النمر..ضحية لإيران
نديم قطيش/المدن/الإثنين 04/01/2016
الشيخ نمر النمر ضحية إيران بقدر ما انه دفع ثمن صرامة القضاء السعودي، وصرامة احكام التعزير، والتي هي احكام قد تصل الى الحكم بالموت وتحمل الكثير من الاستنسابية والاجتهاد والتقدير، على عكس حد الحرابة الواضح في انزال عقوبة القتل. كان يمكن ان يبقى النمر سجيناً بحكم مؤبد، لولا ان بقاءه في السجن كان سيوفر لايران مادة اضافية للنفاذ من خلال قضيته الى تهديد أمن المملكة العربية السعودية وتأليب مكوناتها ضد بعضها البعض. الحقيقة ان الموقف الايراني بعد تنفيذ حكم الاعدام، وجنون الادوات الايرانية، ورفعها سقف المواجهة السياسية مع الرياض الى مستوى التعرض لمصير النظام السعودي نفسه، يشير بوضوح الى ما كان يمكن ان تقوم به ايران من خلال “قضية” “السجين” نمر النمر. بهذا المعنى النمر هو ضحية ايران، وضحية المبالغة في احتضان “قضيته” ونفخه اعلامياً خلافاً لكل الوقائع المتصلة بشخصه وعلمه ودوره، لدرجة نعيه بصفته “عالماً مجاهداً” و”آية الله” وغيرها من الالقاب التي تسبغ على المجتهدين من اتباع المذهب الجعفري. تكفي زيارة موقع الشيخ النمر للتأكد من ضحالة دوره الديني والمرجعي الذي تكشفه ندرة المؤلفات. وهذه ان حضرت تحضر بصيغة دراسات متفرقة هنا وهناك. أمام المضمون الغالب للموقع يجعله منصة سياسية لا تقتصر مادتها على طرح افكار سياسية انما هي جزء من حركية عملانية تهدف لتغيير النظام السعودي من خلال الترويج لنظرية ولاية الفقيه، بالاضافة الى الترويج المبطن لخيارات انفصالية، وهذه قضايا أمن قومي وليست نقاشات فكرية وثقافية. وبالتالي النمر ليس سجين رأي بقدر ما هو ناشط ميداني معادٍ للدولة السعودية ويرتبط عقيدياً بدولة شبه عدوة هي ايران! أما الخلط الاضافي الذي إلتبس على بعض الاصدقاء، فترجمه الغرق في توصيف الشيخ النمر بأنه خلاصة الاعتدال والحكمة فقط لانه هاجم نظام الاسد. غدا الرجل وفق هذا المنطق، العلامة المضيئة التي يبحث عنها البعض لموقف “لا سياسي” يقول “كلن يعني كلن”، اي التضاد الطفولي مع آل الاسد وآل سعود وكل الالات والهرب الى عالم سياسي وردي متخيل! الحقيقة ان خطر الاختراق الذي مثله النمر لا يخفف من غلوائه موقف لفظي من آل الاسد فيما هو يدعو الى ولاية الفقيه ويغازل الانفصال المذهبي، في موقف يندرج اندراجاً واضحاً في الاستراتيجية الايرانية المعادية لكل مرتكزات الاستقرار والقوة في المنطقة وفي اساس هذه المرتكزات سلامة المملكة العربية السعودية. لم يعد الموقف من آل الاسد مكلفاً، لا سيما لمن يركبه للنفاد منه الى الترويج لولاية الفقيه بما هي مشروع تشظي مجتمعي وتدميري لفكرة الدولة، عبر فرطها واعادتها الى مكوناتها الاولى.
بكل الاحوال تعاملت ايران مع الشيخ النمر بوصفه جزءاً من الجالية الايرانية وليس بوصفه مواطناً سعودياً حكم عليه قضاء دولته، وهذا يكشف العمق المذهبي التفتيتي للمشروع الايراني عربياً. الشيخ النمر ليس ناشطاً سياسياً قتلته افكاره. الشيخ النمر ليس علاّمة مجتهداً قتله إيمانه ومذهبه. النمر ناشط مسلح في جيش ولاية الفقيه، والسعودية تقول، أمننا في مواجهة مشروع الولاية فوق اي اعتبار.
