هل سقطت حجة الإعتبارات الإستراتيجية؟
الدكتورة رندا ماروني/03 شباط/18
منافسة مصلحية وخلاف داخل الفريق الحاكم، فريق الثامن من آذار أدت إلى حرب ضروس إعلامية، وإستنهاض للغرائز المذهبية، وغزو مسلح لمناطق آهلة آمنة، إستعدنا خلالها زمن حروب المناطق والمتاريس، وإستعدنا إستعمال مفردات تلك الفترة كالطابور الخامس والسلم الأهلي والإستقرار الأمني والتحديات الراهنة والتعبئة والشحن المذهبي، مشهد أطاح بالأمن بين ليلة وضحاها لينتهي برفع الأيدي بكل بساطة دون محاسبة لأي متطاول على أمن الناس، أفي دولة قانون نحن؟ نعم نحن في دولة لا يسري قانونها سوى على المواطن البسيط، فنحن كمواطنين نخضع للقانون نحترمه نهابه نلتزم بحذافيره، وعندما تسأل المسؤول عن القانون يجيب بأن إلتزام القانون هو للضعفاء والقانون في قاموسنا هو قانون رفع الأيدي، فإن إختلفنا نشعل البراكين المذهبية وإن إتفقنا تتشابك أيدينا لتهدأ نفوسكم يا أيها الضعفاء.
مشهد فتنوي شغل اللبنانيين وختم برفع الأيدي بصورة هزلية لأركان السلطة دون أن يختم الخلاف الأصلي الذي أدى إلى هذا المشهد الواقع بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب على خلفية توقيع مرسوم الضباط الذي أعلن فيه الرئيس بري موقفه بالفم الملآن وترحم على الطائف وعلى الدستور والعرف وعلى مجلس الوزراء والوزراء وتقبل التعازي في المادة 54 من الدستور، وذكر أن إقتراح قانون بموضوع دورة الضباط ورد إلى المجلس النيابي موقعا من رئيس الجمهورية عرض على الهيئة العامة للمجلس ولم توافق عليه وردته إلى اللجان المشتركة وما زال كما أنه لم يعرض على مجلس الوزراء وهرب في ليل بمرسوم أمرد، فإذا كان هذا المرسوم قانونيا فلماذا سبق أن إقترح قانون لأجل قوننته ولماذا لم يوقع عليه وزير المالية حيث تترتب عليه أعباء مالية عكس ما ذكر رئيس الجمهورية، ولماذا لم يوقع عليه وزير الداخلية حيث هناك أسماء ضباط هم من قوى الأمن الداخلي.
إن مرسوم إعطاء أقدمية سنة للضباط الذين تخرجوا سنة 1994 لم يوقع في مجلس النواب كما أن الرئيس بري هو ضد توقيع مرسوم إعطاء الأقدمية الذي يرتب ترقية 26 ضابطا من رتبة عقيد إلى رتبة عميد من دورة 1994 الذين عليهم إنتظار سنة إضافية للترقية.
خلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب تحدث عنه الوزير باسيل في الشريط المسرب ليقول: “انا شو خصني”، وليصف رئيس مجلس النواب بالبلطجي، وليسجل مواجهة ثالثة مع حزب الله خلال شهر واحد، فبعد المقابلة التي أجراها على قناة الميادين ليعلن موقفه من إسرائيل كان الحديث إلى “magazine ” الذي أسف فيه بشأن بعض القضايا الداخلية في لبنان مشيرا إلى أن الانتكاسات التي وقعت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري تركت بصماتها بوضوح على العلاقة مع حزب الله، ولكن من دون التشكيك في التحالف الإستراتيجي الذي صمد أمام العديد من المصاعب ويعد واحد من أطول التحالفات في لبنان، وإعتبر أن حزب الله يأخذ خيارات لا تخدم مصالح الدولة اللبنانية، وإن كل لبنان يدفع الثمن، لافتا إلى أن في لبنان فساد يتآكلنا ولا نستطيع أن نعيش معه، كما أن التحالف مع حزب الله لا بد أن يستمر، مشيرا إلى أن التيار الوطني الحر وحزب الله على الموجة نفسها في ما خص قضايا السياسة الخارجية، وإن التيار يبقى ضمانة لحزب الله في حال تعرض لبنان لهجوم من قبل إسرائيل أو لأي هجوم إرهابي. كما قال أن في وثيقة التفاهم مع حزب الله هناك بند أساسي يتعلق ببناء الدولة ولكن لسوء الحظ هذه النقطة لم تطبق بحجة الإعتبارات الإستراتيجية. وتابع في أن التيار الوطني الحر يتمسك بوحدة المسيحيين وأنه أي كتيار ليس على إستعداد لبيع مصالح الدولة لتحقيق ذلك، كما أن المسيحيين لا يستطيعون العيش خارج الدولة وأن الوحدة الداخلية لكل الطوائف مهمة ولكن ليس على حساب الدولة.
وإذ تضمن كلام الوزير ما يعتبر كناقض ومنقوض إلا أنه فيما خص الموقف من حزب الله تضمن سياسة العصا والجزرة في محاور أساسية منها:
– التيار الوطني الحر يبقى هو ضمانة لحزب الله في حال وقوع أي إعتداء خارجي.
– حزب الله يأخذ خيارات لا تخدم الدولة ولبنان.
– حزب الله لم يساعدنا ببناء دولة بحجة الإعتبارات الإستراتيجية.
هذه المحاور الثلاث إستهدف فيها الوزير باسيل سياسة حزب الله مذكرا إياه بأنه لا يستطيع إلا أن يكون مسهلا لمصالحه الداخلية وليس معرقلا لها بواسطة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري. وإذا كان الرئيس نبيه بري محق في إعتبار توقيع وزير المال ووزير الداخلية ضرورة للمرسوم موضوع الخلاف، إلا أنه لم يكن محقا في إعتبار وزارة المالية موقع خاص للطائفة الشيعية، كما أنه لم يكن محقا في ما سمح به بالاشتراك مع حزب الله من فلتان شوارعي. وإذا كان وزير الخارجية محقا في إعتبار أن حزب الله لم يساعدنا ببناء دولة بحجة خياراته الإستراتيجية، إلا أننا نذكره أن هذا كان خيار التيار منذ إطلاق ورقة التفاهم مع حزب الله، فلماذا التململ الآن؟ لقد سقطت حجة الإعتبارات الإستراتيجية للمساكنة الغيرشرعية، لقد أسقطها رئيس التيار الوطني الحر بالذات.
حجة وإعتبارات
سقطت فجأة
دون مقدمات
خلاف بان
تفاهم مات
إنذار إعلن
دون إنصات
عصاة برزت
لاح النبات
مرسوم عاصف
صعق تفاهمات
ورقة حلقت
خلف السحابات
مقصود فيها
خذ وأسعد
إنما هات
حجة وإعتبارات
سقطت فجأة
دون مقدمات
خلاف بان
تفاهم مات