هل تُمدّد لجنة قانون الانتخاب مهمّتها؟ “القانون الأرثوذكسي” لم يُبحث والتركيز على المختلط
منال شعيا/النهار/5 كانون الثاني 2016
نصف المهلة بالتمام والكمال، قطعتها حتى اليوم لجنة التواصل المكلفة بالبحث في قانون الانتخاب، ويتبقى للنواب الاعضاء نحو شهر لاستكمال مهمتهم، من دون ان يعني ذلك بالضرورة نجاح اللجنة. اذا كانت اللجنة نجحت هذه المرة في ابقاء اجتماعاتها بعيدة من الاعلام، فان المعلومات المتوافرة لـ”النهار” تشير الى انه بعد انقضاء مهلة الشهرين اي في اوائل شباط المقبل، سترفع اللجنة تقريرها الى الرئيس نبيه بري، باعتباره المشرف على عمل اللجنة. وبالتالي فان رئيس المجلس هو من سيقرّر توقف اللجنة عند هذا الحد ام تمديد عملها. وبصرف النظر عن النتيجة التي ستفضي اليها اللجنة سيكون التقرير الذي سترفعه، في حال عدم الاتفاق، أشبه بعرض للأفكار والاقتراحات التي عُرضت خلال اجتماعات اللجنة المتواصلة. وحتى اليوم تجتمع اللجنة اسبوعيا، مع أخذ في الاعتبار لفترة الاعياد التي ادت الى تجميد العمل قليلا، وحتى اليوم، لم يرفع احد من النواب اي “فيتو”، وان كانت ثمة تباينات كثيرة بين الاعضاء.
كذلك لم يتغيب احد من النواب لأسباب سياسية أو يعلّق مشاركته، بل واظب النواب على الحضور، وهم ميشال موسى عن كتلة “التنمية والتحرير” وآلان عون عن “التيار الوطني الحر” وأحمد فتفت عن كتلة “المستقبل” ومروان حماده عن “اللقاء الديموقراطي” وسرج طورسركيسيان عن الأرمن وسامر سعادة عن كتلة نواب الكتائب وعلي فياض عن كتلة “الوفاء للمقاومة” واميل رحمه عن كتلة “لبنان الموحد” وروبير فاضل، وكانت اللجنة اختارت منسقاً لها هو النائب جورج عدوان. بداية، حدد النواب الاعضاء العشرة المبادئ العامة للعمل، فتبيّن ان هناك العديد من نقاط الاختلاف، واشار احد المجتمعين لـ”النهار” الى ان “الاجتماعات تميزت بالنقاش العميق والجيّد والجدّي، على الرغم من الاختلاف”. الابتعاد عن الاعلام خيار اتخذته اللجنة بهدف التركيز اكثر على المناقشات بدل التلهي بالتصريحات والردود، ومن المعلومات القليلة التي امكن اخذها، تبين ان “هناك وجهات نظر متباعدة، لا سيما في ما يتعلق بتقسيم الدوائر والنسب المحددة لكل نظام”، والمفارقة ان “القانون الارثوذكسي لم يبحث ابدا خلال الجلسات، وان اساس البحث لا يزال النظام المختلط، الامر الذي قد يساعد في تقريب بعض الآراء”. الخريطة العامة لعمل اللجنة يمكن ان تكون وفق الصورة الاتية: ثمة فريق يريد لبنان دائرة واحدة مع النسبية، وآخر مع القانون الأكثري، على ان يكون التقسيم وفق دوائر صغيرة. ووفق خريطة ادّق، يمكن التفصيل الاتي: ان صلب النقاشات يتركز على النظام المختلط اي التزاوج بين النسبي والاكثري، بينما تتوزع الآراء بين الكتل النيابية كالآتي: حركة “امل” مع اقتراح القانون المختلط بالمناصفة، والذي يقضي بانتخاب 64 نائبا وفق الأكثري و64 نائبا وفق النسبي. “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” وعدد من المستقلين يؤيدون النظام المختلط ولكن بانتخاب 68 نائبا بحسب الأكثري و60 نائبا وفق النسبي. ولا يزال حزب الكتائب يفضل الدائرة الفردية، فيما “التيار الوطني الحر” لا يزال يحبذ القانون الأرثوذكسي. اما “اللقاء الديموقراطي” فينطلق دائما من الخصوصية الدرزية، ويحدد نظرته الى اي قانون مستقبلي انطلاقا من التقسيم المرتقب لقضاءي الشوف وعاليه، بينما يبقى “حزب الله” مصراً على النسبية، من دون الحديث عن التقسيمات والدوائر. وفي حين لم يبرز اي فيتو كبير، ينصب النقاش حاليا على قاعدة النظام المختلط، ويتركز على نسب النسبي والاكثري في النظام، وحددت اللجنة قاعدة النقاش انطلاقا من اقتراحين: الاول للنائب علي بزي او حركة “امل” والآخر مشترك بين “المستقبل” و”القوات”. وقد لا تكون هذه اللجنة هي الاخيرة التي تكب على درس قوانين الانتخاب، انما السؤال هل القانون سيسبق انتخاب رئيس للجمهورية ام العكس؟ صحيح ان رئيس المجلس سبق أن اوصى بعدم امرار قانون الانتخاب قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لأن الرئيس يتمتع بحق رد القانون واعادته الى مجلس النواب، الا ان بري عاد واوصى بتأليف لجنة درس قانون الانتخاب، علّ المهمة تنجح هذه المرة. الا ان وضع مسودة القانون المنتظر ليس بالمهمة السهلة. فلكل فريق رأيه او تصوره، لا بل خلفيته التي تتطلع ضمان نجاحه في الانتخابات اولا مما يعقّد مهمة اللجنة!
