صمت “حزب الله” يثير التساؤل: هل بات جاهزاً للانتخاب أو للتسليم بالحريري رئيساً لحكومة العهد الأولى؟
سابين عويس/النهار/1 تشرين الأول 2016
منذ بدأ الرئيس سعد الحريري حركة مشاوراته واتصالاته الداخلية سعياً إلى إحداث خرق على جبهة الاستحقاق الرئاسي، من خلال استدارة عن مرشحه النائب سليمان فرنجية نحو العماد ميشال عون، ظل “حزب الله” معتصما بالصمت، مطفئاً محركاته، وتاركا الأمور لتأخذ مداها حتى تتظهّر هذه الاستدارة علنا وبكل معطياتها ومقوماتها. يدرك الحزب أن الحريري يسعى إلى اقتحام ملعبه، ربما لإحراجه بعدما كان شرطه الاول والاخير للنزول إلى المجلس النيابي، يقضي بالنزول من أجل انتخاب العماد عون رئيساً، أو ربما لإعادة تركيب السلطة من خلال عودة قوية للزعامة السنية عبر رأس السلطة التنفيذية.
بدأ الحريري بتبنيه ترشيح النائب فرنجية، لكن هذا الترشيح لم يسلك طريقه، رغم أن الحزب رافق فرنجية في كل خطواته التفاوضية مع الحريري، وأدرك من خلال بنود التفاوض إلى أي حد يبدو رئيس “المستقبل” محشوراً بما أن المفاوضات لم تبحث في الضمانات بقدر ما تناولت الحكومة والحقائب والملف الاقتصادي والنفط والمجالس. وكان الحزب حاسما في عدم ملاقاة الحريري في ترشيح فرنجية، مراعاة لعون. وطلب من زعيم زغرتا التريث على قاعدة أن الوقت ليس للخلاف مع الجنرال.
وبمضي الوقت، دفع الحزب الحريري إلى المجيء إليه، من دون أن يعطيه سره: فهل أصبح الحزب جاهزا لانتخاب رئيس للجمهورية؟ وهل أصبح جاهزا للتسليم بالحريري رئيسا للحكومة؟
لسياسي مخضرم قراءته الخاصة لموقف الحزب من الحراك الحريري وما قد يؤدي إليه. فهو لا يرى أن الحزب أصبح جاهزا للأمرين على السواء. التحالف مع عون إستراتيجي بالنسبة إليه لأنه يجنبه العزلة، وبالتالي هو ليس مستعدا للتخلي عنه تحت أي ثمن، وإن تكن أهمية عون كحليف مسيحي أكبر من أهميته كرئيس مسيحي، وثمة فارق كبير بين الأمرين، على ما يقول السياسي العتيق.
يؤمن هذا السياسي بنظرية أن “المستقبل” يكون واهما إذا اعتقد أن مجيء عون الى الرئاسة سيعني حتما مجيء الحريري الى رئاسة الحكومة، وإن يكن مقتنعا بأن زعيم التيار الازرق هو المرشح الاوحد أو الأكثر حظاً لترؤس حكومة العهد الاولى.
ويعزو ذلك إلى هواجس كثيرة تقلق “حزب الله” من عودة الحريري إلى السلطة اليوم، وقبل نضج التسوية في المنطقة. “فالحزب رفض السير بفرنجية لئلا يخسر تحالفه مع عون، فكيف سيقبل بالحريري الذي يحوك تفاهمات مع عون تتناول أدق التفاصيل وأهم الملفات؟” يتساءل السياسي، عاكسا بتساؤله هذا خوف الحزب من الحوار الثنائي بين عون والحريري الذي يأتي بعد تحالف ثنائي مع “القوات”. وبمعرفة المزاج المتقلب لعون، علما أن الاخير لم يخطئ في مواقفه من الحزب وقضاياه، فإن إحتمال انتقال عون إلى صفوف الحريري – جعجع يطرح بعض علامات الاستفهام لدى بعض الاوساط المتحفظة في الحزب.
وعليه، يعتقد السياسي ان ثمة 3 شروط تسير بالتوازي، يتسلح بها الحزب للسير بالحريري رئيسا للحكومة:
- ان يهدأ الصراع السعودي – الايراني لئلا تُظَهر عودة الحريري الى السلطة انتصارا سعودياً. ولا يستبعد السياسي ان تكون الحملة المبرمجة التي شنتها اوساط قريبة من الحزب أخيرا تصب في سياق إضعاف صورة الحريري وإخراجه من تحت العباءة السعودية، علما انه بقدر ما يعتبر وصول الحريري الى السلطة إنتصارا سعوديا في اوساط 8 آذار، ثمة في اوساط “المستقبل” من يرى في وصول عون إلى الرئاسة إنتصارا إيرانيا. من هنا الحاجة إلى هدوء على حلبة الصراع الايراني- السعودي تساعد على هضم ثنائية عون – الحريري في السلطة.
- يحتاج الحزب إلى إمعان الضرب في صورة الحريري وموقعه سياسيا وشعبيا ونيابيا من أجل تقليص حجمه. وهذا ينبع من استشعاره حجم خطر التمدد الديموغرافي السني الناجم عن تنامي الاعداد، في ظل وجود نحو مليون ونصف مليون لاجىء سوري واكثر من 300 الف لاجىء فلسطيني. ومواجهة هذا التمدد تقتضي إضعاف الزعامات السنية وشرذمتها، ومن ضمنها زعامة الحريري.
- العمل على قانون انتخاب يترجم عملية الاضعاف أو التقليص هذه.
ولهذا يقتنع السياسي بأن هذا المسار لا يزال يتطلب بعض الوقت لإنضاجه، ربطا بالتسوية الاقليمية التي من شأنها تسهيله.