اقتراب عون من الرئاسة وهم وقانون جديد للانتخابات وهم آخر
ايلي الحاج/النهار/29 تموز 2016
أكبر وهمين هيمنا في الأيام الماضية على الكلام السياسي في لبنان والذي يفتقد رواده والمهتمين فعلاً، وهمُ أن النائب العماد ميشال عون أصبح أقرب إلى رئاسة الجمهورية، والآخر أن جلسات الحوار والإجتماعات النيابية يمكن أن تؤدي إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية تجرى على أساسه انتخابات لا مجال للتهرب منها في أيار 2017. لا شيء تغيّر إطلاقاً في وضع المرشح الجنرال عون منذ أن وضع نفسه في خانة جعلت صعوده إلى بعبدا رمزاً لتسليم رئاسة الجمهورية إلى إيران بالنسبة إلى الدول المعنية بالصراع مع هذه الدولة كما بالعلاقة بها، شرقاً وغرباً. يؤكد سياسيون متابعون بدقة لهذا الموضوع أن رئاسة عون مسألة من سابع المستحيلات وما الكلام عليها والدعوات المتكررة إلى انتخابه، مع علم مطلقيها بواقع الحال، سوى تعابير وأساليب لتمضية الوقت، أو سعي إلى تسجيل مكاسب سياسية – شعبية ما في زمن الفراغ لا يمكن إدراجها في خانة مصلحة لبنان العامة، في حين أن الجدية تقتضي عملاً مختلفاً يبتعد عن تغذية الأوهام سواء عند النائب عون ومؤيديه، أو الناس العاديين، ويحاول فعلاً الدفع في اتجاه تغيير رأي مساهمين رئيسيين في تعطيل الانتخابات الرئاسية، بدل دفعهم إلى مزيد من التعنت والمراهنة المستحيلة على الوقت.
الأمر نفسه ينطبق على ترشيح رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية الذي بدا في المرحلة الأخيرة خارج التداول، ولولا خشية من أيدوه تفسير موقفهم تأييدا لترشيح عون في غياب مرشحي ثالث ورابع لما ترددوا في إعلان إخفاق محاولتهم إيصال النائب الزغرتاوي إلى بعبدا.
أما وهم البحث في قانون الانتخابات الجديد، فلا يمنع الأحزاب والتيارات جميعاً – على وجه التقريب – من القلق لإدراكها أنها ذاهبة إلى انتخابات هذه المرة أيضاً على أساس قانون الستين، لا غيره، ولكن بأوضاع وأحوال مختلفة عن الانتخابات السابقة، وبعضها بفعل مشكلات وعثرات وتحديات من داخلها، على غرار “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل”. الأول لأن انقساماته خرجت إلى العلن وتجذب ما تبقى من أضواء باهتة على مسرح السياسة وثمة من بدأوا يتحدثون عن “حصر إرث سياسي” للجنرال عون، من داخل تياره وخارجه، والآخر “تيار المستقبل” لأنه إضافة إلى الأزمة المالية التي لم تلق حلاً بعد، بدأ يتحسب أكثر فأكثر للظاهرة التي شكلها وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي في انتخابات طرابلس البلدية. تعزز هذه المعلومات معطيات أكيدة توافرت أخيراً عن توجه لدى “الجنرال ريفي” إلى دعم لوائح انتخابية نيابية، ليس في طرابلس وحدها بل أيضاً في الضنية – المنية ومحافظة عكار التي تشكل الخزان البشري الأكبر لـ”المستقبل”، وذلك بالتعاون مع وجوه سياسية ذات لون حريري، وتحت لافتة عدم التهاون في القضايا الوطنية والأساسية التي رفعها “تيار المستقبل”. تلفت هنا في مقابل ترهل ماكينة “المستقبل” وضياعها دعوة اللواء ريفي الطرابلسيين أول من أمس إلى “الاستعداد للوقوف في وجه الانقلاب”، متهما “حزب الله” خصوصاً بالسعي إلى “هيئة تأسيسية” تطيح الطائف والدستور بعد تعطيل رئاستي الجمهورية والحكومة وشل مجلس النواب. وفي طرابلس شخصيات قريبة من “الجنرال ريفي” تؤكد نيته الدعوة للنزول إلى الشارع إذا ما حاد مؤتمر الحوار الوطني في خلواته الثلاثية الأيام في 2 و3 و4 آب عن أولوية انتخاب الرئيس. تتحدث أيضاً عن تريثه في قرار نقل نشاطه الشعبي إلى بيروت والبقاع الغربي قبل الانتخابات، فيما “المستقبل” مشغول بالتحضير لمؤتمره الاستثنائي في 15 و16 تشرين وسط دعوات إلى فعل كل ما يمكن فعله كي يعود عاكساً لنبض الشارع السني.
في هذا الوقت، تتطلع “القوات اللبنانية” إلى من يمكن أن يكونوا حلفاءها في انتخابات 2017 بعد تجربة التحالف الثنائي مع “التيار العوني” في الانتخابات البلدية بحلوها ومرها، ولا سيما موقف “حزب الله” الرافض التعاون والتصويت لـ”القوات”. فيما حزب الكتائب اللبنانية وحده تغريه تجربة السير في قضايا “المجتمع المدني” وهيئاته، على غرار تجربة ريفي في طرابلس و”بيروت مدينتي”، و”تيار المردة” مرتاح إلى قانون الستين وحساباته الزغرتاوية الصافية، ومثله الحزب التقدمي الاشتراكي، فيما “الثنائي الشيعي” مهموم بقضايا تتخطى لبنان، لا يضيره أن يكون القانون أي قانون.