لا أسباب موجبة لتعديل تصنيف الدبيّة
المحامي شادي سالم البستاني/النهار/31 آب 2016
بما أنّ البند ٢٧ يتعلق بمشروع يرمي إلى تصديق التصميم التوجيهي والنظام التفصيلي العام لمنطقة الدبية العقارية – قضاء الشوف (المؤجل من جلسة ٥/٥/٢٠١٦ ) بحيث تأجّل البحث في المشروع مجدداً في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في تاريخ ١٨/٨/٢٠١٦.
في قضية التصنيف في الدبية لا بد من التركيز وتوضيح الأمور الآتية:
■ في ما خصّ بلدة الدبية: فهي مصنّفة بموجب المرسوم رقم ١١٨٥٥ تاريخ ٤/٣/١٩٩٨ الذي نظّم العمران وشروط البناء والفرز والضم ومعدل الإستثمار السطحي والعام والمناطق الإرتفاقية ZONING، بعد دراسة هندسية متخصصة من قبل البلدية في حينه حافظت على الطابع القروي والبيئي والتراثي والعمراني الموجود وهوية البلدة وتاريخها، وبالتالي لا يجوز التذرع بالتطور العمراني – لتعديل التصميم التوجيهي والنظام التفصيلي العام لمنطقة الدبية – لتمرير صفقات مشبوهة ولتشريع مخالفات جسيمة لمرسوم التصنيف النافذ، تأميناً لمصالح ومنافع خاصة على حساب المنفعة العامة لأهالي بلدة الدبية، خصوصاً أنّ مشروع التعديل جاء بناء على طلب المستثمر لأراضي الدلهمية ( خراج بلدة الدبية) “شركة إنماء الدلهمية ش م ل”، مستنداً الى دراسة خاصة لتأمين مصالح الشركة التجارية ودون أي دراسة من بلدية الدبية، وحيث شكّل مشروع التعديل المذكور ملفاً خلافياً حُلت البلدية بسببه مرتين، الأمر الذي لم يحصل سابقاً منذ إنشاء بلدية الدبية، وتمّ تقديم مراجعة إدارية أمام مجلس شورى الدولة اللبنانية سجّلت تحت الرقم ١٨٠٤٠/٢٠١٢ طعناً بقرار البلدية رقم ١٣/٢٠١٢. كما أنّه من المبادئ القانونية العامة والتي لا يجوز مخالفتها، مبدأ عمومية وشمولية وإستقرار وثبات التشريع ( النصوص القانونية ) لا تعديله خدمة لمنفعة ومصلحة خاصة لفئة معينة في المجتمع، بل يجب تعديله وتحديثه عند توفّر الأسباب الموجبة خدمة للمنفعة والمصلحة العامة فقط.
■ في ما خص أرض الدلهمية ( خراج الدبية ): إنّ صفقة الشراء تمّت بعد عام ١٩٩٨ أي بعد مرسوم التصنيف، إذ أنّ الشاري كان على علم ومعرفة بتصنيف هذه الأرض ونظام التصنيف الخاضعة له، وإرتضى ذلك ووفق ثمن معيّن للأرض على هذا الأساس، وبالتالي لايجوز ولا يحق له المطالبة بتعديل التصنيف وإلغاء نادٍ للغولف قائم وجاهز للإستثمار بملايين الأمتار المربعة (يشكّل منتجعاً رياضياً سياحياً وبيئيًا ومناطق خضراء، معدل الإستثمار٢٪، ينشّط الدورة الإقتصادية في الدبية ومنطقة الشوف، وهنا تكمن المنفعة والمصلحة العامة وتنشيط السياحة الرياضية، ولا سيما أنّ من يمارس هذه الرياضة من ذوي الدخل المرتفع) وإستبداله وتحويله إلى مناطق سكنية ستشكّل غابات إسمنتية ذات معدل إستثمار مرتفع (تمّت زيادته من ٢٪ إلى ٤٠٪ وأكثر).
