السعودية.. إنه يوم القصاص
طارق الحميد/الشرق الأوسط/03 /16
نفذت المملكة العربية السعودية أمس أحكام الإعدام بحق 47 إرهابيًا تسببوا بإراقة دماء الأبرياء تخطيطًا وتنفيذًا، وتحريضًا، ومنذ شهدت البلاد موجة الإرهاب التي ضربت السعودية عام 2003، ولم تتوقف للآن، رغم انخفاض وتيرتها بسبب النجاح الأمني الواضح. وبالطبع ستكون هناك أصوات منتقدة لتنفيذ الأحكام هذه التي ينظر لها كثير من السعوديين على أنها جاءت متأخرة، إلا أنه من المعروف أن إجراءات التقاضي عادة ما تأخذ وقتًا طويلاً، وهذا ما يحسب للسعودية، وأجهزتها القضائية، والأمنية، فأحكام الإعدام هذه لم تأتِ كرد فعل متسرع غاضب، ولا نتاج محاكم عسكرية، بل هي نتاج محاكم شرعية استوفت وقتها، وإجراءاتها. لكن هل يبدد كل ذلك الأصوات المنتقدة؟ بالطبع لا! لكن الأهم هنا هو أن الدولة التي ناصحت، ومارست طول البال، والانضباط، هي نفسها التي نفذت أحكام الإعدام هذه بحق الإرهابيين الذين ألقي القبض على بعضهم منذ عام 2004. وما يجب أن نتذكره هو أن أمن السعودية أهم بكثير من أصوات المنتقدين، خصوصًا أن السعودية قد مارست الصبر والانضباط، وآن الأوان الآن لتنفيذ الأحكام بحق كل من يعبث بأمن البلد إرهابا، وتطرفًا. ولذا فقد كان من اللافت في المؤتمر الصحافي الذي عقد في الرياض أمس، وبحضور المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، والمتحدث باسم وزارة العدل، تمحور جل أسئلة الصحافيين حول ردود فعل وسائل التواصل الاجتماعي، وما قيل، ويقال في «تويتر»، وكأن السعودية هي «تويتر»، أو أن الرأي العام السعودي الحقيقي هو ما يصدر بوسائل التواصل! القصة ليست كذلك بالطبع، بل إن القصة هي الحفاظ على هيبة الدولة التي تريد فرض الأمن والاستقرار، ومحاربة الإرهاب، وهذا هو مطلب السواد الأعظم من السعوديين، ومطلب كل عاقل، والمؤتمر الصحافي كان فرصة لطرح الأسئلة الجادة والعميقة ليفهم الرأي العام، مثلاً، كيف أن السعودية لم تنفذ أحكام الإعدام إلا بسبعة وأربعين إرهابيًا من أصل ستة آلاف موقوف. كانت فرصة لمعرفة كيف سيتم التعامل مع هذا الرقم الكبير، وخطورته على المجتمع. وما هو مشروع الدولة لكي لا يتكرر ظهور مثل هؤلاء الإرهابيين، خصوصًا أن عمليات أحكام الإعدام هذه، وطريقة تنفيذها، تذكرنا بأيام إعدام المعتدين على الحرم المكي الشريف من جماعة جهيمان؟ وعليه، فإن الأهم هنا هو أمن البلد، وضمان عدم خروج جيل جديد من الإرهابيين، وفرض هيبة الدولة، وليس الالتفات لما تقوله معرفات على «تويتر» لا أحد يعلم إن كانت من إيران، أو العراق، أو سوريا، وهناك 500 ألف معرف تستهدف السعودية، وتدار من خارجها! الحقيقة أن من نُفذ بهم حكم الإعدام استوفوا كل إجراءات التحقيق، والتقاضي، ولفترة طويلة، بينما هم، أي الإرهابيين، لم يمهلوا ضحاياهم ولو ساعة لتفادي أعمالهم الإرهابية، ولذا فإن أمن السعودية أهم بكثير مما يقال في طهران، أو غيرها، واجتثاث الإرهاب، وردع الإرهابيين، هو أساس الأمن، والاستقرار، وهو مطلب كل سعودي يأمل في غد أفضل.
