من يُنزل الوطني الحر عن الشجرة؟
منير الربيع/المدن/28 آب/16
يقول قيادي من الحلفاء الإستراتيجيين للنائب ميشال عون إن الجنرال أمعن في الأخطاء السياسية مؤخراً. من شان ذلك أن يرتدّ عليه سلباً ويولّد مزيداً من العراقيل أمام مساعيه أو مراميه، ولاسيما أن الخطوة التي اتخذها تكتل التغيير والإصلاح في التعاطي مع الحكومة لم تكن مدروسة كما يجب، أو على الأقل انحسرت دراستها في مردودها الضيّق على التيار وقيادته الجديدة بمعزل عن الحسابات السياسية الأوسع. حشر عون الجميع في مقاطعة الحكومة، الحلفاء قبل الخصوم. وبما أنه اعتبر المقاطعة خطوة تحذيرية فإن الجميع يترقّب ما ستكون عليه الخطوة التالية. وإذا ما ستحمل مزيداً من الإمعان في الخطأ.
اختار عون المعركة في الساحة الخطأ، وفق القيادي. ما دفعه إلى إحراج نفسه قبل إحراج الجميع، لا سيما في ضوء سوء الرؤية الإقليمية والدولية. وهذا ما أدى بجميع القوى، بمن في ذلك الحلفاء، بأن يقفوا ضد تحرّكه. حاول حزب الله تمرير القطوع عبر السعي لتأجيل الجلسة ريثماتُهيّأ الأجواء لعقد جلسة أخرى تعيد التيار إلى رشده وتحجمه عن التصعيد. لكن بعض الحلفاء كالرئيس نبيه برّي، وكذلك الخصوم، لم يريدوا تمرير هذه الفرصة بلا توجيه الرسالة الأساسية إلى عون بأن البلد لا يسير على خاطرك. ولذلك، أصرّوا على عقد الجلسة.
يبقى السؤال الأساس اليوم هو ماذا بعد الجلسة. الكرة في ملعب عون وفق الجميع. فهل سيعتبر أن ما جرى كان مطباً أو فخاً نصبه لنفسه ووقع فيه وحان وقت الإفلات منه، أم أنه سيصرّ على التصعيد؟ تتأرجح خيارات التيار، وفي وقت تُسدى النصائح من الضاحية إلى الرابية بضرورة الإكتفاء بذلك والعودة إلى الحكومة لعدم تفاقم الأمور، ثمة في التيار من يريد التصعيد أكثر لإيصال مزيد من الرسائل الرئاسية. حتى أن هناك من يضع هذا التصعيد في سياق آخر، وهو تعزيز الوزير جبران باسيل شرعية رئاسته للتيار بعد موجة الإعتراضات وفصل العديد من الناشطين. ولذلك، فإن باسيل يريد اللعب على الوتر المسيحي عبر الحكومة لاستعادة شرعيته المتأرجحة داخل التيار.
وهناك من يتحدّث عن تفاوت في وجهات النظر والإحتمالات الموضوعة على طاولة التيار. فإذا تقرّر التصعيد فإنه سيكون كبيراً ولن يقف عند حدود معينة، والمراد منه سيكون الإطاحة بالحكومة والذهاب إلى طرح جدّي لتعديل الدستور أو الذهاب نحو المؤتمر التأسيسي، أي الذهاب نحو نظام جديد. هذه الشعارات أو الطموحات الكبرى تجد من يكبحها داخل التيار وخارجه، ولاسيما عبر الرسائل التي يوصلها حلفاء عون إليه، بأن أي طرح من هذا النوع سيتطلّب دماً، ولا إمكانية لتعديل الدستور إلا بعد حدث أمني كبير. وهذا غير متاح حالياً. بالإضافة إلى أن الأرضية السياسية غير جاهزة لإجراء أي تعديل سياسي أو الذهاب نحو فرط الحكومة، لأن فرطها يعني الذهاب إلى نظام جديد حكماً. وتكشف مصادر متابعة عن إتصالات ورسائل عربية ودولية أبلغت إلى الرابية بأن هذه الحكومة يجب أن تبقى.
ولكن، ألا يستفيد حزب الله من فرط الحكومة والذهاب إلى مؤتمر تأسيسي؟ يأتي الجواب سريعاً بالنفي. الآن هذا غير ممكن وغير واقعي. ليس هناك أي أرضية لذلك لا سياسية داخلية ولا إقليمية. هناك ضباب سميك في المشهد السياسي، وكل فريق ينتظر الآخرين عند مفترق طريق. وهذا ما تبدى من خلال توجه بعض الوزراء إلى جلسة الحكومة، وبعضهم حاول إستفزاز عون لدفعه إلى الإستقالة أو الإعتكاف لإزاحته عن المشهد في هذه المرحلة، ولعزله أيضاً.
هذه التحذيرات نقلت إلى عون وخصوصاً من حلفائه،. وتكشف المصادر أنه حين أبلغ عون حلفاءه بالخطوة التي يريد إتباعها، لم يكن موقف الحلفاء معارضاً، أو لم يطلب منه حلفاؤه الإقلاع عنها، رغم شرح حزب الله وجهة نظره المعترضة على ذلك التحرك. وهذا ما تعتبره المصادر أن الحزب أوصل رسالة إلى عون بأنه لا يمكنك فعل شيء بدوننا.
وتكشف المصادر أن التوجه العام لدى التيار بدأ يتغيّر، بمعنى أنه جاهز للتراجع ولكنه يحتاج إلى من “ينزله عن الشجرة”. وتفيد المصادر أنه أوصل هذه رسالة إلى حلفائه، لأنه يعلم أن أي خطوة سيقوم بها لن تُقبَل من أي طرف. فكيف سيتمّ ذلك؟ تجيب المصادر بأن مسألة التمديد لقائد الجيش محسومة، ولكن يجب التقريب خطوة في اتجاه العونيين كي يعودوا عن المقاطعة. كيف؟ تلتجيب المصادر بأن هناك العديد من الملفات التي يمكن التنازل فيها، ربما بقانون الانتخاب أو بمسائل أخرى تتعلق بإعادة تفعيل الحوار الرئاسي. وهذا ما ترجّحه المصادر أنه سيحصل لأن البلد ممنوع من التعطيل والحكومة ممنوعة من الوقوع. وهنا، تلفت المصادر إلى أن عون يتلقى نصائح بإعادة الحوار مع المستقبل للبحث عن حلول