وما رأي «الميثاقية» بقرار الحرب والسلم؟
علي الأمين/جنوبية/ 8 سبتمبر، 2016
“الميثاقية” عنوان معركة وهمية جديدة تستنزف ما تبقى من الدولة هكذا توهم بعض المسيحيين أنّهم يخوضون معركة الشراكة بدعم من دولة حزب الله فيما الميثاقية في مكانٍ آخر.
العفن ليس في أكوام النفايات، بل في السياسة أيضاً، في هذه السياسة التي ينتهجها أطراف السلطة، والتي أفضت إلى مزيدٍ من التدهور على مستوى إدارة الشأن العام، إلى فراغ في كل ما يخص مصالح الدولة ومواطنيها. لكن هذا الفراغ لا يمكن أن يطال الغرف السوداء، أي غرف المحاصصة وأوكار الفساد.
على هذا المنوال الذي شهدناه في اليومين الماضيين انفرط عقد طاولة الحوار بعدما كاد حلف “المقاومة” ينفرط على الطاولة. انفجرت بين رئيس التيار الوطني الحر ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وقيل أنّ ما ورد من عبارات لا يليق بطاولة حوار يُفترض أنّ أركانها هم نخبة السياسيين في البلد. فرنجية قال ما قال في باسيل والأخير لم يكن بخيلاً في توصيف ما عدا تياره من المسيحيين. أمّا الرئيس نبيه بري فلا شك أنّه بدا خلال المشادة منطبقاً عليه المثل: “قاضي الولاد شنق حالو”. فعلّق الحوار ولكن على طريقته البرّية أيضاً، مشدّداً على أنّه لن يعطيَ باسيل شرف فرط الحوار.
المشهد كان أكثر من كاريكاتوري، فبعد هذه الجلسة خرج فرنجية على عادته. فهو لا يقبل الضيم وراح يذّم بآلة الحساب التي يعتمدها التيار الوطني الحر في حساب من الأكثر مسيحية أو الأكثر تمثيلاً للمسيحيين. فيما الوزير باسيل بدا كطفل ابتهج بلعبة جديدة اسمها الميثاقية. لعبة يسهل عجنها وإعادة رسمها بما يتناسب مع رغبة اليوم. أما غداً فيوم آخر ولعبة اخرى.
والوزير فرنجية لم تسمح له مبدئيته أن يشارك في جلسة مجلس الوزراء أمس، فغاب ممثله الوزير ريمون عريجي عنها تضامناً مع وزراء التيار الوطني الحر. لكن مقتضى التضامن أن يشرح الوزير فرنجية ماذا يريد من هذا التضامن، والأفضل في هذه الحال أن يعمد إلى التنازل عن ترشيحه لرئاسة الجمهورية كتعبير أرقى وأن يكون أكثر كرماً عبر التنازل للمرشح العماد ميشال عون.
جبران باسيل
العفن السياسي في مستويات باتت تنذر بمخاطر تلوث شامل. مادة الزئبق التي زادت بشكل كبير في أكوام نفايات دون طمر أو فرز، كما شرحها الوزير أكرم شهيب قبل أيام، ازدادت أيضاً نسبتها في المواقف السياسية، من طاولة الحوار إلى الحكومة إلى المنابر التي باتت نهباً للمزايدات السياسية والطائفية والمذهبية. ودائماً باسم الميثاقية التي لا يستقيم معناها إلاّ في مدى ملائمتها للحساب الحزبي او الشخصي.
هي باختصار معركة نفوذ وصراع مسيحي مسيحي. لكن ليس لحساب رؤية سياسية تعيد تثبيت مشروع الدولة ودستورها، بل معركة سياسية محكومة بمواقف زئبقية غايتها مصالح سياسية حزبية أو شخصية. هي معركة تحسين مواقع في الساحة المسيحية تحت ظلال دولة حزب الله التي باتت تشكل في هذه الساحة مصدر الحماية أو بالأحرى مصدر الاستقواء، خصوصاً في داخل هذه الساحة المسيحية كما كان حال الوصاية السورية التي رجحت فريقا على آخر، وغيبت حزباً لصالح نفوذ حزب آخر.
إدّعاء الميثاقية وحمايتها هو معركة وهمية يحاول بعض المسيحيين إيهام أنفسهم بأنّهم يخوضونها من أجل الشراكة. تلك التي لا تزيد عن تعيين موظف هنا أو تحسين التمثيل الوزاري أو النيابي هناك. فيما السؤال الجوهري هو: هل أنّ أزمة لبنان تكمن في عدم تحسين شروط التمثيل الطائفي لهذه الطائفة أو تلك؟ ام أنّ الأزمة الفعلية تكمن في أنّ الذي يدعو لاحترام الميثاقية هل يعتبر نفسه أصلاً شريكاً مسيحياً فعلياً في السياسة الخارجية للبنان على سبيل المثال لا الحصر.
السؤال هو: هل في لبنان شراكة بين أركان السلطة في شؤون استراتيجية تتصل بالسياسة الخارجية، باستراتيجية لبنان الدفاعية في السياسات الإقليمية؟ الحكومة فيها طرف حاكم وآخرون تابعون أو مستسلمون. الطرف الحاكم واجبةٌ طاعته ولا يجرؤ أحدٌ على اتهامه في كل خياراته الإقليمية والعسكرية والأمنية، اتهامه أنّه مسّ الميثاق لا سمح الله، بل كلما استباح الدولة وشروطها وقواعدها… صفّق له الباكون اليوم على الميثاق.