الحكومة بالتوافق.. والفساد ايضاً
علي الأمين/جنوبية/ 5 يناير، 2017
كشفت اول جلسة لمجلس الوزراء ان المحاصصة هي الحكم ودائما بشعارات براقة عن التوافق، الفساد كي ينجح ويترسخ يحتاج الى توافق وعدل بين اطرافه. ملف النفط مثال صارخ، وقانون الانتخاب مشروع قيد الاعداد ودائما بالتوافق، والتعيينات الادارية، فيما يجري كل ذلك ينظر اللبنانيون الى بعبدا ويسأل كل واحد منهم نفسه ما الذي تغير؟ لم يكن اعتراض وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي داخل مجلس الوزراء، مؤشر خير في اول اجتماع لمجلس الوزراء بعد نيل الحكومة الثقة، فهذا الاعتراض على مراسيم التحضير لتلزيم بلوكات النفط، جاء نتيجة منطق المحاصصة الذي حكم اقرار المراسيم، واظهر للكثيرين ان عملية التقاسم تمت بتوافق لكن هذه المرة امتد التوافق على تهميش جنبلاط، بعدما خرجت الثنائية الشيعية راضية كما الثنائية المسيحية وصولا الى تيار المستقبل الذي نجح ايضا في تعيين موظفين مديراً عاماً للإستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات، وهو المنصب الذي كان في عهدة المهندس عبد المنعم يوسف ومديرا لهيئة اوجيرو التي كان يتولاها يوسف ايضا. علما ان هذه التعيينات تمت من خارج الآلية المعتمدة لاجراء التعيينات في المواقع الادارية من قبل مجلس الوزراء.
بين النفط والتعيينات، تبرز ملامح ادارة السلطة في المرحلة المقبلة، ذلك ان لبنان الذي يعاني تراجعا في الموارد الاقتصادية والمالية، وتراجعا في الحركة الاقتصادية، وتضييقا متزايدا على النشاط المالي والاقتصادي بسبب العقوبات المالية الاميركية، والتي ساهمت الى حدّ كبير في تراجع مقلق لعمل المصارف اللبنانية ونشاطها، كل ذلك زاد في تراجع مؤشرات النمو، فيما يفاقم الأزمة انهماك العديد من الدول العربية والخليجية باوضاعها الداخلية، ما يجعل من احتمال اندفاع هذه الدول لمساعدة لبنان امرا مستبعدا كما كان عليه الحال في السابق.
المقلق في ظل الاصطفاف المذهبي والطائفي الذي يترسخ في لبنان بشكل غير مسبوق، انه يتيح المجال للقوى المسيطرة على الطوائف ان تمعن في تنظيم عملية المحاصصة فيما بينها، لاسيما ان التوافق في مجلس الوزراء هو في حفظ حقوق الجميع داخل مجلس الوزراء، باعتبار ان الممثَلين في مجلس الوزراء لديهم وكالات حصرية من طوائفهم لا باعتبارهم وزراء مسؤولين امام مجلس النواب، والحقوق هي حقوق طوائف وليست حقوق مواطنين متساوين امام القانون.
ثمة شهية عالية على ما يبدو لاقتناص ما يمكن اقتناصه، الجميع يحاول التعويض من المال العام، فتراجع سبل الدعم الخارجي للقوى الحزبية والسياسية لأسباب تتعلق بالخارج ولا ترتبط بمناعة داخلية، جعل من الشهية على ادارة توزيع ما تبقى من الثروات العامة بين هذه القوى هدفا اساسيا لن يوقفه ايّ شيء، وهذه الذهنية هي التي تتحكم اليوم في مقاربة قانون الانتخاب، فالجميع يسعى الى توفير حصة مناسبة باسم الطائفة او المذهب في اطار عقلية تقاسم المغانم، بعدما فقد مجلس النواب دوره السياسي، تحديدا بعدما فقدت ايّ اكثرية في مجلس النواب معناها، بحيث ان المنطق الذي تبناه الجميع، هو ان الحكومات لا تشكلها الاكثرية العادية بل يجب ان تكون صورة مطابقة لمجلس النواب.
