بذلك قريبا، وسنشارك في فعاليات أهالي الاسرى يوم الاحد”. الصعوبة في الملف بالنسبة إلى الحلبي هي “تعرض التنظيم لحرب من كل الاطراف في سوريا والعراق، وهو ما قد يؤثر على ملف المفاوضات ويعقّد إمكان الوصول اليهم، فضلاً عن الصعوبة اللوجستية لناحية استمرار المفاوضات، فتكون حينها متقطعة وطويلة الأمد بدلاً من أن تكون مستمرة وقصيرة، لكن إذا نجح التفاوض فلا صعوبة لوجستية في اعادتهم. أما العقبة الثانية، فهي أن الحكومة اللبنانية منذ نيسان لم تتواصل معنا، ولم تطلب منا أي تحرك، وما يهمنا في الدرجة الاولى هو الدليل على أن العسكريين أحياء حتى ندخل في مفاوضات جدية”. ولم يعرف هذا التنظيم بعمليات التفاوض والتبادل، بل عرفه اللبنانيون عبر فيديوات الذبح والقتل والاستمتاع بمشاهدة الألم على وجوه البشر”، لكن الحلبي يذكّر بأن “التنظيم بعد اعتقاله مواطنين سوريين مسيحيين من السريان، تفاوض واطلق سراحهم وتسلمهم راعي ابرشيتهم من دون أن نعرف الشروط التي طلبها التنظيم حينها، كما سبق أن أطلق ايزيديين”. ولا تتوقف محاولات الحلبي عند اعادة العسكريين فحسب، فيضم في تواصله مع الوسيط نفسه ملف المصور سمير كساب، وناشطة في اللجنة الدولية للصليب الاحمر نيوزيلندية الجنسية خطفها التنظيم مع نشطاء سوريين قتلهم، وأبقاها على قيد الحياة. ويقول الحلبي: “نحاول التواصل مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر في لبنان بشأن الناشطة، فلا مبرر لخطف هؤلاء لأنهم ليسوا شركاء في نزاع مسلح”.