بلدية طيردبّا: “حزب الله” يبعد المرأة
وليد حسين/المدن/ الإثنين 08/08/2016
رغم مرور أكثر من أربعة وعشرين عاماً على لبنَنة “حزب الله”، التي بدأت بمشاركته في المجلس النيابي أولاً وفي الحكومة لاحقاً، مازالت بيئة “الحزب” مشدودة إلى بدايات مسيرته التي اتّسمت بالتشدّد والتطرّف الدينيين. وآخر مظاهر ذلك الضغوط التي تُمارس على المجلس البلدي في بلدة طيردبّا (قضاء صور)، كي “يطفّش” العنصر النسائي من المجلس. وإذا كان ذلك يحصل بين الجدران، فهناك “مظاهر” أخرى خرجت إلى العلن، ومنها محاولات منع بيع الخمور في الجنوب، ومحاولات منع طالبات “الجامعة اللبنانية” من ارتداء “الثياب غير المحتشمة” من وجهة نظرهم في حرم الجامعة، وإقفال مسبح بلدة عيترون لتجنيب “وجود النساء والرجال في مكان واحد”، وعدم الحماسة لمشاركة النساء في الخيام في “حرمون ماراثون”، وفرض إجراءات مشدّدة على محل للتسلية في جبشيت لضرورة الإقفال نصف ساعة عند بدء صلاة كل يوم جمعة، ومنع “الاختلاط بين الذكور والإناث”.
وبلدية طيردبا من البلديات التي لم يشملها “الإتفاق البلدي” بين الحزب و”حركة أمل”. وقد دفعت الحساسيات العائلية الحزب والحركة إلى خوض معركة انتخابية. فتحالفت الحركة مع بعض القوى اليسارية بينما تحالف الحزب مع “الحزب الشيوعي”. وفاز الحزب بتسعة مقاعد من أصل 15 وذهبت المقاعد الستة المتبقية إلى “أمل” وتحالفها.
رغم ذلك جرت محاولات لرأب الصدع بين الطرفين كي لا تعطّل الخلافات المجلس البلدي، لكن الحزب استأثر بجميع اللجان البلدية ووضع مخصّصات مالية لرئيس البلدية وحجبها عن نائب الرئيس التابع لـ”أمل”. استدعت هذه الممارسات تهديداً بالاستقالة من المجلس البلدي من “أمل”، إذ جاء في بيان صادر عن شعبة “أمل” في البلدة اتهام لأعضاء الحزب في البلدية بـ”التفرّد والاستئثار والتهميش تحت عنوان الأكثرية والأقلية”.
لكن مشكلة البلدية لم تقف عند هذا الحد، فالمرأتان الموجودتان في المجلس البلدي بدأتا تشعران بالمضايقات، وأنهما غير مرغوب بهما في المجلس. وتقول إحداهما خديجة قرعوني لـ”المدن”: “لم يكن الحزب راغباً منذ البداية في مشاركة العنصر النسائي، وحاول جاهداً قبل الانتخابات منع ترشّحهن”. “وعندما جاء دور توزيع الأعضاء على اللجان البلدية رفض أعضاء الحزب منح لجنة المناقصات إلى السيدة الثانية في المجلس بحجة أن عمل هذه اللجنة شاق على النساء ومن غير الجائز أن تخرج النساء إلى الشارع للعمل مع الجهات المتقدمة بعروض المناقصات”. ليس هذا فحسب، وفق قرعوني، فالحزب “لا يريدنا أن نشارك في رئاسة اللجان وفي مواقع صنع القرار داخل المجلس”.
وتلفت قرعوني إلى أن “تجربة مشاركة المرأة في المجلس البلدي هي الأولى في طيردبّا حيث تسود العادات المحافظة”، لكن “ممارسات الحزب شكّلت لنا إحباطاً”، مضيفة: “إذا كان الحزب لا يقبل بوجود النساء في الأماكن العامة، فكيف سيقبل بوجودهن في غرف المجلس البلدي المغلقة؟”. وإذا كانت قرعوني قد قررت دخول المجلس البلدي “لتغيير النظرة النمطية عن النساء في القرية”، فها هي تصطدم بجدار الذكورية التي تريد السيطرة على المجلس.
وتفضل عضو المجلس البلدي زينب نعنوع عدم التطرق إلى الخلافات التي تعصف بالمجلس البلدي، متمنية أن تحل المسألة كي يستطيع المجلس القيام بدوره. تضيف: “هناك جهات تتقبل المرأة وتعتبر أن دورها لا يقل شأناً عن دور الرجل، لكن في المقابل هناك جهات تريد أن تبقى المرأة في المنزل”.
وإذا كانت نعنوع، وهي محجبة، “تحترم ثقافة الطرف الآخر”، فإنها لا تعتبر أن وجود المرأة في المجلس البلدي “إختلاطاً بين النساء والرجال”. وتختم بالقول: “حلو التغيير، صحيح أنّ المبادئ التي تربّينا عليها جيدة، لكن الإستفادة من تجاربنا كنساء جيدة أيضاً”.