محاصصة وزارات؟ أَم حصص إِعاشات؟
هنري زغيب/النهار/12 تشرين الثاني 2016
حضرة الذي قال: “يجب وضعُ الشخص المناسب في المكان المناسب”.
شكرًا على قاعدتكَ الذهبية الـمنقِذةِ الدُوَلَ من السقوط في المحسوبيات والزبائنيات والمحاصصات والإِرضاءات والمعليشيات، وتعيـين شخص غير مناسب في مكان يناسب رئيس القبيلة.
مبروكةٌ قاعدتُكَ الذهبية لتلك الدول لا لنا. نحن يا أَخ لا تنطبق علينا قاعدَتُك ولا يعترف بها مسؤُولونا الفالتون من كل مقياس وكل معيار، لأَن لهم مقايــيسهم على قياسهم، ومعايــيرهم على معيار مصالحهم ومستقبل ذَرّيّــتهم “الـمباركة” التي تَـشُـبُّ منذ “نعومة أَظفارها” على أَن الشعب في خدمتها وليست أَبدًا في خدمة الشعب.
لا أَمل يا حضرة الذي. لا أَمل مع هذا الطقم الذي ورثناه عن آبائه وهو، يا حماه الله، يُورِثُنا أَبناءَه كي لا تنقرض السلالة المالكة سعيدةً بل يفيض خيرها على لبنان أَبًا عن جد إِلى كل ابن وحفيد.
أُبالغ؟ تعالَ معي: كانت عندنا في القصر الجمهوري قبل أَيام استشاراتُ تكليف “مُلْزِمة” لا إِلزام فيها إِلّا المعروفُ تكليفُه سلَــفًا. ثم كانت “تحت قبة البرلمان” استشاراتُ تأْليف “غير مُلْزِمة” تلاطمَت فيها الإِلزامات من كل فريق وكتلة وحزب وجبهة وتيار.
وحدها، يا حضرة الذي، استشاراتُ التكليف والتأْليف تعطيكَ فكرةً أُوتوسترادية عن الديموقراطية عندنا بهذا الـ”سيكْسويل” من ترشيحات يُسوّقها الإِعلام بينما يتحفّز المسؤولون كي يتقاسموا الحقائب السيادية والرئيسية والخدماتية والثانوية وفق “أَرقى” معايـير الحزبية والطائفية والمناطقية والعائلية والحصصية والإرضائية والمحاسيبية والأَزلامية، بتوزيع الحصص كما يُوَزَّع غَوْثُ الإِعاشة على اللاجئين والنازحين.
ولْتفهم، يا حضرة الذي، من كل هذا الـ”أَعلاه” أَن جميع الأَزمات الحاضرة الناطرة الفرج لدى شعب مقهور مطحون بالأَزمات المعيشية والبيئية والاقتصادية والمالية لا وقت لها الآن. لتَتَأَجَّلْ ولينتظر الشعب المزعج بمطالبه فلا مجال حاليًّا لـيـبـحثها حكْمٌ مشغول بتسديدٍ فواتير صندوق الاقتراع تنفيذًا لوعود أَصوات في التشكيلات، ووفاءً لعهود في فترة التحضيرات.
المهم الآن، قبل الشعب ومطالبه الثقيلة الدم: شكلُ التشكيلة كي تكون “حكومة وفاق” يتقاسمها جميع “الفروماجيين” حصةً حصةً فلا يـبقى أَحد من “النادي السياسي” خارج الحكومة، وليأْكُل الشعب البسكوت في انتظار الخبز إِذا بقي طحين في معاجن “الوفاقيين”.
“يجب وضع الشخص المناسب في المكان المناسب”؟ لا يا أَخ، فاحمِل قاعدتَكَ وارحل عن أَرضنا التي تنعم بديموقراطية تركيبتنا السياسية، ولا تكُن ساذجًا فتصدِّق أَن “الشعب مصدر السلطات” لأَن السلطات عندنا مصدَرُها ممسوكٌ بطقم سياسي رابض على صَدر شعبٍ معظَمُه أَغنامي، والأَحرارُ فيه قلةُ غرباء عن وطنهم لكنهم يجاهرون بغضَب:
- لا علاقة لنا بهذا اللبنان السياسي الفاسد، ولا ننتمي إِليه.