مقابلة من موقع القوات مع الدكتور فارس سعيد: السجل العقاري في خطر و”حزب الله” يحاول بناء دولة حاضنة له ولبنان ليس فلسطين…
حاوره ماريا جمعه – تشارلي عازار/موقع الوات اللبنانية/15 أيلول/16
المذكّرة التي أصدرها وزير المال علي حسن خليل وتحمل الرقم 4863 ص/1 بتاريخ 31 كانون الاول 2015، وتقضي بنقل الملكيات الخاصة والمشاعات الى اسم الجمهورية اللبنانية، كانت كافية لإشعال سجال لم تنته فصوله بعد بين وزير المال والقوى السياسية التي اعتبرت نفسها معنية بتداعيات هذه المذكرة خصوصاً في بلدة العاقورة في أعالي جبيل، وذلك على رغم التوضيحات الكثيرة التي أصدرها خليل بشأن مذكرته والتي لا تلغي في رأي منتقديها “التباساتها”.
وفي هذا السياق رأى منسق الأمانة العامة لقوى “14 آذار” الدكتور فارس سعيد ان المذكرة التي اصدرها الوزير خليل بشأن المسح العقاري ونقل الملكية للجمهورية اللبنانية خطيرة للغاية.
واعتبر في مقابلة خاصة لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني “ان “حزب الله” يحاول تعويض خسارته في سوريا في لبنان من خلال بناء دولة حاضنة له على كافة الأصعدة ومنها الصعيد العقاري لخلق واقع جديد اسمه الواقع العقاري”.
وحمّل سعيد المسؤولية الى “حزب الله” و”حركة امل” بالوقوف وراء المذكرة، لانه لو كانت نيتهما صافية لطالبا بإلغائها، داعيا كل القوى والأحزاب الحريصة على حقوق المسيحيين التدخل لأن هذا الملف اهم من قانون الإنتخاب وانتخاب رئيس للجمهورية، لأن من لا يملك الأرض مصيره الرحيل.
وتوجه الى الوزير خليل قائلاً: “التطمينات الشفهية لا تكفي، والمطلوب الغاء المذكرة”.
وختم سعيد: “لبنان ليس فلسطين، ولكن أحذر اذا سقط جرد بلاد جبيل سقط جبل لبنان”.
وفي ما يلي النص الكامل:
1- ما هي أبعاد المذكّرة التي أصدرها وزير المال علي حسن خليل؟
اريد ان اضع موضوع الملف العقاري في اطاره السياسي وبشكل موضوعي، وانا صاحب نظرية بان “حزب الله” يحاول اذا انتصر في سوريا ان يترجم انتصاره في لبنان، واذا هزم في سوريا ان يعوّض خسارته في لبنان، ومن اجل التعويض يريد بناء دولة في لبنان تخضع لهيمنته، بمعنى ان تكون قادرة على الصعيد الدستوري، الأمني، القانوني والعسكري، وايضا العقاري ان تشكل حاضنة لمشروعه وتوفر له الحماية نظراً للمواجهات التي فتحها مع مجموعة واسعة من الأطراف والناس، بدءا من الشارع السنّي، مرورا بالشعب السوري جراء تورطه بالقتال الدائر في سوريا، وصولا إلى مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والولايات المتحدة من خلال العقوبات المالية والمحكمة الدولية والمشكلة المزمنة مع اسرائيل، وقد يكون اداة للمفاوضات الدائرة بين ايران واميركا، ومن غير المستبعد إطلاقا ان تفاوض طهران على بيع رأس “حزب الله”.
2- ما الهدف من توقيت هذه المذكرة؟ ولماذا أُثيرت اليوم وفي هذا الوقت بالذات؟
لماذا اليوم؟ لأن وزير المال اسمه علي حسن خليل، ولان “حزب الله” متورط منذ 5 سنوات في سوريا ويحاول خلق واقع جديد عن طريق الواقع العقاري.
