Quantcast
Channel: Elias Bejjani News
Viewing all articles
Browse latest Browse all 21056

طوني عيسى: العونيون في بعبدا والرئاسة في «خندق غميق

$
0
0

العونيون في بعبدا والرئاسة في «خندق غميق»!
طوني عيسى/جريدة الجمهورية
الاثنين 17 تشرين الأول 2016

أجرى العونيون عملية «روداج» لسلوكهم طريقَ بعبدا، وكلّهم أمل في أن يكون 13 تشرين الأوّل 2016 خاتمة أحزانهم. ولكن، على رغم الآمال العونية ببلوغ بعبدا، فإنّ هناك من يستعين بالمَثل الفرنسي للتعبير: «c’est trop beau pour être vrai» (إنّه أجمل بكثير مِن أن يكون صحيحاً).
الجميع ينتظر الرئيس سعد الحريري ليعلن تبنّيَه ترشيح العماد ميشال عون. لكن الملف الرئاسي هو في الواقع رهينة «لعبة كشاتبين» يَصعب فيها اكتشاف الألغاز واجتياز الألغام. ويبتسم نائب من «14 آذار» عند سؤاله: كيف ترى خواتيمَ المبادرة الحريرية؟ ويقول: «أخشى أنّه سيصل إلى مقولة «لو كنتُ أعرف خاتمتي… ما كنتُ بدأْت!».

إنتقلَ الحريري بمرونة من تبنّي ترشيح الدكتور سمير جعجع إلى ترشيح النائب سليمان فرنجية، وهو يبدي اليوم ليونةً تجاه تبنّي ترشيح عون. ويبدو سهلاً لأيّ طرف غير مسيحي التنقّل بين المرشّحين الموارنة، فلا خسارة من اللعب في مناطق ليست خطرة. لكنّ الحريري يحاذر الاصطدام بالنار الشيعية. لذلك، هو يتريّث في إعلان موقف جديد.

كانت أوساط في «المستقبل» تداولت معلومات عن أنّ الحريري سيعلن اليوم الإثنين تبنّيَه ترشيح عون، وتحرّرَه من التزامه بدعم فرنجية، من دون أن يطالبه بالانسحاب من المعركة. وهذا ما يَسمح للقطب الزغرتاوي بأن يتشجّع على الاستمرار في المعركة.

لذلك، بدأ نواب فرنجية يكسرون مقاطعة الجلسات الانتخابية المفترضة. ولذلك أيضاً، ذكّر الرئيس نبيه برّي بخيار المنافسة بين المرشّحين في المجلس النيابي. ولذلك، حرصَ فرنجية في عين التينة على التأكيد أنّه الأقوى، وقال: «المرشّح الأقوى لا ينسحب للمرشّح الأضعف، ولتكن الكلمة الفصل لمجلس النواب. ولننزل أنا وعون إلى جلسة 31 تشرين الأوّل، وليربح من يربح».

إذاً، فرنجية لن ينسحب في أيّ حال، وهو أعلن ذلك في شكل جازم، مؤكداً أنه تلقّى دعماً مباشراً من برّي. وليس في الأفق ما يُوحي بأنّه سيتراجع، على رغم الكلام عن أنّ الرئيس الحريري سيزور بنشعي، في حال تبنّيه ترشيح عون، ليشرح له حيثيات الموقف.

المطّلعون على موقف فرنجية يقولون إنه لن يقتنع بالانسحاب. وفي أيّ حال، لا شيء ولا أحد سيجبره على ذلك. وهو لن يترك الساحة لعون لكي يحقِّق حلمه القديم بالصعود إلى قصر بعبدا. والأهم هو أنّ العديد من المعنيين يعتقدون أنّ برّي لن يقتنع أيضاً بانتخاب عون، وهو الذي قال قبل أيام: لو صوَّت كلّ أعضاء كتلتي لعون فأنا لن أفعل!؟

وفي اعتقاد هؤلاء أنّ الحريري يُدرك أنّ ترشيحه لعون سيَضعه في مآزق مختلفة، سنّياً وشيعياً ودرزياً. وفي عبارة أشدّ وضوحاً، إنّ الاعتراض داخل تيار «المستقبل» وفي أوساط سنّية أخرى، وربّما في المملكة العربية السعودية. لكن الأهم هو الاعتراض الشيعي.

في هذه الحال، سيَصطدم الحريري فعلاً ببرّي كما بـ»حزب الله» الذي سيبدو مُحرَجاً جداً بتسمية الحريري لعون، وسيَعتبر أن الهدف منها هو زرع الشقاق داخل فريق «8 آذار»، إذا لم ينسحب فرنجية من المعركة. ويفضِّل «حزب الله» أن يتجنّب إحراجَ نفسِه بالذهاب عملياً إلى انتخاب عون، لأسباب محلّية وإقليمية، ويرغب في استمرار المراوحة إلى أن «يحلَّها حلّال».

يُدرك الحريري هذه الحقائق، وهو نفسُه يُدرك مخاطرَ الخروج، من طرف واحد، على منطق المقاسمة السنّية – الشيعية وروحية «الحلف الرباعي». ولذلك، هو يفكّر كثيراً قبل اتّخاذ قرارات تُحرج بري و»الحزب».

وإذ يتلقّى الحريري العروض المغرية من الرابية بأن يكون رئيس الحكومة الدائم في «العهد العوني»، فهو يسأل: كيف لعون العاجز عن بلوغ بعبدا منذ 30 عاماً أن يطلق التعهّدات لرئيس حكومة؟

ويفكِّر كثيرون في أنّ تجاوب الحريري مع «عرض» عون الرئاسي القديم، أي «إدعمني في بعبدا لأدعمَك في السراي»، قد ينعكس عليه سلباً من الجهة الشيعية.

