لا فترة سماح أمام عون والحريري
علي حماده/النهار/3 تشرين الثاني 2016
يوم الاثنين انتخب الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية، وظهر اليوم يتم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الاولى. هذه أول بنود التفاهمات بين عون والحريري. وبدءا من اليوم ينطلق الاثنان في رحلة تطبيق البنود الاخرى للتفاهمات التي ستكون الاختبار الحقيقي للعلاقة بين الرجلين، وتاليا بين مختلف مكونات البلد التي دخلت “التسوية” الرئاسية بتنازلات لم يقر الرأي النهائي حول حصة كل فريق منها. صحيح أن “حزب الله”، والايرانيين عبر مسؤوليهم وإعلامهم، سارعوا الى الاعلان عن تحقيق “نصر” كبير في المواجهة الاقليمية عبر إيصال مرشح طهران الاولى الى سدة الرئاسة، وفرض القبول به على الاطراف الاخرى. وصحيح ان الاعلام الاجنبي بغالبيته العظمى وجد في وصول عون الى الرئاسة انتصارا، أو أقله مكسبا كبيرا لمحور اقليمي تقوده ايران على محور آخر تقوده السعودية، لكن هل هذا الانطباع حقيقي؟
للوهلة الاولى، يبدو وصول عون الى سدة الرئاسة انتصارا للايرانيين ولذراعهم اللبنانية “حزب الله”، لكن بعد التدقيق لا بد من القول ان الامور في لبنان ليست بهذه الصورة الحاسمة.
نعم، وصل الجنرال ميشال عون مرشح “حزب الله” الى الرئاسة، لكن هل الذي سيجلس في قصر بعبدا سيكون الرجل نفسه؟
وهل يعتقد من يصل الى الرئاسة ان الموقع يمنحه قدرة على حكم البلاد وحده؟
وهل لبنان المبني على توازنات لا تزال حتى الان شديدة التعقيد يمكن ان تفرض فيه تسوية سياسية من جانب واحد، ولمصلحة فريق واحد؟
بداية لا بد من التذكير بأن التسوية التي حصلت ما كانت لتحصل لولا وجود غطاء عربي اقليمي ودولي في حدوده الدنيا.
فمقولة “رئيس صنع في لبنان” تحتاج الى التدقيق، لان الواقع والوقائع تشير الى شيء آخر.
فلو ان احد الاطراف الاقليميين المركزيين اراد تعطيل التسوية لتعطلت.
ولنكن صريحين، لو اراد المحور العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تعطيل التسوية لكان الامر سهلا بسهولة قدرة ايران على تعطيل تسوية، حتى لو مالت اليها قيادة “حزب الله” في لبنان.
بناء على ما تقدم، كان معلوما ان خيار الجنرال ميشال عون “الثقيل” على كثير من النفوس في لبنان والاقليم، ما كان ليمر لولا متابعة دقيقة لتفاصيل التسوية، والتفاهمات التي حصلت بين الحريري وعون.
اليوم يكلف الحريري تشكيل حكومة عهد ميشال عون الاولى. وكلاهما لديه مصلحة في تأليف سلس وسريع يفضي الى حكومة وحدة وطنية موسعة.
من هنا اهمية الاسراع في التشكيل، وانطلاق الحكومة برئاسة سعد الحريري ببرنامج تحت عنوان “المئة يوم الاولى”، يتصدى لما هو عاجل وطارئ من ملفات يمكن ان يشعر بها المواطن المستاء من كل هذه الطبقة السياسية.
على عون والحريري ان يعملا معا بجدية لانهما تحت الاختبار مثل التسوية، وهي الاخرى تحت الاختبار. ففترة السماح غير موجودة.