سامي الجميّل المعترض في الحوار العبثي “إنها الكارثة المارونية” قال مشارك في الجلسة
ايلي الحاج/النهار/5 آب 2016
يروي أحد المشاركين في جلسات الحوار أن صمتاً رانَ لحظة على الصالة عندما طلب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الكلام قبيل ختام جلسة أمس وقال:” أتحفظ عن كل ما يحصل هنا، فقرار تشكيل لجنة في الجلسة المقبلة لدرس صلاحيات مجلس الشيوخ وطريقة انتخابه سيعطي كل الناس انطباعاً أننا بدأنا درس عملية تطوير النظام السياسي في غياب رئيس الجمهورية، وفي ظل السلاح الذي نصّ “الطائف” على تسليمه إلى الجيش اللبناني…”. على الفور شعر الجميع بأن الحوار برمته عاد إلى نقطة الصفر. وعلّق سياسي متشدد من قوى 8 آذار بكلمتين: “الكارثة المارونية!”. فأجابه الجميّل :” دعني أكمل”، وأكمل.
كان رئيس مجلس النواب نبيه بري بذل جهداً كبيراً في جلسات الخلوة الثلاثية لأخذ الحوار في اتجاه اتفاق متكامل، ولكنه مترابط، لتسهيل مهمات رئيس الجمهورية بعد أن يصل من عالم الغيب إلى بعبدا. ما الذي يمنع – قال مراراً – أن نتفق حول هذه الطاولة على حل عقد أساسية وتحضيرها فيتسلمها جاهزة ولا تقرّ وتنجز إلا بعد انتخابه؟ بهذا المنطق انتقل من موضوع انتخاب الرئيس إلى البحث في قانون الانتخابات النيابية المتعثر في اللجان النيابية، والمهدد دوماً باعتماد “قانون الستين” مجدداً لانتخابات الربيع المقبل، إلى البحث في فكرة إنشاء مجلس الشيوخ المنصوص عنه في اتفاق الطائف، وشرحه مراراً والغاية منه: أن يكون ضماناً لحقوق الطوائف وطمأنة لها، في مقابل أن تعطي الطوائف في مجلس النواب قانوناً أكثر وطنية (خارج القيد الطائفي بحسب “الطائف”) مع المحافظة على المناصفة. ولجلستين تقريباً لمس بري إيجابية تفاوتت بين فريق وآخر، ودارت مناقشات طويلة على الموضوع وقدم الرئيس فؤاد السنيورة عرضاً مستفيضا أمس لرؤيته إلى صلاحيات مجلس الشيوخ التي يجب أن تكون محصورة في قضايا رئيسية محددة والمسائل المصيرية، كقرارات الحرب والسلم والانضمام إلى تحالفات سياسية، ولكن خصوصاً الحفاظ على العيش المشترك من خلال نظر مجلس الشيوخ في التشريعات النيابية التي يمكن أن تمس به، من غير أن يكون هيئة تشريعية تنافس البرلمان، واقترح أن يكون عدد أعضائه بين 40 و50 . تمادت الاقتراحات والتصورات لمجلس الشيوخ، والرئيس بري يشرح ويلاقيه الرئيس السنيورة مذكراً بمبادرة الرئيس سعد الحريري التي عرض فيها على المسيحيين إنشاء مجلس الشيوخ على أساس ما سمّي بـ”القانون الأرثوذكسي”، ولكنه ارتأى أن تنتخب كل طائفة ممثليها في مجلس الشيوخ في معزل عن القيد المذهبي، فتدخل الرئيس بري مستعجلاً تسجيل الاتفاق على انتخاب مجلس الشيوخ بقانون لبنان دائرة واحدة، وبالنسبية والتساوي بين المذاهب بلا فرق بين كبير وصغير عددياً. متفقون؟
وتكلم متجاوبون وقدموا اقتراحات مثل الاستعانة بدستوريين واقترح رئيس المجلس مجددا تشكيل ورشة عمل لمجلس الشيوخ وورش لغيره. سيسرّ الجميّل لأحد القريبين منه لاحقاً بشعوره أنه كان أمام مشهد من الأعمال الفنية العبثية، كأنه حوار من مسرحية “في انتظار غودو”. كان صادماً الموقف الذي أعلنه بهدوء ولكن بوضوح أنه لا يستطيع الموافقة على مناقشة أمور كهذه حول طاولة الحوار وبالتفاصيل في غياب رئيس للجمهورية. فلكل شيء زمان ومكان، ولدينا في لبنان دستور يحدد من يحق له بحث كل موضوع. هناك مجلس نواب ومجلس دستوري وهذا اختصاصهما. و”مع انفتاحنا على الحوار إلى أقصى حد، ما يحصل هو في رأيي هرب من الأمور التي يفترض أن نبحث فيها، وأولها انتخاب الرئيس. الربط بين البحث في إنشاء مجلس الشيوخ وبين التوصل إلى قانون جديد للانتخابات يعني رمي الموضوع إلى أجل غير محدد . وهل نحن أوقفنا مجلس الشيوخ ؟ مضت 25 سنة ولم يقرّ إنشاؤه. لماذا اليوم وفي هذه الحشرة؟”.