ماذا تقصد بتغيير الواقع العقاري؟
كنا نملك في جبل لبنان وخارجه، ايام السلطنة العثمانية، املاكاً على قاعدة ما يسمى “الدفتر الشمسي” اي كان هناك حجة مكتوبة تقول بان حدود هذه الأرض هي شجرة تين من هنا وكرزة من هناك، ولكن عندما اتى الإنتداب الفرنسي، اسس لما نسميه اليوم السجل العقاري وادخل عاملاً علمياً على تحديد المساحة والمعروف بـ”التوبوغرافيا”، حيث نجح الفرنسيون من خلال ناضور التوبوغراف ومهندس واحد بمسح وتحديد 50% من الأراضي اللبنانية بين عامي 1926 و 1946، فيما لم تستطع الدولة اللبنانية لغاية اليوم ان تمسح وتحدد اكثر من 20% من الأراضي، أي ان هناك نحو 30% من اراضي لبنان غير محددة وغير ممسوحة بعد. وهذه الأراضي منقسمة الى قسمين، املاك خاصة وهي غير محددة، واملاك عامة ومشاعات غير محددة ايضاً، وهناك المشاعات الأميريّة التي هي بإسم الجمهورية اللبنانية، والمشاعات البلديّة التي تخص اهالي القرى. فجبل لبنان القديم الذي يمتد من بشري وصولاً الى جزّين ومن ضمنه زحلة وشمسطار والقرى المسيحية على شريط البقاع الشمالي يتمتع بترتيب المشاعات التي هي بإسم اهالي البلدات والقرى، اما المشاعات التي كانت خارج جبل لبنان القديم فهي بإسم السلطنة العثمانية وانتقلت الى الانتداب الفرنسي ومن ثم الى الجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال.
3- هل يمكن الكلام عن خلفية سياسية أو عن استهداف للمسيحيين؟
عندما رفعنا الصوت من الباب المسيحي تدخل الوزير خليل بشطارة وقام بتطمين شفهي معتبراً ان هذه المذكرة لا تطال جبل لبنان القديم لأنه يتمتع بترتيب معين منذ السلطنة العثمانية، الأمر الذي برّد قلوب الناس ودفعني بالمقابل إلى مطالبة الوزير بإلغاء المذكرة بمذكرة وليس بتطمينات شفهية، وأكدت أيضا باننا لا ندافع فقط عن جبل لبنان، لاننا نعتبر اعطاء الإمكانية لوزير المال في التصرف بنحو 3000كم من خلال المسح ونقل الملكية من مالك الى آخر يشكل خطورة كبرى من منطلق انها اوسع عملية سمسرة في الشرق الأوسط، وخاصة انها تجري في ظل وجود مجلس نواب معطل.
4- هل يمكن القول أن ثمة محاولة لوضع اليد على لبنان عن طريق تغيير هويته العقارية؟
يحاول “حزب الله” فرض امر واقع من خلال وضع يده على الدولة اللبنانية والسجل العقاري هو جزء من هذا الأمر الواقع الذي يحوال الحزب ان يستولي عليه.
5- ألا يحق للوزير إصدار مذكرة من هذا النوع؟
أصدر وزير المال في 31 – 12- 2015 مذكرة تحمل الرقم 4863، وبما انها مذكرة لا قانونا لم تصدر في الجريدة الرسمية، وقد وجهها الى دوائر التحديد والمساحة داخل وزارة المال، مطالبا ان تستكمل عملية المساحة خاصة في المشاعات بإسم الجمهورية اللبنانية بحيث يطبق القانون على كافة الأراضي اللبنانية بالتساوي، لذلك فان نقل الملكية من مالك الى آخر بموجب مذكرة هو مخالف للقانون، وعملية نقل الملكية بحاجة الى قانون وليس مذكرة، كما ان نقل الملكية من البلدات الى الجمهورية اللبنانية تشكل خطورة سياسية، لان هذه الجمهورية قادرة ان تقوم ببيع واستثمار هذه المشاعات لأفراد قد تهدد يوما ما الكيان اللبناني.