ولأن الانقسام السياسي صار قائما على محميات طائفية ومذهبية تحت مظلة حزب الله، فقد الزعيم وليد جنبلاط دوره الذي كان “بيضة القبان” وصار على وقع تبلور المحميات المذهبية والطائفية الكبرى في حكم البلد او تقاسمه بالتوافق، عنصرا غير مؤثر في معادلة السلطة، والكتلة الوسطية التي كان يمثلها في وقت سابق لم تعد نافعة في معادلة الحكم الجديدة. لذا كان من اليسير على صقور مجلس الوزراء ان يهمشوا جنبلاط هذه المرة كما لم يحصل من قبل.
في المقبل من الايام هذا هو الخيار المطروح امام اللبنانيين، سلطة مفتوحة شهيتها لتعزيز مواقع اطرافها، وميل واضح لانتخابات نيابية تضمن اعادة انتاج السلطة نفسها بالنظام النسبي او المختلط او الاكثري، والى ذلك ثمة توافق على انجاز صفقة تعيينات يتم التحضير لها لاقرارها على دفعات في الاسابيع المقبلة، فيما تسرب من اكثر من مصدر حكومي ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يعد متحمسا للبقاء في منصبه، وهو ما يفتح الباب امام تعيين جديد في منصب الحاكم في نيسان المقبل. علما ان بقاء سلامة او تعيين بديل منه، لن يغير في واقع الازمة الضاغطة على المالية العامة، فيما مشروع سلسلة الرتب والرواتب بات اكثر من ملح وفي الوقت نفسه سيطرح اقراره استحقاق الموارد لتأمين التغطية، وهو ما لا يبدو محل اهتمام جدي من قبل اركان الحكومة.
الصدمة الايجابية المطلوبة من العهد لم تحصل بعد، الذي يتسرب الى اذهان اللبنانيين ان السلطة في لبنان لم تعد اكثر من فرصة لأركانها لتحصيل اكبر قدر ممكن من المكاسب الحزبية والشخصية ودائما باسم الطائفة، هذا ما قالته اولى جلسات مجلس الوزراء وهذا ما يعمل عليه معدوا قانون الانتخاب الجديد، بتوزيع متقن للادوار يصادر كل الاراء في سبيل اسقاط قانون انتخاب لن يغير شيئاً.
المحاصصة سادت ملف النفط و«بلوكات الجنوب للجنوب»
سهى جفّال/جنوبية/ 5 يناير، 2017
انتهت المعركة حول المدير العام لهيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف بإقالته دون تحويله إلى القضاء. كما تم التوافق على تعيين خلف له مقرّب من رئيس الحكومة سعد الحريري بتوافق من الاحزاب والقوى التي تقاسمت الجبنة في ملفي النفط والاتصالات.
كما جرى التوقّع، جرى التخلي عن المدير العام لهيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف في أول جلسة لمجلس الوزراء. إذ أقيل وعين خلفا له عماد كريدية، المحسوب على الرئيس سعد الحريري. فأقرّ مجلس الوزراء البند العاشر من جدول الأعمال القاضي بإعفاء يوسف من مهماته وتعيين مكانه عماد كريدية، كذلك عيّن باسل الايوبي مديراً عاماً للإستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات، وهو المنصب الذي كان في عهدة يوسف سابقاً بنحو غير قانوني لأنّ من اولى مهمات هذه الادارة مراقبة عمل “اوجيرو”. وبذلك تكون صفحة يوسف في هذين المنصبين قد طويت. ولكن، من هما المديران الجديدان؟ فقع علم أنهما من المقربين إلى الحريري، وهو من طرح إسميهما، كما أنهما على علاقة وطيدة بالحلقة الضيقة المحيطة بالحريري وخصوصاً بمدير مكتبه نادر.
إلا أن تعيين الأيوبي أثار نقاشاً داخل مجلس الوزراء حول آلية التعيينات. حيث تساءل عدد من الوزراء عن الالية المعتمدة في التعيينات، ومنهم الوزيران علي حسن خليل ومحمد فنيش وكان ردّ الحريري بأن ازاحة يوسف من مركز وتركه في مركز اخر قد يثير مشكلة يمكن تجاوزها بهذا التعيين، وهذا التعيين يمكن اعتباره استثناءا ولن يكون القاعدة في التعيينات المقبلة. ووعد رئيس الجمهورية بالاتفاق على الآلية التي ستتبع في التعيينات في الجلسة المقبلة.
