“التجمع اللبناني”: نحمّل السلطات مسؤولية درء مخاطر ربط لبنان بمحور الممانعة
النهار/14 شباط 2018
بعد 13 سنة على اغتيال الرئيس الحريري وسقوط شهداء انتفاضة الاستقلال، يرى “التجمّع اللبناني” أن لبنان وكلّ أبنائه في أمس الحاجة لتحقيق العدالة ولوقف نهائي لعقارب الزمن عندما كانت الاغتيالات السياسية التي أُريد منها حرمان لبنان من قيادات وطنية كبيرة وتجهيل الفاعل، وهو مكشوف. فالعدالة المتأخرة ومعاقبة المنفذين والمخططين والمقررين، أياً كانوا، هو مطلب اللبنانيين التواقين لاستعادة الجمهورية وقيمها ودور لبنان ومكانته.
وأصدر “التجمع اللبناني” البيان الآتي: “للمرة الاولى منذ عقود يجري إسقاط طائرة اسرائيلية معتدية، في خروج غير مألوف على قاعدة “الرد في الزمان والمكان المناسبين”، عاش اللبنانيون بعدها أوقاتاً طويلة من القلق من نشوب حرب جديدة، لا ناقة لهم فيها ولا جمل، تجري بين أطراف إقليميين ودوليين يتنازعون على حصصها من المكاسب في الحرب الدائرة، بلا رحمة، منذ سنوات على الشعب السوري!
يعلم الجميع أن لبنان سيكون ساحة رئيسية للصراع على سوريا لأن النظامين الايراني والسوري جعلاه منذ سنوات طويلة مركزاً لتوجيه الرسائل، وقد كلفنا هذا، حتى اليوم، الكثير من الدم والخراب. وما تكرار زيارات زعماء ميليشيات الحرس الثوري للجنوب اللبناني، وبينها الزيارة الأخيرة للمرشح الرئاسي الايراني ابرهيم رئيسي للحدود الجنوبية إلاّ تأكيد لهذا الموضوع.
وفيما يستمر التهديد الاسرائيلي بالانتقال من الضربات الجوية المحدودة إلى الحرب الشاملة، يستمر النظام السوري، ومن معه، في ممارسة سياسة الارض المحروقة التي تقوم على تدمير المدن والقرى وتهجير سكانها أو قتل من تبقى منهم لعدم قدرتهم على المغادرة.
لقد وصلت الأوضاع الانسانية إلى حد لا يطاق ولا يزال الشعب السوري يدفع الثمن دماً وخراباً ولجوءاً ونزوحاً، ولا يبدو في الأفق أي أمل في وقف حمام الدم. على العكس من ذلك، فإن الخلاف الأميركي – الروسي على الحصص، يفاقم الأوضاع بطريقة درامية. كما أن دخول تركيا على خريطة تقسيم المغانم قد أعطى بعداً جديداً لاستمرارية الحرب وعبثيتها. وتقف روسيا بتأييدها الأعمى لبشار الأسد، حائلاً دون تقديم أي مخرج للازمة الدامية. حتى أنها رفضت صدور قرار دولي بفرض هدنة انسانية موقتة لمدة شهر في الغوطة من أجل إتاحة الفرصة لوصول مساعدات إلى المدنيين المتضررين. والمستفيد الوحيد من هذا كله هو اسرائيل، التي تشهد مرتاحةً استمرار دمار سوريا وتقويض مقوّماتها لأعوام طويلة مقبلة. والمضحك المبكي أن مصالح النظام الايراني واسرائيل تلتقي في هذه النقطة، بالرغم من خطاب التلويح بالحرب بينهما!
يدفع لبنان ثمن الجوار غالياً، لأن فريقاً لبنانياً يشارك في مقتلة الشعب السوري، انصياعاً لسياسة حكام طهران التوسعية، وهو بذلك يساهم في تهجير السوريين إلى الخارج، وفي قيام مشكلة مستعصية على الحل اسمها التعامل مع قضية النزوح السوري. كما يساهم عن سابق تصور وتصميم، في رمي لبنان في حرائق المنطقة!
إنه لما يثير القلق أن يدّعي أطراف لبنانيون مختلفون، أنهم يعارضون فساد النظام اللبناني القائم ويعملون على تغيير الحياة السياسية فيه، في حين أنهم يسكتون عن إشكالية ارتباط بعض القوى المتحالفة معهم انتخابياً مع نظام الأسد، مما يكشف زيف موقفهم ورغبتهم العارمة في الدخول إلى جنة السلطة من طريق شعارات محاربة الفساد والسكوت عن استلحاق لبنان بمشاريع النظام الإيراني في المنطقة.
إن ما يجري في سوريا ينعكس علينا سلباً بالتأكيد، وهذا ما ينبغي أخذه في الاعتبار والعمل على تجنيب لبنان ردود الفعل المدمرة التي قد تصيبنا في لحظة من اللحظات. إننا نحمّل السلطة اللبنانية مسؤولية درء مخاطر الارتباط بمحور الممانعة والمشاركة في الحرب الدائرة في سوريا، وذلك بالحفاظ على القرارات الدولية التي تشكل مظلة ينبغي التمسك بها، ونحن بهذا إنما نعمل على ترسيخ السلام في ربوعنا وإعادة الحياة إلى مؤسساتنا ودولتنا التي تتعرض اليوم للاهتزاز بقوة! “.