6- هل تعتبر أن وحدة الموقف على المستوى المسيحي، التي تمثّلت بموقفكم وموقف “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ” والكنيسة المارونية وسائر القوى السياسية، قد تُشكّل رادعاً ودافعاً لإلغاء الوزير خليل مذكّرته؟
إن هذا الموضوع ليس موضوعاً سياسياً فقط كما أنه ليس مارونياً انما هو وطني بإمتياز ويتعلق بالتلاعب في السجل العقاري في لبنان وعلى مساحته. قد يكون للمسيحيين حساسية معينة في ظل الترتيب التاريخي لجبل لبنان منذ أيام السلطنة العثمانية، انما الخيام، مثلاً، ليست في جبل لبنان، ويُقال ان مشاع الخيام نقل الى الجمهورية اللبنانية التي باعت بدورها بعض الأراضي الى بعض النافذين الذين يدورون في فلك سياسي معيّن، وبالتالي اعتقد أن ما يقوم به الوزير خليل من خلال المذكّرة يتجاوز العاقورة وجبل لبنان والحساسية المسيحية. وهذه المذكّرة غير قانونية ولا تجيز لوزير المال أن يمسك بيده السجل العقاري في لبنان وأن يجعل من هذا الإمساك أمراً واقعاً للسجل العقاري. فمن يضمن لنا، على سبيل المثال، بأن لا تكون هذه الأملاك مادة لتسهيل تبييض الأموال لجهات معينة؟ ولذلك نريد توضيحاً منه وموقفاً واضحاً من “حزب الله”، ما يعني انضمامهما إلى مطلبنا بإلغاء المذكّرة والقرار. كما نطالب كل الكتل النيابية بموقف واضح، سيما أنها تابعت الملف مع الوزير خليل وقالت انه طمأنها عبر الهاتف، فيما هذا الكلام لا يجدي نفعاً، لاننا لا يمكن ان نطمئن إلا بإلغاء المذكّرة.
وفي الوقت الذي أشدد فيه على ضرورة استكمال تحديد المساحة المتبقية من الأراضي اللبنانية والتي هي بحدود الـ30%، إلا انه لا يجوز المسح من دون وجود مؤسسات تتولى مراقبة ما يحصل على الأرض، لأن لا ضمانة لأحد خارج القانون، وأما المذكّرة والقرار فلا يُلغيان الا بمذكّرة وقرار وهما بيد الوزير شخصياً لا بيد مجلس النواب.
8- لماذا الإكتفاء بتسجيل المواقف من دون مراجعة الطرف المعني للوقوف على الأسباب الموجبة التي دفعته الى إصدار القرار؟
لم اتصل بالوزير خليل وكذلك هو ايضاً وما أقوم به ليس موجها ضد شخص معين بل نحاول ان نقول بأن هناك 30% من الأراضي اللبنانية غير ممسوحة وغير محددة، ومن حقّنا ان نسأل كيف يمكن بموجب مذكّرة وقرار أن نضع 30% من الأراضي اللبنانية بتصرف وزير المال الذي يمكن ان يُحدد وجهة استخدام هذه المساحة ونقل الملكية من مالك الى مالك آخر؟
9- لقد سبق لكم أن التقيتم الرئيس نبيه بري، فلماذا لا تلتقونه اليوم لمناقشة هذه القضية؟
لا ضرورة لذلك كون الوزير من ضمن فريقه السياسي، ومن ثم لا يمكنهم ان يقولوا لنا بانهم يحموننا من “داعش” ويعملون في المقابل على سرقة ارضنا، ولذلك اطالب بالغاء هذه المذكرة.