وبعد عقود ثلاث من السيطرة على “ثروة الاتصالات” تأتي إقالة يوسف، المحسوب أساساً على الرئيس فؤاد السنيورة، تنفيذاً لاتفاق بين التيار الوطني الحر والحريري، الصيف الماضي، عمل السنيورة على تعطيله بعدما رفع تيار المستقبل الغطاء عنه، على الرغم من رعايته واحتضانه من قبل السنيورة منذ أمد بعيد.
وفيما يتعلق بالمدير العام الجديد علم أن عماد كريدية الذي عيّن مكان يوسف، شغل سابقاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات «MTN» في السودان واليمن وبحسب مصادر مطلعة فإن كريدية عمل عند سعد ونادر الحريري. وهو بنهاية المطاف محسوب وموظف لدى الحريري. وتابع المصدر أن “تعيينه بهذه الطريقة مؤشر لإعادة توليد “الترويكا” من جديد وهي عبارة عن صفقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري وهي الطبخة التي أعدت لانجاز التسوية الرئاسية تحت شعار “مرقلي تمرقلك”.
وربط المصدر بين ملف “الاتصالات” وملف “النفط والغاز” التي كان طابعها المحاصصة بين جميع الأطراف والتي نوقشت أمس على طاولة مجلس الوزراء. لافتا إلى “هناك كلام عن عمل جاري لتلزيم مناطق في الجنوب”. وأضاف “أن الشركة التي سيتم تلزيمها في الجنوب روسية ، متسائلا عن علاقات هذه الشركة في ظلّ التحالف الروسي – سوري- حزب الله.
وفيما تبنى مجلس الوزراء مطلب رئيس مجلس النواب نبيه بري والذي حمله وزير المال علي حسن خليل وأصرّ عليه، لجهة اعطاء الاولوية لتلزيم البلوكات الجنوبية 8 و9 و10 في المرحلة الاولى من ضمن البلوكات الخمسة، والتي تتضمن ايضا بلوكاً في الوسط وبلوكاً في الشمال. الجدير ذكره، أن روسيا تبدو أنها الجهة الوحيدة التي يمكن أن تنهي النزاع القانوني بين دولتين مجاورتين كلبنان وإسرائيل. وذلك لأن البلوكات النفطية البحرية المشتركة بينهما والتي تنذر بنزاع ممكن أن يمتد لسنوات، لا يمكن سوى لروسيا أن تحسم هذا الخلاف وتجد حلاً له بوصفها أنها تقيم علاقات سياسية مع إسرائيل. كما انها انشأت حديثا غرفة عمليات أمنية وعسكرية مع إسرائيل للتنسيق معها حول النزاع الدائر في سوريا قبل عام.
والجدير ذكره، يشغل كريدية الحائز ماجيستير في الإقتصاد النقدي من جامعة بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية، منصب الرئيس التنفيذي لجمعية المقاصد. وله خبرة طويلة في مجال الاتصالات، خصوصاً أنه شغل في السابق منصب الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات التابعة للرئيس نجيب ميقاتي،(mtn) في السودان وجزر القمر، لكنه منتمٍ إلى تيار المستقبل ومن الأشخاص الموثوقين لدى الحريري. وكذلك، كان كريدية مديراً إدارياً في شركة AWI COMPANY حتى العام 2011. وهذه الشركة التي تصدر عنها جريدتي البلد والوسيط. وكان مديراً في شركة الاتصالات، AREEBA في سوريا بين العامين 2001 و2006، ومديراً لأحد فروع البنك اللبناني السعودي بين عامي 1991 و1994.
أما الأيوبي، فهو الحائز على شهادة في هندسة الاتصالات، وكان قد عمل في شركتي نوكيا وسيمنس للاتصالات، وفي شركة mtn التابعة لميقاتي في قبر ص.