لبنان قد يذهب إلى نظام مجهول… إذا لم يُنتخَب رئيس قبل نهاية السنة
اميل خوري/النهار/15 أيلول 2016
إذا كان لبنان وصل فعلاً إلى مفترق طرق وأن الهيكل قد يسقط على رؤوس الجميع، لا بل أن الآتي أعظم… أفليس من مُنقذ لا في الداخل ولا في الخارج؟!
الواقع أن لبنان في حال لم يتم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية السنة ولا الاتفاق على قانون للانتخاب ولا على حل مشكلة السلاح خارج الدولة، فإنّه يواجه إحدى الحالات الآتية:
أولاً: انتخاب رئيس للجمهورية في ظل الوضع الراهن قد لا يكون سوى امتداد عهود رؤساء سابقين، فبقاء السلاح خارج الدولة لن يمكّن الرئيس الجديد من تغيير شيء في الوضع الداخلي.
ثانياً: تغيير صيغة النظام في لبنان بعدما ثبت أن الصيغة الحالية في رأي البعض لم ترسّخ العيش المشترك الثابت ولا الوحدة الوطنية القويّة ولا السلم الأهلي الدائم لأسباب سياسيّة أو مصلحيّة حيناً ومذهبيّة حيناً آخر. وقد يكون النظام الفيديرالي هو الأنسب لتحقيق كل ذلك، أو أقلّه تطبيق اللامركزية الإدارية الواسعة في المرحلة الأولى وفقاً لما نص عليه الدستور، فتنتفي أسباب الصراع الحاد بين القوى السياسية الأساسيّة في البلاد على السلطات المركزية.
ثالثاً: إعادة لبنان الكبير صغيراً بسلخ بعض الأقضية التي كانت ضُمّت إليه وترسيم حدود جديدة له لتعود الغالبية فيه مسيحية. وهذا لا يتم إلّا إذا تقرّر تغيير حدود دول في المنطقة وليس أنظمتها فقط توصلاً إلى اقامة دويلات مذهبية وعرقية واتنية، وهو مخطّط اسرائيلي قديم يجعل الدولة الإسرائيلية الأقوى في المنطقة.
رابعاً: ابقاء لبنان بحدود الحالية وبنظامه الحالي مع تعديلات تتطلّبها أوضاع مستجدّة لتجعله أكثر قدرة على تحقيق مزيد من العدالة والمساواة بين جميع مكوّناته الحزبيّة والسياسيّة والمذهبية، ولكن في إطار الاتفاق على تحييده عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية لتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات وحرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلّق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقّة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم. فتحييد لبنان يسهّل الغاء الطائفية السياسية ويجعل الرئاسات الثلاث الموزّعت حالياً طائفياً مفتوحة على أصحاب الكفاية والاستقامة والنزاهة الى إي حزب أو طائفة انتموا، لأن ما يبدّد هواجس كل طائفة في لبنان هو تحييد لبنان الذي يجعل كل مكوّناته مطمئنة إلى يومها وغدها، فلا يظل مكون مع خارج يستقوي به على مكوّن آخر يفعل مثله فيستمر الانقسام الداخلي حاداً.
خامساً: التمسّك باتفاق الطائف والتزام القرارات الدولية بما فيها القرار 1701، وكذلك تنفيذ القرارات التي تم التوافق عليها في طاولة الحوار، توصلاً الى ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية – السورية وعدم استخدام لبنان مقراً أو ممرّاً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين، وتعزيز مؤسّسات الدولة والاحتكام اليها لحل أي خلاف، وتكريس الجهد اللازم لتمكين الجيش وسائر القوى الأمنية من التعامل مع الحالات الطارئة وفرض سلطة الدولة والأمن والاستقرار في كل المناطق، فلا يكون سلاح فيها غير سلاح الدولة.
يقول الرئيس حسين الحسيني في حديث الى “مجلة الأمن العام”: “إن اتفاق الطائف بني على: تطبيق القرارات الدولية، تأمين انسحاب اسرائيل من الأراضي اللبنانية، ترسيخ العلاقات اللبنانية – السورية في إطار سيادة كل من البلدين واستقلالهما، إقامة الدولة اللبنانية وفقاً لنظام الحكم المبني على نظام جمهوري ديموقراطي برلماني يقوم على احترام الحريات وفي مقدمها حرية الرأي والمعتقد والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين من دون تمايز أو تفضيل ووفقاً لنظام مبني على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذيّة والقضائية، ونقل السلطة من الأشخاص إلى المؤسسات”.
ويضيف الحسيني: “ان اتفاق الطائف جرى اعلانه في إطار عربي ودولي وتم التزام قرارات مجلس الأمن والمجموعة الأوروبيّة والمجموعة الافريقية وقرارات كل المحافل الاقليمية والدولية واجتماع الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، والتزام اتفاق الطائف نصاً وروحاً. وهذا الاتفاق لا أسرار فيه، وهو تسوية ذات أفق مفتوح قابلة للتطوير لكن بالوسائل السلمية من دون حروب ومن دون اقتتال، وأن أي بديل منه يؤدّي إلى اخراج لبنان من محنته، نحن على استعداد لتبنّيه فوراً. فلطالما كرّرنا القول إن أحداً لم يأتنا بجملة مفيدة بديلاً من الطائف”. فأي لبنان سيكون للبنانيّين ليخرج من الوضع الشاذ، وأي جمهوريّة وأي نظام وأي دولة؟ هل ننتظر تبلور صورة الحلول في المنطقة، ولا سيّما في سوريا، لمعرفة أي صورة ستكون للبنان، أم يكون للقادة فيه الجرأة على رسم صورته بأيديهم فينتخبوا الرئيس الذي يستطيع أن يقيم الدولة القوية التي لا دولة سواها، وإلّا ظل لكل طائفة لبنانها ودولتها…