أخيراً اعتقلت السلطات التركية مساء الاثنين 16 يناير/كانون الثاني سفاح اسطنبول “عبد القادر مشربوف” الملقب بـ”أبو محمد الخراساني” الذي قتل بدم بارد 39 من الأبرياء ليلة رأس السنة الميلادية في تركيا بمطعم “رينا”.

لم يذكر أحد أنه يتقن الفارسية!
ونشرت جريدة “مليت” التركية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، تقريرا خاصا عن “مشربوف”، ذكرت فيه “أنه من مواليد 1983 ويتقن 3 لغات هي: العربية والروسية والأوزبكية”، إلا أن تقارير أخرى نقلتها صحف تركية ومن ضمنها صحيفة “خبرلار”، قالت إنه يتقن من 4 إلى 5 لغات، منها الصينية. وأكدت أنه من “الأقلية الطاجيكية في أوزبكستان” وهذا يعني أنه يتقن اللغة الفارسية كلغة أم، فمن يتقن الصينية والعربية والأوزبكية والروسية، وتدرب لفترة في أفغانستان من المستبعد ألا يتقن لغته القومية التي يطلق عليها في أفغانستان “الدارية” وفي طاجيكستان وجنوب أوزبكستان “الطاجيكية” وفي إيران “الفارسية”، وقد يكون مسقط رأسه في “سمرقند” أو “بخارى” الطاجيكيتين في أوزبكستان.

مدينتا سمرقند وبخارا الأوزبكيتين الناطقتين بالفارسية

ماذا كان يعمل في إيران؟!
عودة إلى تقرير “مليت”، فقد أكدت الصحيفة التركية الشهيرة أن “سفاح اسطنبول” كان قد دخل إيران قادما من باكستان ولكن اعتقل هناك، ثم هرب من المعتقل، واستطاع أن يدخل تركيا عبر الحدود الإيرانية التركية في منطقة “آغري”، ومعروف عن المعتقلات الإيرانية أنها تخضع لحراسة مشددة للغاية.

ولم تكتب أي صحيفة تركية أو إيرانية عن أسباب اعتقاله في إيران، وعن كيفية هروبه من المعتقل هناك، وأين كان المعتقل الإيراني؟ وتركت الأسئلة بشأن هذه النقاط بالغة الدقة والحساسية تدور في دائرة غامضة، واكتفت بعض وسائل الإعلام التركية بالقول إنه “دخل عبر الحدود الشرقية إلى الأراضي التركية متسللا، فأقام لفترة في مدينة قونية مع زوجته وابنيه، ثم توجه في 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى اسطنبول”، ومعلوم أن الحدود الشرقية تفصل تركيا عن محافظة آذربيجان الغربية في إيران. وتفيد وسائل الإعلام التركية أن المتهم “عبد القادر مشربوف” الذي اعتقل في حي “بشيكطاش” في اسطنبول، اعترف بأنه يحمل الجنسية الأوزبكستانية وتعاون مع “داعش” وتدرب عسكريا في أفغانستان، وهذا ما أكده “واثب شاهين” قائمقام اسطنبول.

وقال واثب شاهين إن المتهم اعترف بالجريمة، وكان قد دخل تركيا قبيل يناير/كانون الأول أي في أواخر ديسمبر 2016.

داعش في أفغانستان

إيران وداعش
الحديث عن “جريمة اسطنبول” وعبور “عبد القادر مشربوف” الملقب بـ”أبو محمد الخراساني” الأراضي الإيرانية قبل أن يستقر في مدينة “قونية” التركية يعيد إلى الأذهان تساؤلات حول مدى علاقة “داعش” بإيران، وكانت “العربية.نت” قد نشرت في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2015 تقريرا لتصريحات دبلوماسي إيراني منشق، تحدث فيها عن دعم إيران لداعش وتزويدها التنظيم الإرهابي بالأسلحة.