تحرير أموال إيران لن يقلب الموازين في المنطقة
ثريا شاهين/المستقبل/03 كانون الثاني/16
من المقرر أن تشهد بداية هذه السنة، الإعلان عن بدء تنفيذ الاتفاق النووي بين الغرب وإيران. وبدء التنفيذ يعني أنّ إيران ستُنهي العديد من الالتزامات التي جرى التفاهم عليها، وستتأكّد الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إنهائها. ومقابل ذلك، تؤكد مصادر ديبلوماسية أنّه سيتم رفع العقوبات عن إيران بما في ذلك من المفترض تحويل المبالغ المالية الإيرانية المجمّدة حالياً في المصارف العالمية. ويناهز المبلغ أكثر من مئة مليار دولار، أي أنّ إيران يجب أن تكون قد قلّصت من أجهزة الطرد المركزي إلى النسب المتفق عليها، وكذلك التخلي عن نسبة عالية من تخصيب اليورانيوم. والوكالة الدولية تقوم برقابة على برنامجها النووي وإلغاء بُعده العسكري. وكل العقوبات عليها ستُلغى باستثناء ما يتعلق بالإرهاب وحقوق الإنسان، أي أنّ على كل طرف في الاتفاق تنفيذ التزامات محدّدة. وتفيد المصادر أنّ نفوذ إيران في المنطقة غير مرتبط بالأموال التي ستصل إليها، بل بالصراع في المنطقة بحد ذاته. وذلك على عكس ما تخوّف منه العديد من الدول. إذ لا تتوقع الدول الغربية أن تخصّص إيران لتعزيز نفوذها في المنطقة ودعم حلفائها، سوى مبالغ محدّدة، لأنّ اقتصادها سيئ وستموّل تطويره وتحديثه. العزلة الدولية سترفع جدّياً، وعندها تستطيع إيران أن تستقطب الشركات العالمية لتحديث اقتصادها، وبالتالي المبلغ الذي سيُرصَد لحلفائها في المنطقة لن يكون كبيراً إلى درجة تجعل تأثيراته تقلب الموازين فيها. إيران على المستوى السياسي لم تعد معزولة، تمّت دعوتها إلى مؤتمر فيينا حول سوريا، وكذلك إلى مؤتمر نيويورك، لكن كل هذا لا يعني قبولاً غربياً بما تفعله وبسلوكها حيال ملفات المنطقة، فضلاً عن السعي إلى زعزعة الاستقرار وإقامة دويلات داخل كل دولة والتعامل معها وليس مع السلطات الشرعية في العديد من دول المنطقة، فالصراع مع إيران لا يزال قائماً. ما يحصل حالياً هو إنهاء الملف النووي ووضعه جانباً، مع الإشارة إلى أنّه في التسعينات لم يكن مطروحاً، إلى أنّ عاد وطُرح بهذه الحدّة بعد العام 2002. والغرب الآن يأمل عبر الحوار مع إيران، وزيادة الاستثمارات فيها، أن تعمد إلى تغيير مواقفها لتصبح معتدلة أكثر، أي أنّ ما تغيّر الآن هو وجود الحوار مع إيران. وهذا ما يعوّل عليه الغرب. حلفاء إيران يقولون إنّها ستدعمهم أكثر بعد العزلة، والعامل الداخلي سيؤثّر بحيث إنّ الرئيس حسن روحاني وفريقه يهمهما الاقتصاد والانفتاح الدولي في حين أنّ مرشد الثورة والحرس الثوري قد تكون لديهما أولويات أخرى، أي الدور الإيراني في المنطقة. لكن هذا يعتمد على حياة المرشد وكيف ستتطوّر الأمور. في الوضع الحالي، إيران لا تزال على مواقفها، والغرب أيضاً، والجديد في كل ذلك هو الحوار معها فقط. وعلى الرغم من هذا الحوار والطلب إليها أن تؤدّي دوراً إيجابياً في ملفات المنطقة، فإنّها لم تفعل، في الملف اللبناني والرئاسي تحديداً، وليست مستعجلة لتسهيل حصول انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وفي الملف السوري تريد نفوذاً، وكذلك في الموضوع اليمني. وهي تربط الوضع اللبناني بهذين الملفين، فضلاً عن أنّها تعمل لإضعاف مؤسّسات بعض الدول في المنطقة وخلق ميليشيات موازية. داخل الولايات المتحدة نقاش حادّ يتعلق بمسألة أنّ واشنطن عقدت اتفاقاً مع طهران حول الملف النووي، لكنها لم تفعل أي شيء حيال نشاطاتها في المنطقة، وهي ماضية في مشروعها. فقد تم عزل «النووي» عن بقية الملفات. وثمّة رأي في واشنطن يقول إنّ الاتفاق أدى إلى تقوية إيران، وعلى واشنطن والغرب أن يدعما حلفاءهما في المنطقة لكي يتمكنوا من مواجهة الدولة الفارسية. لكن كل التقديرات تشير إلى أنّ العزلة ستُرفع عن إيران إنّما ليس بالقدر الذي ستتمكن بعده من أن تضع المنطقة في جيبها. وتعتبر المصادر أنّ من المبكر ظهور النتائج النهائية السياسية للاتفاق النووي، وانعكاساته على مواقف الدول في المنطقة، ولن تسلّم كل دولة أوراقها بسهولة، لا بل أنّها ستحتفظ بها لأطول مدة ممكنة. ومن بين هذه الأوراق ورقة الرئيس السوري بشار الأسد بالنسبة إلى إيران، ومصيره سيكون محور بحث بين واشنطن وموسكو وطهران في مرحلة لاحقة.