نهاية الحقبة الأميركية في المنطقة ؟
هشام ملحم /النهار/22 تشرين الأول 2015
هل نشهد الآن بداية نهاية الحقبة الاميركية في الشرق الاوسط؟ قبل سبع سنوات وعد الرئيس أوباما ببداية جديدة مع العالم الاسلامي، وذكّرنا بأن بعض افراد عائلته هم مسلمون، وألقى خطباً بليغة في انقرة والقاهرة، وحاول فتح صفحة جديدة مع ايران وسوريا، وسعى الى إحياء المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية بعد التمهيد لها بتجميد للاستيطان الاسرئيلي. لكن التجارب المرة والامتحانات الصعبة التي واجهها في السنوات السبع الاخيرة اوصلتنا اليوم الى وضع جديد لم تجد الولايات المتحدة نفسها فيه منذ ان بدأت “اللحظة” الاميركية في المنطقة المتعارف على تسميتها الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية.
اليوم علاقات واشنطن مع حلفائها واصدقائها التقليديين في السعودية وتركيا ومصر واسرائيل إما فاترة وإما متوترة أو مرشحة لمزيد من التوتر. ثقة حكومات هذه الدول بإدارة الرئيس اوباما متدنية للغاية، وبعضها اضطر الى اتخاذ اجراءات عسكرية وسياسية ربما ساهمت قصداً أو من غير قصد في تأزيم أوضاع المنطقة، وهذا يعود الى حد كبير الى ما تعتبره هذه الدول غياب القيادة الاميركية. عندما اكتشف أوباما في ولايته الاولى ان اسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو ستعارض بقوة دعوته الى تجميد الاستيطان، وعندما لم تتعاون طهران ودمشق معه كما كان يأمل، وعندما فاجأته رياح الانتفاضات العربية وفرضت عليه التخلي عن حسني مبارك صديق واشنطن القديم في القاهرة، أدرك ان مشاكل المنطقة وأزماتها سوف تتطلب الكثير من جهوده ووقته وان التأثير على التطورات على الارض يتطلب أكثر من القاء الخطب الجميلة، انسحب تكتيكياً من المنطقة ليركز على أولوياته الداخلية الملحة، أي معالجة الازمة الاقتصادية الضخمة التي ورثها من سلفه جورج دبليو بوش، ولإقرار خطته المحورية للرعاية الصحية. في ولايته الثانية، فوّض اوباما الى وزير خارجيته جون كيري محاولة احياء المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل، وجدد بمزيد من الزخم بعد انتخاب حسن روحاني رئيسا لايران المفاوضات السرية مع طهران، والتي تحولت لاحقاً مفاوضات دولية أدت الى الاتفاق النووي مع ايران. مفاوضات السلام التي لم يدعمها اوباما بقوة وصلت الى طريق مسدود. لكن الحرب السورية هي التي كشفت بشكل نافر رغبة أوباما في تقليص الدور الاميركي في الشرق الاوسط للتحول الى شرق آسيا المنطقة الاهم اقتصادياً واستراتيجياً. اوباما اضطر الى العودة عسكرياً بشكل محدود الى العراق لئلا يجازف بالانهيار الكامل لاستثمارات أميركا البشرية والمادية هناك. كل اجراءات أوباما في سوريا كان هدفها ادارة النزاع وشراء الوقت وليس حله. وكل هول المأساة السورية لم يدفعه – ولن يدفعه – الى تعديل موقفه منها. اوباما اليوم يشرف على إنهاء الحقبة الاميركية في الشرق الاوسط.
الأسد في روسيا: تحجيم حزب الله والدور الإيراني
ريم الموسوي/جنوبية/22 أكتوبر، 2015
لم تحرز روسيا حتى الآن أي خرق جديد في جدار الحرب الدائرة في سوريا، ونفي روسيا خبر نزول قواتها البرية إلى الأرض السورية والإكتفاء فقط بتحليق طائراتها في سماء حلب وريف دمشق لمهاجمة مخابئ «الإرهابيين»، لهو دليل إضافي على عدم قدرة بوتين التمدّد عميقاً داخل النزاع متعدّد الأطراف دولياً. لا يشعر بوتين بحجم المغامرة التي أولج نفسه بها، حتى غرق وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو بالتفاؤل من ما وصلت إليه ضربات بلاده على معاقل معارضي الأسد لا يبشر بالخير، وهذا في ظل تنبؤ نائب روسي أن الحملة العسكرية قد تمتد إلى سنة كاملة بعد ان كانت محددة بثلاثة أشهر. في أعقاب فشل الجيش السوري من اقتحام ريف حلب وقيام الثوار بهجوم مضاد على الجيش السوري المتمركز في منطقة اللطامنة في ريف حماة، نجحت روسية بتأمين الحماية اللازمة لمدينة طرطوس كحجر زاوية لصمود نظام الأسد. وأمام كامل الزخم العسكري الموجود داخل سوريا مع إستمرار تخوف الكونغرس من خطة أوباما الجديدة لتسليح مقاتلي المعارضة السورية، وإصراره على تقديم ضمانات لمنع وقوع الأسلحة بيد المجموعات الإرهابية. إلا أن حزب الله وإيران وجدا أنفسهما محرجان بعد تصريح روسيا منذ أقل من أسبوعين عن تعاون يجمعها مع إسرائيل العدو اللدود لهما. وعن تداعيات زيارة الأسد إلى سوريا أكد المحلل السياسي سعد محيو في إتصال مع «جنوبية» أن زيارة الأسد مفاجئة على كافة المستويات، فروسيا تدرك أنّها دخلت في معركة واسعة وهي الأولى من نوعها في تاريخها العسكري بالإضافة إلى تخوف الأسد على مصيره. وتساءل محيو بهذا الشأن: «إذا ما هو مبرر الأسد كي يقفز إلى روسيا بهذا الشكل؟».
روسيا وسوريا
وحول ما تبقى لإيران من دور في ظل دخول روسيا مؤخراً إلى الحرب السورية، أجاب محيو أن “لا تباين واضح بين الروس والإيرانيين، فهم لم يصلوا إلى حد التناقض والتضارب في المصالح”. وأضاف محيو أن “لكل حرب راقصين وعلى روسيا أن تجيد الرقص على إيقاع الولايات المتحدة الأميركية وأن يتجنب بوتين التمدد بشكل جنوني داخل سوريا، لأن هذا الأمر وإن حدث سوف يكون بداية لـ حرب باردة «روسية ـ أميركية» جديدة”. ما يتجاهله البعض هو حجم التباين المبهم بين مساعي روسيا للإسحواذ على نفوذ إضافية تخرج عن نطاق قاعدة طرطوس البحرية من جهة، وإيران التي ستحاول جاهدة الحفاظ على وتيرة عالية للمعركة التي يخوضها مقاتليها براً إلى جانب الجيش النظامي وبمساندة حزب الله اللبناني في ريف حماة من جهة اخرى. إنّ زيارة كهذه تريح بشار الأسد المعزول دولياً وتمنحه حقن إضافية للبقاء، خصوصاً أنّها جاءت بعد دعوة أميركا لعقد مؤتمر بمشاركة روسيا وبدون إيران، لتناول المرحلة الإنتقالية في سوريا. ولعل النظام السوري ضمنياً يسعى إلى تحجيم الدور الإيراني ولجم نفوذ حزب الله عبر رسائل غير مباشر يوردها الأسد إليهما مروراً بموسكو.