عائد.. فمتى تعودون ؟
نبيل بومنصف/النهار/9 كانون الأول 2016
لسنا نغالي في شيء ان تخوفنا على العهد العوني من فائض العاطفة الذي يبدو النظام السوري ممعنا في اظهاره حياله ومتعمدا ادراج انتخاب الرئيس العماد ميشال عون كأنه احد مكاسبه الاستراتيجية.
لا يتعلق الامر بموروث التراكمات التي تركها النظام لدى الكثرة الساحقة من اللبنانيين، ولو خالف لبنانيون هذا التقدير، وانما بنزعة واضحة لديه نحو اعادة اقتحام الدواخل اللبنانية على وقع نشوة المعطيات الميدانية التي تقرب النظام من “نصره” المبين في حلب مقترنا بمعطيات خارجية ودولية اسلست القياد واقعيا امامه لتعويم احلام الاستفاقة على الظهور مظهر المستقوي حتى بالالتفاتة الى “القطر الشقيق” الذي تفلت يوما من ربقة وصايته.
نقول هذا في زمن الذكرى الحادية عشرة لاغتيال جبران تويني ونحن على دراية تامة بأن اكلاف التخلص من الوصاية السورية لم تضع اوزارها بعد، وأن الصدمة الكبرى لم تقف عند حدود حرب الاغتيالات وما اعقبها من تداعيات مدمرة لا تزال تحفر عميقا في واقع لبنان الحالي.
ليس أسوأ من شعور الهزيمة المصاحب لذكرى استشهاد جبران سوى الاستسلام لمفهوم الخلل في التوازن الذي تعمق على نحو خطير جدا منذ تشلعت قوى 14 آذار وتفرق اطرافها وتسيبوا بفعل المسار الشاق لمرحلة الفراغ الرئاسي وما استولدته من نتائج سلبية على المستوى العام اللبناني. حصل ان استدرك لبنان رئاسته بظروف حملت العماد عون الى الرئاسة مدعوما بطرفي نقيض يمثلهما “حزب الله” من جانب و”القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” من جانب آخر.
هي معادلة المفارقات التسووية التي ليست مبدئيا غريبة عن لبنان. ولكن معادلة التسوية لا تكفي وحدها لضمان التحصين ضد نزعات النظام السوري او سواه لاعادة العبث بالنسيج السياسي والطائفي الداخلي.
والحال ان الخشية من نزعات النظام السوري لا يفترض ان تشكل هاجسا نمطيا وسط الاحوال الكارثية التي تشهدها سوريا ولو انتشى النظام بنصره غدا في حلب لان رأس النظام نفسه اعترف بان حلب لن تكون نهاية الحرب. الامر يتصل اكثر في ما يعنينا من تحصين داخلي باعادة رسم استراتيجيات تكاد تكون غائبة تماما عن اهل فريق سيادي لا يستقيم التوازن السياسي والوطني والسيادي الا اذا استعادوا ملامح تماسك مفقود على قاعدة تتجاوز لعبة السلطة وتقاسيمها كما يجري الآن في العوبة تركيب الحكومة الى المستقبل الابعد من المغانم الوزارية والسلطوية والسياسية الآنية.
نعني بذلك انه لا يكفي فقط ان تكون قوى من 14 آذار الى جانب العهد بل يتعين اعادة المراجعة سريعا لخطورة افتقاد لبنان الى هوية واضحة في مسار هذه القوى متى غاب العنوان الاصلي السيادي عن انخراطها في السلطة.
وهي القاعدة التي يفترض ان تشكل البداية والنهاية في العودة الملحة لـ 14 آذار في اي شكل متاح وحتمي.