فشعور برّي و«حزب الله» بأنّ الحريري عمدَ إلى تسمية عون رغماً عن رغبتهما سيرتدّ على الحريري، بحيث سيتحوّل «فيتو» شيعياً على تولّيه رئاسة الحكومة… وطبعاً لن يصل عون إلى بعبدا. ولا يمكن أن يغامر الحريري بإحراق مراكبه مع الشيعة الأقوياء الذين له مصلحة معهم… من أجل رئاسة الجمهورية أو عون أو سواه.

والأرجح أنّ الحريري سيضع دائماً في الحسبان أنّه جاء أساساً إلى بيروت، برعاية عربية ودولية بهدف تهدئة عون في شهر التصعيد، وإتاحة المجال لتمرير الجلسات التشريعية وتسيير بعض الأعمال في الحكومة. أمّا انتخاب رئيس للجمهورية فهو مسألة أخرى تستلزم ظروفاً أخرى. وهذه الوقائع يدركها فرنجية أيضاً.

ويعرف الحريري، من خلال التجارب، أنّ «حزب الله» هو الكفيل بأن تحصل الانتخابات الرئاسية أو لا تحصل، وبوصول عون أو فرنجية أو أيّ مرشّح آخر. ومِن السذاجة أن يصدّق المرء أنّ ديبلوماسياً سعودياً رفيعاً يغرِّد على «تويتر» منفرداً، في لحظة لبنانية شديدة الحساسية، عبارات لا يُدرك تفاعلاتها.

المطّلعون جيّداً على المجريات يقولون: سيتريّث الحريري في التسمية أكثر، وسينتظر عون أبعد من 31 تشرين الأوّل. ولكن -افتراضاً- إذا اقتضَت الظروف من الحريري أن يسمّي عون، فإنّ خطوته لن توصلَ هذا الرجل إلى بعبدا. فأيّ جلسة انتخابية يمكن أن تَحظى بالنصاب المكتمل ستشهد ربّما مفاجآت أو صدمات لا يريد أحد مواجهتَها.

مثلاً: ماذا لو نزلَ فرنجية إلى المعركة في تلك الجلسة؟ كيف سيصوّت برّي، وكيف سيصوّت «حزب الله» بين حليفَيه المسيحيين، وكيف ستتوزّع أصوات «المستقبل» وسائر النواب السنّة المعروفين بميلِهم إلى فرنجية أكثر من ميلِهم إلى عون لأسباب كثيرة؟ وكيف سيصوّت النائب وليد جنبلاط؟ وكيف ستتوزّع أصوات النواب المسيحيين؟

ألا ينذر هذا الخلط للأوراق بمفاجأة لا يريدها عون في جلسة 31 تشرين؟ أوليس لهذه الأسباب يبدو فرنجية مرتاحاً بدعوة «غريمه» إلى المنازلة بالأصوات في ساحة النجمة؟

إزاء هذه الاحتمالات، كيف سيتعاطى عون مع الجلسة، ولو سمّاه الحريري، إذا لم ينسحب فرنجية؟ وهل في قدرة عون أن يقنع «حزب الله» بالضغط على فرنجية للانسحاب، أو بالوساطة مع بري لدعمه؟

إذاً، إذا لم تكن لمبادرةِ الحريري (الافتراضية حتى الآن) بتسمية عون مفاعيلُها التنفيذية في إيصال الرجل إلى بعبدا، فأيّ فائدة سيَجنيها الحريري منها، ولماذا سيعتمدها إذاً؟

توحي الوقائع بأنّ عون سيبقى واقفاً في منتصف الطريق بين رغبتَين متناقضتين: هل الأفضل له أن يبقى هادئاً لعلّ «الطبخة» تنضج على نار خفيفة، أم أن يذهب إلى التصعيد الذي يمكن لناره أن تسرِّع الإنضاج؟ ولذلك هو يشارك «نصف مشاركة» في مجلس الوزراء وسيَنفتح «نصف انفتاح» على الجلسات التشريعية، وسيعتمد خطاباً نصفَ تصعيدي كالذي ظهر أمس في «يوم الحشد البعبداوي».

فقد زحفَت جماهير عون، بأجيالها القديمة والجديدة، إلى مشارف القصر المرتجى، لتستذكرَ أنّه ذات يوم من العام 1988 صَعد إلى هناك حاملاً المسؤولية عن منعِ الفراغ الرئاسي. لكنّه أراد أن يملأ الفراغ بنفسه، واصطدم بفيتوات داخلية وخارجية، ولم يغادر القصر، بعد أكثر من عامين، إلّا فارغاً مدمَّراً.

واليوم، بعد عامين وأربعة أشهر من الفراغ الرئاسي، يقتنع عون بمفاعيل المعجزات. والمعجزة هي من نوع «إدخال الجَمل في خرم الإبرة»! ولكن، لا يبدو أنّ الذين وضَعوا «الفيتوات» على عون قبل 30 عاماً قد أزالوها.

الأمثولة الوحيدة التي قد تنقذ عون، سَواء أوصَلته إلى بعبدا أو لا، هي أن يعرف: مَن يريدُه فعلاً لا قولاً رئيساً للجمهورية ومَن لا يريده. في هذه الحال وحدها سيرتاح عون ويجري حسابات دقيقة ويعرف أصول اللعبة.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 21056

Trending Articles