حذار من التمديد للبرلمان!
د. توفيق هندي/23 كانون الثاني/18
لا شك بأن قانون الانتخابات الحالي يناسب حزب الله. فهو الذي دفع غالبية القوى السياسية المتهالكة للحفاظ ما أمكن على حصصها من سلطة دولة باتت مصادرة، إلى إقراره.
يا له من قانون هجين لا أخلاقي: فهو يجعل من كل مرشح الشريك والخصم في آن معاً لكل مرشح آخر في اللائحة الواحدة.
يصوّرونه على أنه قانون عصري عادل يفتح الباب للتغيير. وقد رأيناهم يضعونه في إطار الإنجازات الكبرى «للشركاء» في السلطة ورأيناهم يتبارون في ما بينهم بتبني إنجازه أو تسويقه.
غير أن الخطير في الأمر، هو أن هذا القانون سوف يوفر لحزب الله الأكثرية في البرلمان عبر دعم «حلفائه»، والتمدد انتخابياً في كافة الطوائف والمذاهب عبر الفائض من الأصوات التفضيلية التي يتحكم بها، دون سواه، مع شريكه الشيعي، وذلك في غابة القوى السياسية المشتتة المتنافسة على فتات المائدة. لا شك أن هذه القدرة نابعة، في التحليل الأخير، من أن من يمتلك القوة العسكرية يمتلك القدرة على التأثير في السياسة أكثر من غيره (حتى من دون استخدام السلاح)، كما أنها نابعة من ميزان قوى إقليمي ولبناني ومن ضعف وإضعاف القوى السياسية الشيعية المناهضة لحزب الله.
في هذه الحال، يمكن التوقع أن تكون أولى مهمات البرلمان الجديد محاولة شرعنة عسكر حزب الله كمنظمة عسكرية مستقلة موازية للجيش اللبناني إلى جانب حضوره الوازن في كافة مؤسسات الدولة ولا سيما الدستورية منها، كما حدث في العراق بشرعنة الحشد الشعبي إلى جانب الجيش العراقي، وكما هو الحال في إيران بثنائية الحرس الثوري/ الجيش الإيراني.
في ظل الضبابية التي تلف أوضاع المنطقة والمخاطر التي تتهدد التمدد والنفوذ الإيرانيين فيها، من المنطقي أن يسرع حزب الله لتشريع نفسه كمنظمة عسكرية لتأمين غلبته على سلطة الدولة وبهدف الاستمرار بمشروعه الأصيل الإسلامي الجهادي الأممي وفق منظور ولاية الفقيه.
من جهة أخرى، يتردّد في الآونة الأخيرة كلام عن تمديد لولاية البرلمان الحالي أو تأجيل الانتخابات. بالطبع، كافة المسؤولين في الدولة والسياسيين يؤكدون العكس ويؤكدون إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 6 أيار 2018. غير أن كلامهم هذا قد يكون «كلاماً» للرعية وليس كلاماً «للخورية». فلطالما، عارضوا التمديد في الماضي ليمارسوه «مرغمين» في اللحظات الأخيرة التي تسبق موعد الانتخابات.
في واقع الحال، ثمة طرف واحد يمكنه الدفع باتجاه التمديد لامتلاكه القدرة الفعلية لتحقيقه، وهو بالطبع حزب الله.
ولكن لماذا قد يريد التمديد ولأي فترة؟
تنتهي ولاية الرئيس ميشال عون بتاريخ 31 تشرين الأول 2022 وتنتهي ولاية البرلمان العتيد الذي يفترض أن يتم انتخابه بتاريخ 6 أيار 2018، بتاريخ 20 أيار 2022 لأن ولاية البرلمان الحالي الممدد له تنتهي بتاريخ 20 أيار 2018.
تنص المادة 73 من الدستور على التالي:
قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد، وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فانه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس.
إذاً، الموعد الدستوري الطبيعي لانتخاب الرئيس يقع بين 31 آب 2022 و30 أيلول 2022، مع إمكانية أن يجرى الانتخاب بين 21 آب و31 آب إذا «لم يدع المجلس لهذا الغرض».
يتبين بالتالي، أن البرلمان المنتخب بتاريخ 6 أيار لن يتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية، إذ أن ولايته تنتهي بتاريخ 20 أيار 2022، أي قبل 31 آب 2022، تاريخ بدء المدة المحددة في الدستور لانتخاب الرئيس.
فإذا أراد حزب الله الإفادة من قدرته الحالية وغلبته في السلطة والتي قد يفقدها بعد أربع سنوات، لـتأمين أكثرية برلمانية، سوف يدفع حينذاك باتجاه تمديد ولاية البرلمان الحالي لستة أشهر بحيث تنتهي ولاية البرلمان العتيد بتاريخ 20 تشرين الثاني 2022، مما يستجوب إجراء الانتخابات في آب/أيلول 2018. إذا قرر السير بهذا الاتجاه، يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد، وذلك بتأمين انتخاب الرئيس الذي يرغب به بعد الرئيس عون، حليفه الاستراتيجي، بالإضافة إلى تشريع نفسه كمنظمة عسكرية موازية للجيش اللبناني.
ثمة مؤشرات سياسية وتقنية مقلقة تشي بإمكانية حدوث مثل هذا السيناريو.
فحذار من وقوع البعض في فخ الحسابات الخاطئة!
*نقلا عن جريدة اللواء