صحف ممانعة تُلمح بحدث أمني..هل يستعد حزب الله لتطيير الانتخابات الرئاسية؟
فايزة دياب/جنوبية/21 أكتوبر، 2016
مبادرة توّجت بالأمس من بيت الوسط بإمكانها سدّ الفراغ الرئاسي الذي يهدّد لبنان، فهل سيملأ الفراغ قبل نهاية العام الحالي أم أنّ المبادرة ستنتهي كما سابقاتها مع تنفيذ مخطط تهديد أمني كما لوّحت صحف الممانعة؟ عشرة أيام فقط تفصل لبنان عن مرحلة جديدة في الحياة السياسية، إن تمّ انتخاب النائب ميشال عون أو لم ينتخب. فإن اكتمل النصاب ورجّحت أصوات صندوق الاقتراع العماد ميشال عون في الواحد والثلاثين من تشرين الثاني وتوّج رئيسًا بعد فراغ دام أكثر من سنتين، سيدخل لبنان مرحلة جديدة من خلط الأوراق والسجالات خصوصًا بين حلفاء الصف الواحد في الثامن من آذار بعدما اختلفوا في التوافق على اسم عون.
أمّا في حال تعطيل الجلسة القادمة، واستمرّ حزب الله بمقاطعة الجلسات الانتخابية، وهذة المرّة تحت ذريعة عدم التوافق بين برّي وعون، سيدخل لبنان مجددًا في دائرة المراوحة والتعطيل، ممّا سيخلق أزمة بين حزب الله وحليفه الوفي ميشال عون، أو بمعنى آخر ازمة شيعية – مسيحية، سيكون لها آثارها السلبية على الوضعين السياسي والاجتماعي العام في البلد. وآخر عقبات تعطيل جلسة 31 ت2 هو العودة مجددًا إلى نقطة الصفر، فمن سيكون المرشح الخامس المفترض للجمهورية، وما هو شكل الرئيس ومواصفاته، ومن سيتولى اخراج لبنان من هذا الفراغ القاتل؟
أمّا السيناريو الأكثر خطورة والذي ألمحت إليه الصحف التي تدور في فلك حزب الله هو تفجير أمني يطيح بالاستحقاق الرئاسي وبالاستقرار النسبي، حيث أوضحت مصادر صحيفة «الديار» يوم أمس أنه «لا يمكن الجزم بحصول الاستحقاق الرئاسي مع التسريبات والخشية من حدث امني قد يعطل الاستحقاق عبر تحركات على الارض ينتج منها احداث دموية أو عملية اغتيال تؤثر في الاستقرار اللبناني برمته»، لافتة إلى «استحالة حصول الاستحقاق الرئاسي في ظل الكباش الكبير في المنطقة ولبنان ليس خارجه مطلقاً». كذلك دعت «السفير» اليوم إلى أن «تكون العيون مفتوحة على الأمن في هذه الأيام العشرة الفاصلة عن جلسة الانتخاب». وقالت في ختام افتتاحيتها «كل التجارب تشي بأن مسارات كهذه لم تنكسر إلا بالأمن». ولكن كيف يمكن قراءة هذه التسريبات والتحذيرات، أهي رسائل تهديدية، أم إنّه سيناريو تسعى جهة ما إلى تنفيذه، أي سنكون أمام انفجار أمني سيدخل البلد في المجهول السوري الذي استطعنا تفاديه على مرّ السنوات الخمس؟ العميد المتقاعد وهبي قاطيشا رأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «هذه التسريبات هي قد تكون أمنيات أو مخططات لجهة ما، بعد الانفراج في الملف الرئاسي والآفاق التي تشير الى قرب انتخاب الرئيس الأمر الذي يثير استياءهم بسبب عدم استعدادهم لملئ الشغور الرئاسي في الوقت الراهن».
وتابع قاطيشا «لبنان ساحة مفتوحة أمام كل الجهات، فأي جهة تستطيع أن تهدد وتنفذ مخططها بسهولة، لذلك فإنه من الصعب توقع إن كنّا أمام حدث أمني كبير أم لا».
أمّا عن جلسة 31 ت2 فرأى قاطيشا أنّ «الأمور باتت واضحة أمام الجميع والجنرال عون بات مرشّح الغالبية العظمى من اللبنانيين، فأي تعطيل أو تأجيل من حزب الله سيكون بمثابة تأكيد أنّ الحزب لا يريد رئيس وأن مرشحه للرئاسة هو الفراغ».