كرة الرئاسة في ملعب إيران
جورج بكاسيني/المستقبل/05 كانون الثاني/16
بدأ يسيل حبر كثير حول انعكاسات التوتّر السعودي الإيراني على لبنان وتحديداً على مبادرة الرئيس سعد الحريري الرئاسية. قيل وسيقال أكثر إن هذا التشنج غير المسبوق الذي بلغ حدّ قطع العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران سوف يجهض المبادرة المشار إليها، وبالتالي سيعيد عقارب الاستحقاق الرئاسي إلى الوراء، أي إلى المربّع الأول. نظرياً وعملياً هذا الترويج يعني أن إيران لا تريد للمبادرة أن تبصر النور، وأن ادعاء «حزب الله»، الذي طالما أكد مراراً وتكراراً وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، أنه يبني سياساته الداخلية بمعزل عن الحسابات الإيرانية، يجافي الوقائع. لماذا؟ لأسباب كثيرة، تقول أوساط سياسية مواكبة للمبادرة الرئاسية ولمواقف الأطراف الداخلية منها، أبرزها أن المبادرة المشار إليها أطلقت بمعزل عن الأجواء الإقليمية سواء كانت متصلة بالوضع السوري أو بالعلاقات السعودية الإيرانية. أي أنها مبادرة محلية أطلقها الرئيس الحريري بعيداً عن الحساسيات الإقليمية المعقّدة والمتفاقمة، لا بل أرادها في سياق النأي بلبنان عن أزمات المنطقة، وإلا اصبح الأخير في لائحة الانتظار والمنتظرين لحلول المنطقة. كما أن هذه المبادرة، على ما تضيف الأوساط، جاءت لمواجهة مخاطر داخلية تُوِّجت بفراغ شامل طال رئاسة الجمهورية ومعها مجلسا النواب والوزراء، وأصبح يهدّد الدولة بالانحلال، وبمعزل عن مناخات المنطقة التي لم تكن على أحسن حال لدى إطلاقها لا على مستوى الجوار (سوريا) ولا على مستوى العلاقات السعودية الإيرانية. لذلك تعتقد الأوساط أن ربط المبادرة الرئاسية الآن بالوضع الإقليمي لا يعني سوى ذريعة لتغطية رفض إيران لهذه المبادرة، وأن «حزب الله» الذي لم يعلن حتى اليوم موقفاً رسمياً إزاء هذه المبادرة (باستثناء الإعلان عن رفضه الطلب من النائب ميشال عون الموافقة عليها طالما أنه مرشح) ليس في وارد التفاعل معها لأسباب إيرانية. ولعلّ أبرز دليل على ذلك ما ورد على لسان السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي بعد زيارته للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي السبت الفائت، حيث أكد رفض حكومته «التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية» (الرئاسية)، وهو شعار يراد منه الإيحاء في الشكل بالحرص على السيادة اللبنانية، لكنه يعني في الواقع عدم وجود نية إيرانية لتسهيل المبادرة ولا سيما أن أوساطاً مقرّبة من بكركي كشفت أن فتحعلي عبّر في اللقاء عن رفض صريح لمطلب البطريرك الراعي الضغط على «حزب الله» للنزول الى مجلس النواب وانتخاب رئيس. وهذا يعني أيضاً، بحسب الأوساط، أن إيران تحفظت عن إبداء موقف إزاء المبادرة الرئاسية قبل إعدام الشيخ نمر النمر، أي قبل تأزم العلاقات السعودية الإيرانية المشار إليها، وأن ربط هذه المبادرة الآن بهذا التأزم لا يمكن تفسيره إلا ذريعة لتجنّب اتخاذ موقف إزاء هذه المبادرة.
في أي حال تعتقد الأوساط المتابعة عن كثب لأجواء المبادرة أن الاختبار الأول لموقف «حزب الله» واستطراداً إيران في هذا الملف سيكون على طاولة الحوار بين تيار «المستقبل» والحزب الاثنين المقبل في عين التينة. فعلى هذه الطاولة التي أراد «المستقبل» أن تكون إطاراً لمعالجة عنوانين، التشنج المذهبي من جهة والملف الرئاسي من جهة ثانية، يفترض أن يظهر الخيط الأبيض من الأسود، فإما يثبت الحزب رغبته في «منع الفتنة» كما أعلن السيد نصرالله في إطلالته الأخيرة وفي النأي بلبنان عن أزمات المنطقة، وإما يتذرّع بهذه الأزمات لمنع انتخاب رئيس للبنان، وبذلك يكون قد أثبت مرة جديدة أن إيران التي طالما هدّدت استقرار دول المنطقة ومجتمعاتها، هي تهدّد أيضاً استقرار لبنان.