غربة رعاتنا وقادتنا الموارنة عن مار مارون وعن المارونية
الياس بجاني/09 شباط/18
تتذكر أمتنا المارونية وكنيستها اليوم أبينا مار مارون مؤسس هذه الكنيسة وراعيها وقديسها وشفيعها.
نرفع الصلاة خاشعين ومتضرعين من أجل أن تحل على قومنا الماروني نعم المحبة والإيمان، وأن يعود قادتنا كافة إلى منابع ومعاجن قيم ومثال ومفاهيم وممارسات أبينا مارون في أقوالهم وإيمانهم وأفعالهم.
لقد علمنا السيد المسيح وأوصانا في كتابنا المقدس بأن نشهد للحق، وأن ندافع عن الحقيقة، وأن نسمي الأشياء بأسمائها، وأن يكون كلامنا صريحاً ومباشرة ودون مواربة أو نفاق أو تملق أو تلون أو ذمية.
وعلمنا أن يكون كلامنا بنعم نعم، وبلا لا ..
وعلمنا أن الكلمة كانت منذ البدء وأنها هي تجسدت وأنها هي الله..
وعلمنا أن الله هو محبة، وأن من لا يعرف المحبة لا يعرف الله..
من هنا وبراحة ضمير كاملة، وعن قناعة مطلقة، واعتماداً وحكماً على الأفعال والأقوال والثقافة والتعاطي والممارسات، وبذكرى قديسنا وأبينا مار مارون نقول بحزن مبكي بأن غالبية رعاتنا وقادتنا الموارنة الحاليين هم في غربة قاتلة عن كل ما جسده ويجسده مار مارون وعن المارونية بكل أطرها الإيمانية من نذورات وتواضع وإيمان وتجرد والتزام بمفهوم الأبواب الضيقة.
ولأن المارونية في جوهرها وكما أرادها أبينا مار مارون هي نذورات فقر وطاعة وعفة وينابيع تواضع ومحبة وإيمان وصدق وشفافية وعطاء وتجرد ورسالة وتاريخ، فإن ممارسات السواد الأعظم من القيمين على شؤوننا السياسية والدينية والحياتية والثقافية هم في واد والمارونية الحقة وتعاليم ونموذج مؤسسها هم في واد آخر.
ومحزن جداً أن تكون ثقافة الإسخريوتي قد تسللت إلى عقول وقلوب وضمائر كثر من قادتنا فأمست قبلته هي نمطاً لممارساتهم وعنواناً لحالة التخلي التي يعيشونها.
ولكن ورغم كل هذه الغربة، ورغم هذه الإسخريوتية الوقحة على مستوى القادة والرعاة، فإن الخمائر الطيبة والطاهرة وللحمد لله هي موجودة ومتأصلة بين قومنا الماروني..
وهذه الخمائر الخيرة هي بالتأكيد ستخمر عجيننا الإيماني مهما طال زمن الجحود والكفر والتخلي..وهي التي سيكون لها الغلبة في النهاية مهما طال زمن المكر والمّحل والإسخريوتية.
اليوم وفي ذكرى أبينا ومؤسس كنيستنا مار مارون نرفع الصلاة طالبين شفاعته وبركاته لقومنا الماروني ولوطننا المقدس لبنان.
*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
الموارنة السكارى
الشدياق يوسف رامي فاضل/09 شباط/18
هذا العام تتزامن ليلة عيد مار مارون مع ليلة خميس السَكارى، فكأن ذكرى مار مارون ليست كافية لنا رغم ما توقظه من حنينٍ ونوستالجيا إلى قديسٍ وتاريخٍ يمثِّلان كلّ ما لسنا عليه اليوم!
فأتى هذا الخميس ليؤكد أن أبناء مارون سكارى بمجدهم الغابر، يهربون إلى رحابة تاريخم ليغمضوا عينهم ولو للحظة واحدة عن فداحة حاضرهم الذليل!
نعم شخص مار مارون والتاريخ الماروني يعانيان من القطيعة المرّة مع ورثتهما على مختلف الأصعدة!
فالورثة وبخلاف قدّيسهم الذي افترش الأرض والتحف السماء، افترشوا المجدَ الباطل والتحفوا بحسابات أهل السياسة والإقتصاد فأدخلوا روح العالم الإستهلاكيّة إلى كنيستهم عوض أن يُدخِلوا الروح القدس إلى جميع ميادين هذا العالم!
وهم بخلاف تاريخهم العريق استسهلوا المساومة والمراوغة لضمان أمنهم وحمايتهم، فانبطح الكثير منهم أمام الذميّة بحللها الجديدة، وتقوقعوا كالطفل البكر الذي يغار من أخيه الصغير في شرانقٍ لا تنفتح إلّا للندبِ وللمطالبة بحقوقٍ تنتصب كالشمّاعة في السبق السياسيّ، متناسين حقوق محيطهم عليهم من الرسالة إلى الشهادة والمحبّة!
لقد تناسوا الحركة والتقدّم الدائم الذي ميَّز تاريخهم على الصعيد الروحيّ واللاهوتيّ، فجمَّدوا لاهوتهم في قرونٍ وسطى لا تشبه نموّ كنيسة المسيح بشيء!
سنطالع الكثير من المنشورات والمقالات وسنسمع العديد من العظات في هذا العيد التي ترفع الروح المعنويّة لأبناء مارون إلى درجات تتخطّى معنويات الشعب النازي قبيل الحرب العالمية الثانية، لكن الواقع الذي لا تغيّره المقالات والعظات هو مشارفة هذه المارونية على الإفلاس التامّ والنهاية الحتميّة…
هذا هو المصير الحتميّ لجماعةٍ بشرية فقدت الهدف وعطّلت جدليّة التاريخ منذ وصلت إلى هدفها الأخير “لبنان الكبير” وبعد هذا الوصول انصرفت الى الدفاع عن حقوق من هنا وامتيازات من هناك، فوضعت نفسها في موقع “المُدافِع” وهو الموقع الأضعف على الإطلاق! ورَفضَت المتابعة في شقِّ طريقها الأصيل، منصرفة إلى شقّ طرقات لا تتماشى مع الطريقة المارونيّة بشيء!
هذه المارونية اليوم لا تحمل رؤيا ولا تملك مشروعًا، ولا تعرف كيف تُلطِّف وقع الموت المُقبِل إليها بكلّ شراسة!
ولكن… من يدري؟
ربّما نجدُ الإنبعاث الجديد والقيامة بعد هذا الموت وربّما لا نجده!
لكنّ الأكيد هو أنَّ المارونيّة بأمسّ الحاجة إلى معجزة أرضيّة سماويّة -قبل النهاية أو بعدها- تحصل على يدِ شعبها العلمانيّ أو بعضه، لتستمرّ على قيد الحضور والشهادة، وإلا فنحن لا نملك سوى الموت، وسوى بعض الذكرى…