وعن امكانية تأجيل الجلسة قال قاطيشا «هناك مؤشرات تحدث عن امكانية تأجيل الجلسة من أجل إحداث التوافق بين بري وعون وهذا التوافق هو من مهمة حزب الله، الذي عليه أن يسعى لإجماع حليفيه من أجل انهاء الفراغ»، وختم قاطيشا «إلاّ أنّ التطور الايجابي في الملف الرئاسي يجب أن ينهي لفراغ قبل نهاية العام الجديد على أبعد تقدير». أكثر من سنتين على الفراغ القاتل في الموقع المسيحي الأول في لبنان وفي كلّ مرّة يحدث خرق للجمود في الملف الرئاسي، وعرّاب أغلب الخروقات هو الرئيس سعد الحريري الذي يسعى لإنهاء الفراغ الرئاسي لتجنيب لبنان الحريق الإقليمي، وعلى الرغم من أنّ المبادرات التي أطلقت من جميع الأطراف كانت تحمل في بدايتها تفاؤلا وايجابيات تتبدد بعدم تجاوب مدروس من قبل المعطّل الأساسي لأي تسوية تحمل آفاق أمل ومصلحة من أجل لبنان الوطن، للعودة مجددًا الى روتين التعطيل والجمود. فهل سيكون مصير المبادرة التي أطلقها الحريري أمس كما سابقاتها؟
كيف وقع الحريري في فخ حزب الله؟
كارول معلوف/جنوبية/21 أكتوبر، 2016/أتقن حزب الله لعبة التفاوض على مر العقود المنصرمة من خلال انخراطه في العمل المسلح في جنوب لبنان والتفاوض الغير مباشر مع اسرائيل على اسرى وجثث وانسحاب من عدة نقاط وقرى ومناطق. وانتقل ذلك التفاوض من ميدان القتال الى ميدان المفاوضات السياسية الداخلية حيث عاصر حزب الله اهم السياسيين ما بعد اتفاق الطائف وهو الْيَوْمَ لاعب أساسي ضمن منظومة إقليمية عالمية استراتيجية تديرها ايران وروسيا، فكيف له ان لا يوقع خصمه بالفخ ويحصد كل ما يريد عبر تفاوض دام سنتين ونصف؟ يعلم حزب الله جيداً ان التقنيات الاساسية للتفاوض هي برفع سقف المطالَب الى الحد الأقصى، لدرجة المطالَب المستحيلة. في الملف الرئاسي اللبناني رفع حزب الله سقف التفاوض قدر المستطاع ورشح حليفة ميشال عون رئيسا للجمهورية ولكنه بالمقابل هدد بمؤتمر تأسيسي وبإلغاء اتفاق الطائف ومثالثة وسلة متكاملة. لم يكن حزب الله يريد ايا من هذه المطالَب ولكنه وضعها ضمن برنامج التفاوض ليحصل على ميشال عون رئيساً. اما سعد الحريري ومجموعته ما زال لحمهم طريا في موضوع التفاوض. فهم قليلو الخبرة في السياسية والميدانية وَلَا يجيدون ألاعيب المفاوضين، فبدل ان يطبقوا التكتيك نفسه برفع سقف المطالَب، والتهديد بتحريك الشارع السنّي والقيام باعتصامات وتظاهرات، وقعوا في فخ التهويل وارتابهم الخوف من المؤتمر التأسيسي والمثالثة والغاء اتفاق الطائف. ما كان على فريق سعد الحريري الا ان يرفع سقف المطالَب وأن يضع شروطا تعجيزية على حزب الله، مثل الخروج من سوريا، وتسليم السلاح للجيش، وتفكيك سرايا المقاومة، وتطبيق قرارات المحكمة الدولية في لبنان مقابل انتخاب ميشال عون رئيساً. ولكن اخافت ألغام حزب الله السياسية سعد الحريري، ووقع في لعبة التفاوض وركز على بنود المؤتمر التأسيسي والمثالثة وإلغاء الطائف، واعتبر انه فكك هذه الألغام وجنب لبنان “كارثة” ميثاقية بترشيح عون وما هو الا هدف حزب الله الأساسي. قدم سعد الحريري لحزب الله مرشحهم ميشال عون على طبق من ذهب على مذبحة شهداء ثورة الأرز ودماء والده و٧ أيار (الْيَوْمَ المجيد) دون ان يحصد اي مكاسب استراتيجية بالمقابل وبذلك جدد سعد الحريري عقد ايران في لبنان وسوريا ٦ سنوات إضافية.