أزمة الرياض-طهران تؤكد انحياز أوباما لإيران وحلفائها
حسين عبد الحسين/المدن/الإثنين 04/01/2016
تطورات الأسبوع الماضي أظهرت انحيازاً فاضحاً للرئيس الاميركي باراك أوباما لمصلحة إيران ضد خصومها في منطقة الشرق الاوسط. وكانت طهران افتتحت الاسبوع باطلاقها صواريخ باليستية تجريبية، سقطت على بعد 1500 ياردة (1,37 كيلومتراً) من السفن الحربية الاميركية في الخليج، مخالفة بذلك بنود اتفاقية فيينا النووية، المصادق عليها في مجلس الأمن والتي تحظر على الايرانيين اجراء تجارب على أي اسلحة يمكنها حمل رؤوس غير تقليدية كالصواريخ الباليستية. وترافقت التجربة الصاروخية الايرانية مع تصعيد كلامي من المسؤولين الايرانيين ضد واشنطن، وتهديد طهران بوقف الاتفاقية النووية، خصوصا بعدما ادانت الامم المتحدة تجربة ايرانية مماثلة سابقة، وبعدما حاول اعضاء في الكونغرس الاميركي اصدار قانون يفرض عقوبات جديدة على مسؤولين ايرانيين بشكل لا يتعارض مع الاتفاقية النووية. وفسّرت غالبية المتابعين الاميركيين الصواريخ الايرانية بمثابة رسالة تحذير من طهران الى واشنطن ضد فرض اي عقوبات اميركية جديدة من اي نوع كانت، وفي اي سياق كان، نووي او غير نووي. وبدلا من ان يعبّر أوباما والمسؤولون في ادارته عن امتعاضهم للتجارب الباليستية الايرانية ويهددون طهران بعقوبات جديدة، وجه أوباما تهديداته الى اعضاء الكونغرس الذين كانوا يسعون لإقرار قانون عقوبات جديدة ضد المسؤولين الايرانيين المتورطين في اطلاق الصواريخ التجريبية، وهدد بتحميلهم مسؤولية انهيار الاتفاقية النووية مع ايران، وعواقب التصعيد التي قد ترافق انهياراً من هذا النوع، فتراجع المشرعون الاميركيون عن مشروع قانونهم. بعد ايام، وعلى اثر قيام السعودية باعدام 47 من مواطنيها، منهم رجل الدين الشيعي نمر النمر، سارعت الخارجية الاميركية إلى “التعبير عن قلق” واشنطن، خصوصاً أن من شأن إعدام النمر “أن يصعّد التوتر” في المنطقة. على الفور، تحول بيان الخارجية الاميركية الى مادة للتندر في اوساط العاصمة، فردد متابعون ان المفارقة تكمن في ان ادارة أوباما لا ترى في سقوط صواريخ ايرانية على بعد 1500 ياردة من سفنها الحربية تصعيداً من شأنه ان يفاقم الاوضاع في المنطقة، لكنها تلقي باللائمة على اعدامات سعودية تقول ان من شأنها زيادة التوتر. ولم تكد الادارة الاميركية تقف في صف ايران في موضوع إعدام النمر، حتى سرت انباء في واشنطن مفادها ان الديبلوماسية الاميركية باشرت بالاتصال بالرياض وطهران لتبريد الاجواء بينهما. مساعي الوساطة الاميركية لم تمر من دون أن يلاحظ المراقبون ان واشنطن لم تقم بإدانة الهجمات الايرانية ضد سفارة السعودية في طهران وقنصيلتها في مشهد، بل اكتفت بالحديث عن وساطتها، وهو موقف أميركي ذكّر كثيرين بتوجيه واشنطن اللوم الى تركيا لقيامها بإسقاط مقاتلة روسية اخترقت اجواءها قبل اسابيع، بدلاً من أن تعبّر الولايات المتحدة عن تضامنها الكامل ونيتها مساندة حليفتها في حلف شمال الاطلسي، تركيا، في حال اندلاع مواجهة عسكرية تركية-روسية. وكما سارعت واشنطن لخطب ود الروس على حساب حلفائها الاتراك وتعهدت بوساطة، كذلك لم تبد الولايات المتحدة تضامنا يذكر مع السعوديين في وجه تصعيدات الايرانيين، بل اكتفت ادارة أوباما بإعلان نيتها لعب دور الوسيط. مع أوباما، أميركا هي دولة تطلب الخدمات من حلفائها، مثل فتح قواعدهم الجوية للمقاتلات الاميركية والمساهمة في القضاء على اعداء أميركا، فيما تتحول الى وسيط عندما تكون مصالح حلفائها في خطر، وتسعى في الغالب لإدانة هؤلاء الحلفاء والطلب منهم التنازل لخصومهم. سياسة أوباما هذه اظهرته منحازاً تماماً لروسيا ضد تركيا، ولإيران ضد السعودية، وهو انحياز يشبه انحياز واشنطن للرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم من استخدام الاخير أسلحة كيماوية، ضد المعارضة السورية، التي سعت واشنطن لإبقائها من دون سلاح أو تمويل، ومارست الضغط عليها وعلى اصدقائها للقبول بشروط الأسد وحلفائه الدوليين. بعد سوريا وتركيا والسعودية، لم تعد ولاءات أوباما خافية على احد، فهو من دون شك ينحاز انحيازاً كاملاً لروسيا وإيران والأسد.