بعد فشل التسوية.. ما هو حلّ الشغور؟
خاصّ جنوبية 24 ديسمبر، 2015
بعدما أرجئ الإستحقاق الرئاسي إلى مطلع السنة المقبلة، واستقرت المواقف الرافضة لها على حالها، هل يتخلى مطلقوا التسوية عن مرشحهم؟ وهل سيقضي الأمر بالخروج من معادلة الأربعة الأقوياء ؟ بعدما عادت التسوية الرئاسية إلى موتها السريري جراء ترسخ معادلة الرفض المطلق من قبل القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ. كشفت مصادر سياسية لبنانية لـ”عكاظ” عن أن مرجعا كبيرا في لبنان أبلغ بعض القيادات المسيحية، مباشرة وعبر وسطاء، أنه في حال الفشل على الإتفاق لإنتخاب النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية حتى شهر شباط المقبل، فإنهم سيكونون أمام حتمية إنتخاب رئيس من خارج مجموعة الأربعة الأقوياء وفقا لإجتماع بكركي . وقالت المصادر نفسها إن “المرجع السياسي أكد عبر رسائله أن المجتمع الدولي مصمم على إنهاء حالة الشغور الرئاسي ، والتي لم تعد مقبولة، بعدما تم تبني ترشيح فرنجية من قبل رئيس “كتلة المستقبل” سعد الحريري”. وفي سياق متصل، اشارت المصادر الى ان حزب “القوات اللبنانية” يراهن على موقف يمكن أن يصدر عن “حزب الله” تأييداً للعماد ميشال عون اعتقاداً منها أن مثل هذا الموقف سيخفف عنها عناء الإحراج مع حلفائها، لا سيما أن بعض نوابها يجزمون بأن الحزب ليس في وارد تأييد فرنجية. واكدت مصادر في “14 آذار” أن لا مصلحة لأي طرف فيها بالانسلاخ عن الآخر، أولاً لأن الرئاسة ليست محسومة حتى الساعة وبالتالي من السابق لأوانه الإسراع في إنجاز معاملات الطلاق بالمعنى السياسي للكلمة استناداً إلى الحكم على النيات ولا شيء آخر. كما قالت المصادر إن الاختلاف حول الرئاسة ليس نهاية المطاف ولا يجوز أن يشكل ذريعة لفرط “14 آذار” التي ما زالت أمامها مسؤولية مشتركة تقضي بمواجهة مسألتي تشكيل الحكومة الجديدة وقانون الانتخاب بموقف واحد، هذا إذا ما افترضنا أن الرئاسة ستحسم قريباً وأن تبريد الأجواء في خلال عطلة الأعياد لن يؤدي حتماً إلى إعادة الاهتمام فيها إلى «براد» الانتظار. ورأت أيضاً أن رئيس القوات سمير جعجع يتطلع في مقاربته الاستحقاق الرئاسي إلى المستقبل، وبالتالي لا يرى مصلحة له في دعمه النائب الممدد لنفسه سليمان فرنجية الذي هو جاره في الجغرافيا ومنافسه في السياسة، في إشارة إلى أن الأول من بشري والثاني من زغرتا، وهما على اختلاف مزمن على رغم أنهما رعيا معاً تشكيل لجنة تنسيق مشتركة أوكلت إليها مهمة العمل من أجل خفض منسوب التوتر السياسي والأمني.
