لبنان: المشكلة الدائمة والحلول الموقتة
علي حماده/النهار/1 أيلول 2016
في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري ردا على المطالبين بجمع السلاح من خارج الدولة (سلاح “حزب الله”) ان “هذا ليس من مصلحة لبنان لا دفاعيا ولا اقتصاديا ولا سياسيا”، وأعاد تأكيد تمسكه بما سماها “المعادلة الماسية الجيش والشعب والمقاومة”. قبل بري بيومين انبرى نائب من “حزب الله” ليعلن في لبنان: المشكلة الدائمة والحلول الموقتة! وقال في خطاب له ان “من يطلق النار على معادلة الجيش والشعب والمقاومة خائن”! وهناك مئات المواقف الاخرى المدافعة عن سلاح “حزب الله” غير الشرعي، التي تطلق تصنيف “الخونة” على المعترضين على وجود سلاح غير شرعي على أرض لبنان، وميليشيات تراوح بين “حزب الله” نفسه والعصابات المسماة “سرايا المقاومة” المنتشرة في كل المناطق، وهي مكلفة لعب دور “الباسيج” اللبناني!
نحن لا نتوقف عند كلام قيادات “حزب الله” في سلاحهم غير الشرعي، فالحزب المذكور عبارة عن اداة عسكرية، امنية، محملة اولا بوظيفة اقليمية، ثم بوظيفة محلية. الوظيفة الاقليمية تتلخص بالعمل الاستخباري والحربي لمصلحة المشروع الامبراطوري الايراني، وحرب ٢٠٠٦، والتورط في قتل السوريين على ارضهم مثلان صارخان. اما الوظيفة المحلية (والتي يذعن لها معظم القيادات اللبنانية) فتغيير طبيعة لبنان، وتحويله شيئا فشيئا الى قاعدة ايرانية الهوى، بسلوك احتلالي موصوف،.
في المقابل، نتوقف عند كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نعتبره أعقلهم في فريق ٨ آذار، وهو وإن تحدث أمس بصفته رئيسا لحركة “امل”، فإنه يعرف في قرارة نفسه ان المعادلة التي تحدث عنها ما عادت ضمانا لبقاء لبنان، بل انها ضمان لانزلاق لبنان مستقبلا في حرب أهلية ضروس. فما يطرحه “حزب الله” والمدافعون عن سلاحه على اللبنانيين، هو الاستسلام لمعادلة القوة المفروضة التي حولت لبنان الى بلد محتل من فريق داخلي.
نعم يا دولة الرئيس، إن لبنان واقع تحت احتلال سلاح القتل والاغتيالات والحروب المفتعلة، والمحتل يحمل هوية لبنانية. هذه هي الحقيقة، وهذه حقيقة ما تفكر فيه غالبية اللبنانيين. فلا دولة ولا دستور ولا قانون تحدثت بالامس عنها، ما دام في لبنان قهر، واحتكام الى السلاح. ولا لبنان في ظل هذه الطبقية في المواطنية التي تمارس بوجه الجميع بقوة السلاح غير الشرعي المفروض فرضا.
بالامس استوقفتني عبارة من النص الرائع للزميل جورج غانم في الحلقة الثانية من الوثائقي عن الرئيس بشير الجميل، عندما وصف مرحلة من مراحل الحرب اللبنانية بين ١٩٧٥ و١٩٧٦، عندما وصف تلك المرحلة بأنها مرحلة “المشكلة الدائمة والحلول الموقتة”، وقد رأيت في تلك العبارة وصفا حيا لما نعانيه اليوم في لبنان. فنحن في مرحلة المشكلة الدائمة، أي “حزب الله”، والحلول الموقتة كالتي تطرح دورياـ تارة على شكل حوارات ثنائية أو جماعية، وطورا على شكل “دوحة -١” او “دوحة -٢”. وهذه المعادلة أضمن الطرق نحو الهاوية.