وبالتالي لا أسباب موجبة للتعديل في ما خص الدلهمية على الإطلاق، بل منفعة ومصلحة خاصة وأطماع مالية فقط بغية زيادة الأرباح وحجم الحسابات المصرفية للمستثمر الجديد الذي إستفاد من عدم دفع رسوم التسجيل في السجل العقاري بعشرات ملايين الدولارات بسبب قوننة CODIFICATION عمليات التفرّغ عن الشركات التجارية التي تمتلك العقارات في السجل التجاري ودون الحاجة الى تسجيلها في السجل العقاري ودفع رسوم التسجيل العقارية، إذ لا يجوز مكافأة هكذا مستثمر والمساهمة في تشريع أطماعه المالية.
■ في ما خصّ أرض الهليونة (نسبة لخضارها ونضارتها كالهليون) خراج الدبية وباقي الأراضي: أدخلت تعديلات عليها لاحقة للتعديلات التي طُلبت لأرض الدلهمية، وهي المأهولة دون علم وموافقة أهالي البلدة لتمرير صفقات عقارية ولتحويلها مجمعات سكنية ذات معدل إستثمار مرتفع ٤٠/٨٠ (لا قدرة للبلدية لتأمين الخدمات والبنى التحتية لها ) ZONE B1 وظناً من بعض المالكين الراغبين في البيع بتحقيق أرباح إضافية ولتشريع تعديات ومخالفات جسيمة في البناء للمرسوم رقم ١١٨٥٥/١٩٩٨، ومن أجل ذلك تمّ التعديل والتلاعب بالشروط الخاصة للتصنيف والسماح بإستثمار محلات الكوي على البخار والتنظيف والأفران ومحلات غسيل وتشحيم السيارات وتصليح الدواليب وغيار الزيت وغيرها، أي القضاء على القرية وطابعها وهويتها، وذلك خدمة لمنفعة ومصلحة خاصة. إذ إنّ أهل الدبية يريدون المحافظة على الطابع القروي والبيئي والتراثي “على جو الضيعة التي غنت لها السيدة فيروز وتربّت وترعرعت في ربوعها أيام طفولتها “، وإتخذوا شعاراً لبلدتهم LOGO له رمزيته، وأصبح رسمياً يدوّن على كل مستندات ومعاملات البلدية، وهو حرف الدال باللاتينية مكوّن من أوراق الزيتون وفي داخله سبلة زيتون للدلالة على طابع القرية وهويتها، ولا يرغبون في تبديله بشعار يرمز للمجمعات السكنية ومحلات الدواليب وغيرها. وبالتالي لا أسباب موجبة للتعديل في ما خصّ أرض الهليونة وباقي أراضي الدبية.
■ وتأكيداً على كل ما ذكر أعلاه بعد أن أعاد مجلس الوزراء ملف التصميم التوجيهي العام في جلسته المنعقدة بتاريخ ٣٠/٦/٢٠١٦ إلى بلدية الدبية لإبداء الرأي، فما كان من المجلس البلدي وبإجماع أعضائه الذين اتخذوا قراراً بطلب مهلة ستة أشهر لدرس الملف قبل إبداء الرأي في شأن مشروع التعديل، خصوصاً أنّه شمل كل أراضي الدبية، وذلك لإمرار صفقات عقارية من خلال التلاعب بعاملي الإستثمار العام والسطحي والتعديل بالمناطق الإرتفاقية Zoning، ولتشريع مخالفات جسيمة للمرسوم رقم ١١٨٥٥/١٩٩٨ المطلوب تعديله لهذه الأسباب، مع العلم أنّ المدير العام للتنظيم المدني بالتكليف المهندس الياس الطويل رفض مشروع التعديل ولم يوقّعه. وإزاء هذا الواقع ومعارضة عدد من الوزراء لمشروع التعديل الذي أصبح موضوعاً خلافياً داخل مجلس الوزراء، تمّ تأجيل البحث فيه في مجلس الوزراء في جلسته التي إنعقدت بتاريخ ١٨/٨/٢٠١٦.
وفي الخلاصة لا أسباب موجبة لتعديل تصنيف بلدة الدبية التي من حقها وحق أهاليها وتاريخها وأعلامها في كافة المجالات (الدين والأدب والفن والسياسة والإدارة والقانون وغيرها) المحافظة على طابعها وهويتها والإبقاء على التصنيف النافذ الساري المفعول بموجب المرسوم رقم ١١٨٥٥/١٩٩٨.