10- ما هو موقف الكنيسة؟
زرت غبطة البطريرك بشارة الراعي وشرحت له الأمر الذي اعتبره مشبوها، إذ بين الإعتداءات التي تحصل على الاملاك في بلدة لاسا والمملوكة من قبل الكنيسة منذ عام 1939، وبين مذكرة خليل، نعيش حالا من القلق والريبة، وبالتالي طالبت غبطته التدخل لمصلحة القانون، وهذا ما فعله البطريرك عندما زار لاسا وطالب بإلغاء المذكرة، كما انه تحدث ايضا عن قرار وزير المالية الصادر بتاريخ 31- 12 – 2015 وهو خطير للغاية، ويناقض تطمينات الوزير الشفهية الذي قال ان المذكرة تستثني جبل لبنان، بينما القرار الصادر في 31- 12، يطلب من دوائر المساحة تصحيح ما يسميه بالأخطاء الشائعة.
11- أين يقف “حزب الله” من هذه المذكّرة؟
اخشى ما اخشاه ان يكون الهدف من كل ذلك فرض امر واقع جديد وامر واقع عقاري يسمح لفريق من اللبنانيين ان يتصرف بـ 3000كم من الأراضي اللبنانية.
12- هل تقصد “حزب الله” و”حركة أمل”؟
طبعاً وإلا عليهما إلغاء المذكرة واحمّلهما المسؤولية، واذا كانت نيتهما صافية، عليهما استثناء جبل لبنان وتصحيح المسار القانوني للمذكرة والقرار، بما معناه حماية الأراضي في كل لبنان وليس فقط في جبل لبنان ومن خلال قانون وليس مذكرة، ولذلك على “حزب الله ان يتدخل وعلى حركة “امل” ايضاً ان تدعوا الوزير خليل إلى الغاء المذكرة، كما اطالب كتلة “القوات” و”التغيير والإصلاح” و”الكتائب” وكل من يحرص على حقوق المسيحيين التدخل، لأن هذا الملف اهم من قانون الإنتخاب وانتخاب رئيس الجمهورية، و من لا يملك الأرض مصيره الرحيل، خصوصا ان الملكية الخاصة للمسيحيين في لبنان تذوب تدريجا، لان العائلات المسيحية تبيع الأرض من اجل منح أولادها افضل تعليم ممكن، وبالتالي ماذا يبقى غير الملكيات العامة، واذا انتقلت هذه الملكيات الى الجمهورية اللبنانية نكون قد وضعناها بذلك بيد من يتحكم بالجمهورية وليس بيد القانون.
13- هل يمكن الفصل بين البعدين الديموغرافي والجغرافي؟ وما السبيل لحمايتهما من أجل الحفاظ على التعددية اللبنانية؟
في عهد الانتداب الفرنسي تمّ تأسيس سجل النفوس والسجل العقاري، وقاموا بإحصاء في العام 1932، وبدأوا بأعمال تحديد المساحة والتدقيق وأدخلوا “التيبوغرافيا” علميا على موضوع الأملاك في لبنان في العام 1926. وقد أصيب سجلّ النفوس بمكان ما بمرسوم التجنيس الذي أصدر في العام 1994، والسجل العقاري اليوم تتمّ إصابته ووضع اليد عليه من خلال مذكّرة وقرار الوزير علي حسن خليل الصادران في 31/12/2015. ولا اريد من كل من يود التعاطي في هذا الملف ان يتبنى وجهة نظري، انما أدعوه أن يضع عينه على السجل العقاري وان يطرح على نفسه وأمام الرأي العام التساؤل الآتي: “ماذا يحصل في السجل العقاري في لبنان؟”. وهذا موضوع خطير جداً وأريد، عبر هذا الموقع، أن أنبّه بأن فلسطين وأرضها ذهبت بسبب ثلاثة أمور:
– خسارة الحرب في العام 1948 أمام الجيش الاسرائيلي.
– بيع بعض الأملاك الخاصة من قبل عائلات ثرية والتوجه الى بلدان عربية مجاورة.
-
انتقال مشاعات فلسطين من السلطنة العثمانية الى الانتداب البريطاني وعندما اعترف العالم بدولة اسرائيل نقلت المشاعات إلى الدولة الإسرائيلية.
-
14- هل من تشابه بين السيناريو الذي أدى الى تهجير الفلسطينيين وبين السيناريو الذي بدأ النظام السوري تنفيذه إبان وصايته على لبنان؟