وأكد “أبوالفضل إسلامي” الذي كان يعمل في السفارة الإيرانية في العاصمة اليابانية طوكيو قبل انشقاقه عن النظام تزامناً مع انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد رئيساً للجمهورية، في مقابلة مع صحيفة “كيهان لندن” الناطقة بالفارسية أن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” استفادت من وجود داعش إلى أقصى حد، وتمكنت بذريعة هذا التنظيم من أن تبرر تدخلها في كل من سوريا والعراق، وذكر أن طهران هي التي توفر لداعش جزءا من الأسلحة التي يحتاج إليها، على حد قوله.

وشاهد “إسلامي” عندما كان يعمل في الخارجية الإيرانية كيف تدعم طهران ماليا وبشكل متزامن مجموعات وميليشيات مختلفة عقائديا في بعض الأحيان ومتصارعة حينا آخر، بغية استمرار الأزمات أو افتعالها.

وحول أسباب هذا الدعم قال إسلامي: “أنا أشهد بأنهم كانوا يقولون لنا إنه ينبغي ألا نفرق بين الشيوعي والشيعي والسني، بل يجب علينا أن ندعم كل من يساعد على افتعال الأزمات حفاظا على نظام الحكم، فكانت الميزانية السرية في السفارة لا تخصص للمسلمين ولا حتى للشيعة، لأن هؤلاء لا يفرقون بهذا الخصوص، فأنا أعتقد أن في داعش فائدة كبيرة لمصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

الدبلوماسي الإيراني المنشق ابوالفضل إسلامي

“داعش له غرفة عمليات في مدينة مشهد الإيرانية”
وفي يوليو/تموز 2015 تناقلت وسائل إعلام عربية وفارسية تصريحات لدبلوماسي إيراني آخر يدعى “فرزاد فرهنكيان” منشق عن النظام، تضمنت معلومات خطيرة، أكد فيها استناداً إلى وثائق سرية، قال إنه اطلع عليها في حوزة قيادي كبير في الحرس الثوري، تكشف أن تنظيم “داعش” يتم إدارته وتحريكه من غرفة عمليات بمدينة “مشهد” عاصمة محافظة “خراسان رضوي” شمال شرقي إيران بالقرب من الحدود الأفغانية.

وقال فرهنكيان إن “غرفة العمليات هذه يديرها قادة كبار بالمخابرات الروسية والإيرانية، بهدف خلق فوضى كبيرة في العالم العربي عامة، والخليج والسعودية بصورة خاصة.”

وذكر فرهنكيان حينها أنه حضر في شهر فبراير/شباط الماضي اجتماعاً مع أعضاء مجلس المعارضة الإيرانية في المنفى في فندق صغير بضواحي العاصمة الفرنسية باريس، وانفرد لمدة 4 ساعات بقائد كبير في الحرس الثوري انشق قبل فترة، وأطلعه على هذه المعلومات” بحسب ما أفاد موقع قناة “التغيير” الفضائية.

فرزاد فرهنكيان
جدير بالذكر أن الدبلوماسي فرزاد فرهنكيان عمل مستشاراً بوزارة الخارجية الإيرانية، ثم انتقل للعمل بممثليات إيران في دبي وبغداد والمغرب واليمن. وكان الرجل الثاني في السفارة الإيرانية بالعاصمة البلجيكية بروكسل، إلا أنه انشق في سبتمبر/أيلول 2010 عن النظام، وانضم إلى الحركة الخضراء.

ورغم كل هذه فإن الأسئلة حول أسباب تواجد “عبد القادر مشربوف” الملقب بـ”أبو محمد الخراساني” في إيران، وكيفية هروبه من المعتقل هناك، وتسلله إلى الأراضي التركية، قد ترد عليها السلطات في أنقرة بعد استكمال التحقيقات واستجواب المتهمين إلا إذا منعتها أسباب دبلوماسية من ذلك.