بين “قانون الستين” والفراغ!
علي حماده/النهار/26 كانون الثاني 2017
بالأمس قال رئيس الجمهورية ميشال عون انه بين “قانون الستين” والفراغ، يفضل الفراغ! بمعنى آخر، يدفع رئيس الجمهورية المواجهة غير المباشرة بينه وبين رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط الى مستوى متقدم، واضعا نفسه بمعية “القوات اللبنانية” في موقع الجهوزية للصدام مع جنبلاط حول قانون الانتخاب، على الرغم من ان مصلحة التحالف الثنائي المسيحي (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) الانتخابية تتمثل في الذهاب الى صناديق الاقتراع وفقا لقانون الستين الذي يؤمن لهما ايصال عدد كبير من النواب قد يصل بحسب دراسات مستقلة أجريت في الآونة الاخيرة الى أكثر من خمسين نائبا، بما يعني قيام تحالف مسيحي هو الاكبر منذ نشوء الكيان اللبناني سنة ١٩٢٦.
أما الصدام مع “اللقاء الديموقراطي” ورئيسه وليد جنبلاط، من أجل فرض قانون جديد يقوم على اعتماد النسبية، فلا يضمن بالضرورة للحزبين المسيحيين الكبيرين ايصال عدد يضاهي ما يستطيعانه في ظل قانون الستين، كما انه يدخل العهد في صراع مع مكون وطني اساسي يبقى جنبلاط حتى اشعار آخر الاكثر تمثيلا لمصالحه في التركيبة الوطنية، وذلك من دون اغفال وجود قوى اخرى لها موقعها في تركيبة المكون الذي نتحدث عنه. بناء على ما تقدم، يبدو لافتا جدا أن يتقاطع موقف تحالف “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” مع موقف “حزب الله” من موضوع النسبية الذي جرت استمالة خصم الرئيس عون والدكتور سمير جعجع اللدود، رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية اليه، بعد لقاء الاخير الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله منذ أيام. فبعدما كان فرنجية من أشد المدافعين عن قانون الستين، تحول ليؤيد قانونا جديدا يتضمن النسبية!
ولعل الموقف “العنيف” (بالمضمون لا باللهجة) للرئيس ميشال عون لحظة اقدام وزير الداخلية نهاد المشنوق على تشكيل هيئة الرقابة على الانتخابات التي تسبق دعوة الهيئات الناخبة، والذي رفض فيه التطرق الى الموضوع باعتباره (اي عون) ينتطر التوصل الى اقرار قانون جديد للانتخاب، يؤشر الى أن البلاد تسير في الاسابيع المقبلة على حافة الصدام الذي يمكن أن يستعر مع اقتراب موعد الحادي والعشرين من شباط المقبل، موعد دعوة الهيئات الناخبة.
وعليه، يحضر سؤال مطروح بإلحاح: هل يصل عون وجنبلاط الى صدام معلن ومباشر يعيد خلط الاوراق في المشهد السياسي الذي حكمته منذ لحظة انتخاب عون مناخات التراخي السياسي والتهدئة على كل الصعد؟ ثمة من يقول إن الفارق بين عون ومعه “القوات اللبنانية” من جهة، والنائب وليد جنبلاط بما ومن يمثل من جهة أخرى، يكمن في ان قانون الستين لا يصيب من التحالف المسيحي مقتلا، بل يصب في النهاية في مصلحتهما، أما الذهاب الى النسبية بأي شكل، فإنه يهدد جنبلاط وحاضنته التي يعتبر ممثلها الاول. وهنا السؤال: ما الذي يدفع قوى مسيحية أساسية الى التصادم المباشر مع القوة التمثيلية الدرزية الاولى؟ لا نزال عند رأينا ان قانون الستين لم يسحب من التداول، فثمة مجازفة كبيرة جدا في دفع الامور نحو فراغ نيابي!