اليتيم السوري ونادي الساخرين
أمير طاهري/الشرق الأوسط/18 أيلول/15
يذكرني حال سوريا في هذه الأيام بيتيم يحيط به أعداء حقيقيون وأصدقاء مزيفون، يشكلون معًا ناديًا للساخرين، ويحاولون السيطرة على مقدراته. ولنراجع فحسب الأمثلة التالية:
> الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصر على إشراف الرئيس بشار الأسد على أي اتفاق «انتقالي» يتم التوصل إليه، حتى لو كان ذلك يعني العودة إلى المربع رقم واحد. بوتين يسعى إلى تأمين مزيد من الوقت ليتمكن من بناء قواعده العسكرية على الساحل السوري، ومن ثم إجبار أي حكومة مستقبلية في دمشق على القبول بها كأمر واقع.
> وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند يقترح بقاء الأسد في السلطة 6 أشهر أخرى، إذ ربما تحدث خلالها معجزة ما تتمخض عن سبيل لإقرار السلام في سوريا. هذا الاقتراح يهدف إلى مدارة سوأة لندن، وخلق انطباع بأن هاموند وزملاءه «يفعلون شيئًا» حيال سوريا.
> الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يريد رحيل الأسد على الفور تقريبًا، لكنه يرفض اتخاذ أي إجراء ضد نظامه. سمها مظهرية إذا شئت، لكن هولاند يبدو أكثر اهتمامًا بتقديم نفسه في صورة الزعيم القوي من القيام بأي شيء من أجل سوريا.
> وزير الخارجية البريطاني الأسبق لورد أوين اقترح وضع سوريا تحت انتداب الأردن بدعم من الأمم المتحدة. ولا يفصح اللورد المبجل عن السبيل إلى تحقيق ذلك في خضم حرب مستعرة مزقت سوريا إلى 5 مناطق على الأقل. كما أنه غير مهتم بأمور من قبيل قدرة الأردن على لعب دور يتجاوز موارده.
> إدارة أوباما تتحاشى التعامل المباشر مع القضية، كما كانت تفعل مع جميع القضايا الأخرى، لا سيما البرنامج النووي الإيراني، على مدار السنوات السبع الماضية. أحدث مقترحاتها المظهرية يتحدث عن إنشاء قوة خاصة مؤلفة من «قوى إقليمية» لم تحددها من أجل استعادة السلام في سوريا. لكن الخبر السار هو أن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لا يدعو إلى تقسيم سوريا إلى عدة دويلات كما ينادي دائمًا في العراق.
> وفي طهران، صرح علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى، بأن رئيسه علي خامنئي قرر أن الأسد لا بد أن يبقى في السلطة. وبما أن ما يقوله خامنئي، سواء كان في العقيدة الدينية أو النقد السينمائي، يعتبر «فصل الخطاب»، فلا فائدة من طرح أسئلة من قبيل: «ماذا لو كان السوريون لا يريدون الأسد؟».
> اليتيم السوري له فوائد أخرى لأطراف أخرى. وتقول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الألمان مستعدون لاستقبال نحو مليون لاجئ سوري بدافع من طيبة قلوبهم. لكن نائب المستشارة سيغمار غابرييل كشف السر عندما لمح إلى أن مليون سوري، ينتمي كثير منهم إلى الطبقة الوسطى ويمتلكون تعليمًا جيدًا، يستطيعون فعل الأعاجيب بالمنحنى الديموغرافي المتداعي في ألمانيا.
> رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يستخدم اللاجئين السوريين كفزاعة لإثارة المشاعر الشيفونية والمعادية للأجانب وتصفية حساباته مع الاتحاد الأوروبي الذي لطالما نظر إليه بعين الشك والريبة.
> كما ساعدت قضية اللاجئين السوريين الطائفيين من كل المشارب على الخروج من الشقوق. ويحاول اليونانيون والبلغار، الذين لطالما أساءوا معاملة أقلياتهم المسلمة، تصوير المأساة الحالية على أنها غزو إسلامي مستتر لأوروبا، رغم أن السوريين يفرون من الخلافة الإسلامية من ناحية، ومن عصابة الأسد المدعومة من ملالي طهران من الناحية الأخرى. وفي سلوفاكيا وبولندا، يطالب الناس علانية بالسماح للمسيحيين السوريين فقط بدخول البلاد، رغم أن العالم بأسره يعلم أن جميع الطوائف السورية عانت وتعاني من المأساة الحالية.
> خلاصة كل ذلك هو أن ما يسمى تنظيم «داعش» أصبح الخيار الثاني للجميع. الولايات المتحدة وحلفاؤها القليلون المتبقون يحجمون عن مهاجمة «داعش» على نحو فعال لأن سحقه ربما يقوي شوكة الأسد.