فواز طرابلسي
حـازم الأميـن/لبنان الآن/25 كانون الأول/15
إعتبر فواز طرابلسي أنّ مقتل سمير القنطار في “صلية صواريخ إسرائيلية” على منزلٍ كان يقيم فيه في جرمانا، كان كافياً للقول إنّ الرجل قُتِل في سياقٍ مختلف عن سياق النزاع السوري، وهو بهذا المعنى “شهيد للمقاومة الوطنية اللبنانية”. فواز كتب ذلك على صفحته على “فايسبوك”، وهو ما أثار جملة ردود، حمل بعضها عتباً سورياً على “صديق للثورة” لم يُبدِ حساسيةً حيال حقيقة وجود القنطار في سوريا إلى جانب نظامها ومن دون رغبة أهلها. وحتى قتاله اسرائيل، إذا صحّ ذلك، فهو كان جزءاً من حسابات النظام وحلفائه الإيرانيين في سياق سعيهم لإخضاع السوريين، وكجزءٍ من حرب أهلية وظيفة قتال إسرائيل فيها تعزيز الموقع الداخلي للنظام. علماً أن هذا الافتراض (قتال اسرائيل) يبقى ضعيفاً في الحالة السورية، إذ لا يبدو أن هناك جبهة مشتعلة في الجولان. والحال أنّ النقاش حول توظيف “المقاومة” في الحروب الأهلية يبدو متأخراً هنا، وتغريدة طرابلسي تكشف عن أن شريحة واسعة ممن خاضوا التجربة، ومن المفترض أنهم راجعوها، لا تثيرهم حقيقة أن المقاومة كانت باباً لغلبة أهلية، وفواز كان على رأس تنظيم مُنِع من قتال إسرائيل لأن المهمة الأهلية لهذا القتال اقتضت أن تقاتلها قوى أخرى. والغريب أن هذه الحقيقة لم تكن درساً في سياق تحديد ماهية وجود القنطار في سوريا، إلا إذا اعتبرنا أن الموت على يد إسرائيل هو موت جوهراني يعفي صاحبه من المساءلة، ويحيل أي محاولة تفسير له في غير السياق الممانعاتي إلى فعل خيانة. علماً أن كثيرين، ليس من بينهم فواز طبعاً، لم يترددوا في تنصيب أنفسهم قضاة وفي شحذ سيوف التخوين. “فتح لاند” كانت مدخلاً لدولة فتح في لبنان، وكانت مقدمة لحرب أهلية لبنانية دامت خمسة عشر عاماً. وسلاح المقاومة، كان بدوره أداةً في نزاع أهلي ما زال لبنان يتخبّط في فصوله، وإذا كانت واقعة السابع من أيار 2008 كافية لشرح وظيفة هذا السلاح، فقد جاءت واقعة القمصان السود لتضيف إلى الشرح شرحاً وإلى الوضوح وضوحاً. وها هو سلاح المقاومة يُلغي الحدود، ويتوجّه للقتال في سوريا. ولم يقتصر ابتعاده هناك عن المهمة التي يدّعيها، فهو الآن في موقع ملتبس وليس بعيداً من الموقع الإسرائيلي، ذاك أن الطيران الروسي يتولّى وصل المصالح بين حماية النظام، الذي تحميه المقاومة، وبين تلبية مصالح تل أبيب في سوريا. وعلينا هنا أن لا ننكر البعد التراجيدي لموقع “حزب الله” في هذه المعادلة، إذ على الحزب أن يُنسّق جهوده في سوريا مع الجهد الروسي، الذي يُنسّق بدوره جهوده مع الجهود الإسرائيلية في استهداف “حزب الله”. يجري كل ذلك أمام أعيننا ومن دون مداراة، وعلينا في الوقت نفسه أن نستمر مؤمنين بأن غارة إسرائيلية تكفي لتطهرنا مما نحن فيه. والحال أن فواز في تغريدته تجاوز حقائق سبق له أن اختبرها بنفسه، هذا قبل أن نقول إنّه من المفترض أن يكون قد اقترب من صياغتها في سياق انتقاله من موقعه الحزبي إلى موقعه في الكتابة والتأريخ والمراقبة. وهذا تحديداً ما دفع كثيرين إلى الاستغراب، وإلى البحث عن تفسير. الجواب التوضيحي على صفحة طرابلسي على “فايسبوك” جاء ليؤكد ما كتبه في البوست الأول. أما إلغاؤه لاحقاً تعليقيه عن صفحته فيفرض عليه، كمثقف، إزالة الغموض عن فعلتي الكتابة والإلغاء.