سامي الجميّل يتولّى شخصياً ملف الحوار مع حزب الله
عماد مرمل/الديار/ 9 كانون الثاني 2017
برغم ان الحوار بين «حزب الله» و«حزب الكتائب» مستمر منذ فترة طويلة، بوتيرة متقطعة وعلى عدة مستويات، إلا انه يبدو حتى الآن غير قابل الصرف السياسي، بحيث لم يتمكن بعد من تحقيق خرق استراتيجي في المسائل الخلافية التي تُباعد بينهما.
بهذا المعنى، فإن أقصى ما نجح الطرفان في تحقيقه هو إبقاء قناة التواصل مفتوحة، لتنظيم الخلاف او التعايش معه، الى حين ان يصبح ممكنا «تسييل» الحوار وترجمته الى نتائج ملموسة، في الوقت المناسب.
تتعدد نقاط التباين بين حارة حريك والصيفي، لكن أعمقها يتعلق بسلاح المقاومة وبمشاركة «حزب الله» في القتال في سوريا. ولعل أكثر ما يزعج الحزب هو ان قيادة «الكتائب» تستخدم عبر المنابر لهجة حادة في التعبير عن موقفها الاعتراضي على احتفاظ المقاومة بسلاحها وانخراطها في الحرب السورية، من دون ان تراعي مقتضيات انجاح الحوار الذي يكون مستمرا في مكان آخر بين قياديين من الجانبين.
وهناك في بيئة الحزب من أصبح يشعر بأن التواصل مع «الكتائب» يكاد يصبح من دون مبرر او جدوى، ما دامت الصيفي متمسكة بخطابها الهجومي الذي يستفز جمهور المقاومة، ولا يؤمّن المناخ الضروري لإنجاح الحوار، او أقله لانتاج بيئة حاضنة له.
وما يستغربه البعض في «حزب الله» هو ان النائب سامي الجميل لا يزال يعتمد نبرة مرتفعة في مقاربة ملف السلاح، تحول دون تطوير الحوار الثنائي ودفعه الى الأمام، برغم ان الاحداث والتطورات تجاوزت السجال العبثي حول هذا الامر، وبالتالي يعتبر هذا البعض ان هناك وقائع داخلية واقليمية جديدة تتطلب تعاملا مختلفا معها، وترتيبا مغايرا للاولويات، من دون ان تلغي تلك الواقعية المفترضة حق الكتائبيين في التمسك بخياراتهم، إنما مع عدم تحويلها بالضرورة الى مادة سجال ساخنة مع الحزب.
في المقابل، يفترض «الكتائب» ان النقاش المتقطع مع «حزب الله» لا يستوجب منه بالضرورة ان يبادر الى تعديلات في ثوابت خطابه السياسي، خصوصا ان هذا النقاش لم يصل بعد الى مراحل متقدمة تفرض مراجعة من هذا النوع، وبالتالي فهو يجب ان يبقى منسجما مع نفسه وقواعده، لا سيما ان ما يطرحه يندرج في سياق صلب قناعاته.
ويسود في أروقة الصيفي اعتقاد بان «حزب الله» هو المُطالب بان يريح «الكتائب» في مكان ما، وان يرسل إشارات إيجابية حول استعداده للتعاون والتفاعل، أقله على مستوى بعض الملفات الخدماتية والاجتماعية الحيوية، ليتم تلقف تلك الاشارات والبناء عليها.
وأغلب الظن، ان ربط النزاع حول قضية السلاح- اذا تم- سيسمح للجانبين بالتلاقي في مساحات داخلية غير مستثمرة، خصوصا في ما يتعلق بـ «مكافحة الفساد» التي تشكل واحدا من الشعارات المشتركة القليلة.
ويروي وزير كتائبي سابق في هذا الاطار، انه لاحظ خلال توليه الوزارة وجود موظف مميز لجهة مواظبته على عمله وانضباط سلوكه، فلما سأل عن هويته، قيل له انه من المنتمين الى «حزب الله». ويضيف: هذه التجربة أكدت لي ان هناك امورا تجمعنا مع الحزب، ولو اختلفنا حول قضايا أساسية…
وعلى قاعدة اعطاء فرصة إضافية لمسعى التفاهم، علمت «الديار» ان رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل قرر ان يتولى شخصيا ملف الحوار مع «حزب الله»، على ان يتحدد بعد عودته من الخارج، اطار التواصل الجديد الذي سيكون، هذه المرة، على أعلى مستوى، ما يؤشر الى رغبة الصيفي في رفع مستوى «التمثيل الدبلوماسي» لدى الضاحية.
وكان الحوار بين الطرفين قد مرّ في عدة مراحل، فتولاه قبل سنوات النائب حسن فضل الله والقيادي الكتائبي سليم الصايغ، ليرسو في طبعته الاخيرة عند النائب حبيب فياض والوزير ايلي ماروني.
ويؤكد أحد المقربين من الجميل ان لدى «الكتائب» ارادة صادقة في بناء علاقة إيجابية وجيدة مع «حزب الله»، لافتا الانتباه الى انه لا بد من ان يعود الحزب يوما من سوريا، «وهو سيبقى الاكثر تنظيما والاقوى حضورا في بيئته، ولذلك لا مفر في نهاية المطاف من ان يحصل تعاون وتفاهم بيننا».
وتلفت هذه الشخصة الانتباه الى ان من مصلحة الحزب ان يمد جسورا مع «الكتائب» وصولا الى عدم اختزال الساحة المسيحية بثنائي «التيار الحر»- «القوات اللبنانية»، تماما كما ان التنوع في الساحات الشيعية والسنية والدرزية هو ضروري ايضا.
وما يستوقف هذه الشخصية ان «القوات اللبنانية» التي كانت تسارع الى تخوين «الكتائب» عند انفتاحه على «حزب الله»، باتت هي الاشد حماسة في الوقت الحاضر لفتح نوافذ معراب على الضاحية.
وتوضح ان «الكتائب» يتعامل بمرونة مع خيار اعتماد النسبية في الانتخابات النيابية، ولا مشكلة عنده في هذا المجال، «علما انه واثق في قدرته على إيصال كتلة وازنة الى مجلس النواب، ايا كان قانون الانتخاب».