القضاء يطارد شباب القاع بتهمة الدفاع عن أراضيهم وملف مجزرة 27 حزيران لا يزال فارغاً
بيار عطاالله/النهار/17 تشرين الثاني 2016
تحركت الدولة اللبنانية بأجهزتها القضائية والأمنية والعسكرية أمس لـ “تـأديب” بلدة القاع الحدودية، وباشرت استدعاء شبابها وأعضاء مجلس بلديتها الى التحقيق وربما الى المحاكمة والسجن، لأن البلدية قررت، في وقفة مع الذات والقانون والدستور، أن تمارس دورها كسلطة محلية منتخبة وتتصدى للاعتداءات على اراضي البلدة ومن يمارسون السطو على أرزاق أهالي القاع المستضعفين بلا حول لهم ولا قوة امام جحافل اللاجئين ومن يناصرهم في البناء العشوائي على اراضي القاع والجمهورية، بدون ان يرف لهم جفن وبغطاء من نافذين سياسيين وأصحاب شأن.
خمس سنوات مرت وبلدية القاع والأهالي يشاهدون البناء الشرعي يرتفع تدريجاً على أراضٍ مملوكة للبلدية والجمهورية اللبنانية، ولم تنفع المحاضر التي نظمتها قوى الامن الداخلي في حق من يقومون بالبناء غير الشرعي في ردع هؤلاء عن استكمال البناء. وكذلك لم تنفع كل الاتصالات وطلبات التدخل وحل الأمور بالحسنى. فمن اعتاد انتهاك حرمة القانون، على ما يقولون في القاع، لا يمكن ان يردعه شيء عن تكرار فعلته. وهكذا تحركت البلدية وهدمت ورشاً للمدعو أ. د. من عرسال بحماية الشرطة البلدية استناداً الى الاصول القانونية وحق البلدية في التحرك. لكن المفاجأة ان أ. د.
رغم فعله غير الشرعي بادر الى تقديم شكوى امام القضاء المختص ضد “ميليشيات” وهمية قال إنها هدمت مشاريعه غير القانونية. والأنكى أن القضاء تحرك بسحر ساحر وبادر الى شن حملة استدعاءات ضد شباب القاع، في حين باشرت الأبواق الطائفية التحريض ضد البلدة عبر وسائل الإعلام، وكأن المطلوب السيطرة على اراضي البلدة والبناء عليها من دون ان يحرك الاهالي والبلدية ساكناً وإلا اتهموا بالطائفية والانعزالية وكل مفردات الحرب الأهلية القذرة.
يذكر ان اهالي القاع وبلديتها وكنيسة الروم الكاثوليك تقدموا بعشرات لا بل مئات الدعاوى والشكاوى امام القضاء المختص والأجهزة لوقف السطو الممنهج على عقاراتهم، ولم يحرك احد ساكناً للدفاع عن البلدة التي كانت هدفاً لسفاحي “داعش” لولا العناية الالهية ويقظة الاهالي ومبادرتهم الى التصدي للقتلة مع الجيش والأجهزة.
والحادثة التي لم تنته فصولها بعد ولا تزال مسّلطة على رقاب ابناء القاع، هي عينة عن سياسة القهر والهيمنة التي تمارس على أبناء القاع الجريحة والتي لم تلملم بعد جراحها من غزوة 27 حزيران، ولا يزال قسم من الجرحى والمصابين يتلقون العلاج في المستشفيات. ويقول رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر، ان اتهام أبناء البلدة بحمل السلاح أمر مردود ومرفوض اياً تكن الجهة التي تدعي ذلك، ويشير إلى أن الاهالي يقفون وراء الجيش والأجهزة الامنية وبجانبها، وكل ادعاء أن الاهالي يحملون السلاح ولديهم ميليشيات هو كلام باطل، لأن الاهالي لا يحملون السلاح للاعتداء على الاخرين ولا يقيمون الحواجز، بل للدفاع عن ارضهم واعراضهم وهذا حق مقدس بوجود مئات الارهابيين في جرود البلدة وراس بعلبك وغيرها، وتالياً فأن التصدي لكل اعتداء على البلدة سواء أكان بالبناء ام بالتهديد بالسلاح هو امر مرفوض ومدان وسيتم التعامل معه على غرار التعامل مع الإرهابيين.
لم تنفذ الحكومة اللبنانية اياً من الوعود التي قطعتها لاهالي القاع والمنطقة بمساعدتهم على الصمود والتنمية وما الى ذلك من عناوين، وحتى ملف التحقيق في مجزرة القاع العام 2016 لا يزال خالياً، ولا يعلم الاهالي من اين أتى الإرهابيون ولا الطرق التي سلكوها من اجل التنبه لهم مستقبلاً، ولولا وجود وحدات الجيش الى جانب الاهالي لكانت المنطقة خالية من اي وجود للجمهورية اللبنانية. والمساعدات التي طال الحديث عنها عبر وسائل الاعلام لم يصل منها شيء الى القاع باستثناء مساعدات قدمتها مجموعة من المتمولين، ابرزهم السادة نعمت افرام، وسركيس سركيس، وميشال ضاهر، وشارل الحاج الذين ساعدوا عائلات الشهداء والجرحى وقدموا معدات حراسة ومراقبة الى البلدية، اضافة الى مؤسسات دولية مانحة قدمت انارة على الطاقة الشمسية مثلاً، وغيرها من الامور.
احتفلت القاع بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً، ويعتبر الاهالي أن الرئيس الجديد يعرف مشكلاتهم وأدرى بأحوالهم الصعبة والآمال معقودة عليه على ما يقول رئيس البلدية، مشدداً على حق الاهالي المقدس في الدفاع عن اراضيهم وبيوتهم.