> وكشف عراقيون هذا الأسبوع أن واشنطن طلبت، فعليًا، من بغداد تعليق هجوم على «داعش» في الرمادي في الوقت الراهن. كما أن الأسد وداعميه من الروس والإيرانيين لا يهاجمون «داعش» أيضًا لأنهم يرون في «الخليفة» حليفًا موضوعيًا ضد قوى المعارضة السورية الأخرى.
> الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، من جانبه، يحتاج إلى «داعش» كستار من الدخان يهاجم من خلفه قواعد حزب العمال الكردستاني في سوريا على أمل تدميرها. إردوغان يمكنه بسهولة إغلاق خطوط الإمداد اللوجيستي لـ«داعش» عبر الحدود التركية، لكنه لا يفعل. ويرهن تصرفه بموافقة دول الناتو، بقيادة الولايات المتحدة، على ضرب الأسد أيضًا، الأمر الذي لا تفعله هذه الدول.
> حزب العمال الكردستاني بدوره وحلفاؤه من الأكراد السوريين مترددون في موقفهم إزاء «داعش». هم جاهزون لقتاله في حال هدد المناطق الكردية، لكنهم غير مستعدين لضربه في عقر داره. ورغم كل شيء يظل «داعش» ذريعة للحزب وحلفائه المحليين لطلب المزيد من المال والسلاح من القوى الغربية، بينما يقتطعون مناطق خاضعة لسيطرة بغداد.> الحكومة العراقية أيضًا مترددة في مواجهة «داعش» على نحو جاد. هذه الخطوة من شأنها إغضاب طهران التي، كما سبق أن ذكرنا، لا تريد أن تكسب قوى المعارضة السورية غير الداعشية أرضًا في ميدان المعركة.
> بعض الدول العربية تعتبر «داعش» أخف الأضرار مقارنة بسوريا يحكمها ائتلاف بقيادة جماعة الإخوان المسلمين التي يعتبرونها عدوهم رقم واحد.
> جوهر المأساة السورية يكمن في حقيقة أن الأسد و«داعش» هما وجهان لعملة واحدة. كلاهما يريد استبعاد الشعب السوري، أو ما تبقى منه داخل البلاد، من المعادلة. وكلاهما لديه قاعدة شعبية يمكنه الاستناد إليها لفترة إضافية من الوقت حتى لو لم يحصل على المدد من الخارج والذي يأتيه بانتظام. في الوقت نفسه، لا يمتلك أي من الطرفين القوة الكافية، أو ينتظر منه أن يحوز قاعدة شعبية، تخوله فرض أجندته على سوريا. > أخيرًا، وفي ضوء أن «داعش» أصبح يمثل الخيار الثاني للجميع، يبدو أن اليتيم السوري بات محكومًا عليه بأن يراوح مكانه في وضع يسميه الأتراك بـ«آهمز»، وتعني «لا مخرج».
إيران تُفرج عن قياديين في “القاعدة”..قد يتوجهون إلى سوريا
المدن/الخميس 17/09/2015
نشر موقع قناة “سكاي نيوز”الانكليزي، خبراً بعنوان “مخاوف من الإرهاب بعد تحرير إيران لسجناء من القاعدة”، وجاء فيه أن بعض وكالات الاستخبارات حذّرت من إمكانية رحيل خمسة أعضاء في تنظيم “القاعدة” كانت إيران تحتجزهم، إلى سوريا، بعدما أطلق سراحهم. وفي التفاصيل، أن إيران أفرجت عن هؤلاء الأعضاء، وهي في طريقها إلى السماح لهم بمغادرة أراضيها، رغم الاحتمال الكبير بتوجههم إلى سوريا. وثلاثة من هؤلاء، هم قياديون من “مجلس شورى” تنظيم القاعدة. وقد أفرج عنهم نتيجة صفقة أبرمتها إيران مقابل ديبلوماسي إيراني محتجز في اليمن منذ مطلع العام الحالي. ويُذكر بأن زعيم تنظيم جماعة “خرسان” السعودي محسن الفضيلي، كان قد أخلي سراحه من إيران، قبل أن يتوجه إلى سوريا، ويقتل بغارة أميركية. ويثير التعاون بين القاعدة ونظام الملالي في طهران، أسئلة كثيرة حول العداء المُفترض بينهما، ويتجاوزه إلى نوع من التفاهم بين الطرفين. ومن بين المُفرج عنهم، في صفقة التبادل، الزعيم السابق لمجلس العلاقات الخارجية في “القاعدة” أبو الخير المصري، والذي كان مرشحاً لخلافة زعيم “القاعدة” السابق أسامة بن لادن. كما شملت الصفقة، سيف العدل، المُعتبر رقم ثلاثة في هرمية “القاعدة”. وقد كان رئيساً للمجلس العسكري والأمني، في التنظيم، وخدم لسنوات كمخطط استراتيجي لـ”القاعدة”. وقد ساهم في شنّ هجمات على السفارة الأميركية، في كينيا وتنزانيا في العام 1998، وخطف مراسل “وول ستريت جورنال” دانييل بيير، في أفغانستان في العام 2002، والذي قتل لاحقاً. سيف العدل، وهو ضابط مصري سابق، كان قد لعب دوراً في اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، في العام 1981.
