وهاب.. و«السرايا» الإيرانية المقنّعة ـــــ المكشوفة
علي الحسيني/المستقبل/22 تشرين الثاني/16
لم يكن قد مرّ أسبوع على الاستعراض العسكري الذي أقامه «حزب الله» في مدينة «القصير» السوريّة المُحتلّة، حتى لاقاه رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهّاب، بخطوة مُماثلة في قريته في الجاهلية» حيث المكان الذي أقام فيه استعراضاً متعدد الأوجه لمجموعات من الشبّان الذين استُحضر قسم منهم من الداخل السوري وهو ما أظهرته الصور التي نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبيل يومين من الموعد المُحدد.
بعد أقل من اسبوعين على إطلاق وعيده بإنشاء «سرايا» جدية تُضاف إلى أخواتها من «السرايات« المسلحة التي اتخمت البلد بسلاح غير شرعي وعناصر ميليشيوية خارجة عن نطاق مؤسّسات الدولة ولا تعترف بشرعيّتها، جاء أمس الاوّل ليُشكّل هزّة جديدة للبنان الرسمي الذي يخطو بثبات نحو تدعيم الجمهورية وقيام وتثبيت مؤسساتها. فبحضور «رفاق» الحلف الواحد والنهج الموحّد، سارت «سرايا التوحيد» على خط سير سار عليه قبلها «حزب الله» و»سرايا المقاومة» و»حماة الديار» وغيرها من التشكيلات الجديدة والأحزاب القديمة والمُستجدة المعقودة بين ناصية النظامين الإيراني والسوري.
على بُعد يومين من عيد الاستقلال وقبلهما بأيام قليلة، أوجدت أحزاب لنفسها مساحة ضيّقة على أرض الوطن لتُمارس عليها سلطتها الميليشيوية على أن تتوسّع لاحقاً باتجاه العديد من القرى تماماً كما وعد وهّاب بأن سراياه «ستعم كل القرى والمدن والمناطق، وما الخطأ؟«، متسائلاً: «هل في جهوزيتنا لملاقاة أي اعتداء إسرائيلي أو تكفيري عمل مستهجن ويستلزم الصراخ؟«.
في الحقيقة، إن ما يستلزم الصراخ ويدعو إلى التنبّه، هو أن هذه الميليشيا كما سابقاتها ولاحقاتها، ما هي إلّا بداية لجهات محليّة تتخذ من «ضعف« الدولة حجّة لفرض وجودها بأشكال متعددة، ففي الظاهر هي موجودة لحماية الجيش من الإرهاب، أمّأ في الباطن، فهي قائمة على دعم أنظمة قمعية تقوم منذ السبعينات، بتخزين آلاف الأطنان من الأسلحة إلى أن استعملتها ضد شعبها.
المترقّب للحالات الشاذة هذه التي تخرج من حين إلى آخر لا بد وأن يتساءل عن المغزى الحقيقي من وراء استعادة حقبة تفريخ الميليشيات التي كانت سائدة في زمن الحرب الأهليّة بحيث كانت كل مجموعة تفتتح «دُكّاناً« خاصاً لكن بتمويل خارجي. مَن سيموّل «سرايا» وهّاب ماليّاً ومَن سيدعمها لوجستيّاً وعسكريّاً؟. هل هناك فعلاً أمر تحرّك قريب لحلفاء سوريا في الداخل أو عند الحدود، خصوصاً أن الإشكالات المُسلّحة التي حصلت مؤخراً في مناطق متعددة على يد هذه «السرايات»، لا تُنبئ بالخير ولا تُبشّر بأيّام مستقرّة؟
ومن جهة أخرى، يُمكن استخلاص مجموعة أمور ذات أهميّة بالغة من وراء وفرة إنتاج «السرايات« هذه، قد يكون أبرزها الذهاب إلى «مؤتمر تأسيسي« وبالتالي الإنقلاب على الدولة ومؤسّساتها لفرض واقع جديد في البلد. بعد سرايا وهّاب غير القانونية واللا دستورية وما سبقها من خطوات مُماثلة، يجب أن تستدرك الدولة الأمر بأسرع وقت كي لا تندرج بعد ذلك ضمن الأعراف اللبنانية بحيث يُصبح لكل طائفة سرايا خاصّة بها.
المؤكد أن عرض سرايا وهّاب الذي جاء برعاية ودعم «حزب الله» وتحت أنظاره وبإشرافه سواء لجهة تدريب العناصر على كيفيّة ممارسة بعض العروض التي تميل إلى الشق العسكري أكثر منها إلى الكشفي، أو لجهة إعطاء المناسبة بعداً مذهبيّاً وهو ما تبيّن من خلال العصبات التي وضعها عناصر «سرايا» الجاهلية على رؤوسهم والتي كُتب عليها «لبيك سلمان» في إشارة إلى الصحابي سلمان الفارسي، وهو أمر مماثل لما درجت عليه العادة لدى «حزب الله» الذي يُطلق على كل مناسبة تسمية مُعينة بدءاً من «لبيك يا قدس» وصولاً إلى «لن تُسبى زينب مرتين»، وهو شعار قتاله في سوريا. وللتذكير، ففي آذار العام الماضي، قامت إيران بتشكيل فصيل عسكري في محافظة السويداء السورية، يحمل اسم «لبيك يا سلمان»، وذلك كان في سبيل توريط المحافظة في معارك حوران المشتعلة آنذاك.
وهّاب وفي مقدمة بالغة الأهميّة لما يصبو اليه مُستقبلاً، كان سبق استعراض سراياه بأيّام، نعيه سبعة مقاتلين في صفوف «سرايا التوحيد»، سقطوا في سوريا وهم جميعهم من السوريين. وفي هذا السياق اُفيد عن حملة لنشطاء وإعلاميين في سوريا، وصفوا تحرّك وهّاب المدعوم إيرانياً، بـ»اللعبة المكشوفة والمفضوحة لاستغلال عواطف أبناء مذهب مُحدد وزجّهم في معركة ليست معركتهم وذلك بأمر إيراني«. إيران نجحت إلى حد كبير بتوريط شيعة العراق ولبنان وعلوييّ سوريا، في حروب لا تخدم سوى مشاريعها، تسعى اليوم وعن طريق «رعاياها» من سرايات وأحزاب وشخصيّات، إلى تعطيل دور الدولة وحشرها أمام المجتمع الدولي والعربي، وما الاستعراضات الميليشيوية المُتكرّرة، سوى أوّل الغيث نحو تحقيق أهدافها.