كما أفرجت إيران عن أبو محمد المصري، عضو الجناح العسكري في “القاعدة”، وهو متورط في هجمات كينيا وتنزانيا، وفي هجمات 11 أيلول/سبتمبر، وفي الهجمات على أهداف اسرائيلية وبريطانية. كما أفرجت إيران عن عضوين أردنيين أقل خطراً ومعرفة من السابقين في تنظيم “القاعدة”: خالد العرعوري المعروف بأبي القاسم، وساري شهاب. والعرعوري كان نائب قائد “القاعدة” في العراق خلال فترة أبو مصعب الزرقاوي وحتى مقتله في العام 2006. وتشير بعض المعلومات الاستخبارية، إلى إمكانية انتقال هؤلاء إلى سوريا، بشرط الموافقة على عدم التعرض لقوات النظام السوري المدعوم من طهران.
إسرائيل تواجه سوريا إيرانية – روسية
رندة حيدر/النهار/18 أيلول 2015
إعلان روسيا رفع درجة تدخلها العسكري في سوريا وضع إسرائيل أمام واقع جديد مختلف يتطلب اعادة تفكير في استراتيجيتها حيال ما يحصل في هذا البلد. لقد اصبحت سوريا التي لا تزال خاضعة لنظام بشار الأسد موزعة مناطق نفوذ يتقاسمها الإيرانيون والروس و”حزب الله” وما تبقى من الجيش السوري النظامي، ومن الواضح اليوم ان الدعم العسكري الروسي – الإيراني هو الذي يضمن صمود نظام بشار الأسد، وهو الذي سيحدد على الارجح مسار المعركة المقبلة مع “داعش” وصورة سوريا المقبلة. والسؤال كيف سينعكس ذلك على إسرائيل؟ ثمة فارق في التعامل الإسرائيلي مع الوجود العسكري الروسي في سوريا ومع الوجود الإيراني. فبالنسبة الى إسرائيل، روسيا بلد صديق لها معه قنوات حوار مفتوحة ومن السهل ان يتوصلا الى تفاهمات واضحة، خصوصاً أن المصلحة هي الامر الوحيد الذي يحرك الروس. صحيح ان هناك مخاوف إسرائيلية تتعلق بالتدخل العسكري الروسي مثل ضرورة التنسيق مع الروس كي لا يتضارب الوجود العسكري الروسي مع حرية عمل إسرائيل في سوريا، والاتفاق مع الروس لمنع منظومات السلاح المتطور الروسي من الوصول الى “حزب الله”، ولكن في ما عدا ذلك ليست لإسرائيل تحفظات فعلية عن وجود عسكري روسي على الاراضي السورية سواء لمحاربة “داعش” او للحؤول دون سقوط نظام بشار الأسد أو للدفاع عن المنطقة العلوية. لا بل على العكس، فمثل هذا الوجود في رأي بعض المحللين الإسرائيليين قد يؤدي الى استقرار الوضع في سوريا الامر الذي يخدم مصلحة إسرائيل. يختلف الموقف الإسرائيلي من تعاظم الوجود العسكري الإيراني في سوريا، الذي يرى محللون إسرائيليون أنه من النتائج المباشرة للاتفاق النووي مع إيران، ويعكس ضعف نفوذ الولايات المتحدة وتراجعها في المنطقة. وثمة اقتناع اسرائيلي بان الولايات المتحدة كانت على معرفة مسبقة بالتدخل العسكري الروسي – الإيراني وانها لا تعارضه. يمثل الوجود العسكري الإيراني في سوريا تحدياً كبيراً لإسرائيل، خصوصاً ان إيران يمكن ان تتحول بعد عشر سنوات، أي بعد انتهاء مدة الاتفاق النووي، دولة على عتبة النووي. وهذا التطور يجعل اخفاق نتنياهو في عرقلة الاتفاق أكبر واكثر خطورة. فإيران اليوم باتت على حدود إسرائيل في الجولان وفي قلب العاصمة دمشق وحولها، وكل ذلك لا ينبئ بالخير بالنسبة اليها. تزامن تعاظم الوجود العسكري الروسي والإيراني في سوريا مع تراجع الدور الأميركي في المنطقة بأسرها يضع إسرائيل أمام واقع جديد وشرق أوسط متغير ليست لديها قدرة على التأثير في احداثه ولا تملك خيارات كثيرة من اجل تغيير مساراته.