عرسال و«المعلومات» رأس حربة.. الحرب على «داعش»
علي الحسيني/المستقبل/11 كانون الثاني/16
مرّة جديدة تدفع بلدة عرسال البقاعية وشعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي، ثمن الإرهاب الذي يتهدّدهما منذ سنوات بأوجهه المتعددة ومن بينها الإفتراءات والإستهدافات من قبل بعض من هم في الداخل والتي تكاملت اليوم وتماهت مع ما يقوم به تنظيم «داعش»، فبعد الإستهداف السياسي والعسكري والأمني للبلدة و»الشعبة» والتهديدات التي كانت تُنذر بإحتلال الأولى تارة وبمحوها طوراً، وتخوين الثانية ومحاولات تحجميم دورها، استهدف الإرهاب أمس الأوّل أحد ابنائها وهو المعاون زاهر عز الدين امام منزله في منطقة البابين بينما كان في سيارته، الأمر الذي يؤكد مُجدّداً بأن المُستهدفَين ما زالا يدفعان ثمن وطنيتهما ودفاعهما عن الشرعية، وتحديداً شعبة «المعلومات» التي قدمّت ثلّة من الشهداء والجرحى في سبيل تثبيت دعائم الدولة. لطالما تحمّلت كل من عرسال و»الشعبة» ظلم «ذوي القربى» من خلال إتهامهما بشكل مستمر. مرّة تُتهم عرسال بإيواء «التكفيريين» وأخرى بوصفها بيئة حاضنة للإرهاب لمجرّد انها استقبلت النازحين السوريين وحمتهم من حر الصيف وصقيع الشتاء وفتحت لهم البيوت والمدارس والمساجد والمستشفيات، أمّا «الشعبة» فكانت تتلقى الطعنات والتشكيك بدورها وولائها للوطن، لكنّها أصرّت على القيام بواجباتها على الرغم من الخسارات القاسية التي تلقّتها من خلال اغتيال خيرة ضبّاطها وعناصرها وعلى رأسهم الشهيدان اللواء وسام الحسن والرائد وسام عيد، كما يُسجّل لعرسال حضور تاريخها النضالي والمقاوم الدائمين حاضرها المُشرّف في موقف ابنها الشهيد كمال عزالدين الذي كان سقط امام مبنى البلدية على يد الارهاب نفسه أثناء تصديه للإرهابيين يوم قاموا باختطاف العسكريين اللبنانيين.
عرسال التي قيل فيها ذات يوم «سنُري أهاليها النجوم في عز الضهر« وأنها «لن تأخذ معنا سوى بضع ساعات«، وذلك عندما كانت تُقام عند حدودها تدريبات ومناورات لجيش الأسد وحلفائه، استعدادا لساعة «الصفر»، ها هي تقف اليوم أمام الجيش والمؤسسات الأمنية وليس وراءهما كما يؤكد أهاليها لمواجهة الإرهاب، وهم الأحب الى قلوبهم «سماع هدير آليات جيشهم التي تتجه الى الجرود للتصدي للإرهابيين وأزيز قذائفه التي تُطلق باتجاه أوكارهم. ويكفي «العراسلة» فخراً أن أيديهم لم تمتد الى هيبة الجيش ولا حتّى اعتدت على جيرانهم في الجهة الاخرى من الحدود، ولدى توجيه سؤال اليهم عن أفراد من البلدة غرّدوا خارج السرب الوطني، تراهم يحملون إجابة واحدة وكأنهم رجل واحد « نحن أهل هذا الوطن ومن طينته». الإرهاب الذي يستهدف عرسال هو نفسه الذي فكّكت شعبة «المعلومات» شبكاته، وآخرها منذ فترة قريبة عقب وقوع تفجيري «برج البراجنة»، هو نفسه اليوم يحمل وجوهاً متعددة من بينها النظام السوري وحلفاؤه. هنا يستعيد «العراسلة» لمحة من أيّام ماضية كانت تصلهم فيها أخبار متعددة ومتنوعة كوجود نيّة لدى المسلحين في إحداث خرق لخطوط دفاع الجيش والدخول إلى بلدتهم في حال تمكنهم من ذلك، بالإضافة إلى أخبار أخرى تتعلّق بسقوط قذائف داخل بلدات في البقاعين الشمالي والغربي، لتدور بعدها أحاديث وتداول معلومات موثقة تُدين النظام السوري وحلفاءه وتحديداً «حزب الله» بحيث كانوا يعمدون إلى إطلاق قذائفهم من منطقة الزبداني كمعاقبة على ايواء البلدة لنازحي القلمون وتحديدا أهالي بلدتي «قارة» و»القصير». بين شعبة «المعلومات» وبلدة عرسال أوجه شبه متعددة. «الشعبة» تلقّت السهام من الخلف لمجرّد انها رفعت لواء الحق والحقيقة، لكنها في المقابل كانت تزداد إصراراً على إكمال دورها حتّى ولو كلّفها مزيداً من التضحيات. كذلك الأمر بالنسبة إلى البلدة التي حمت الأطفال والنساء والشيوخ ومنعت عنهم الموت الرحيم، في الاخرى خوّنت ووضعت في مصاف «الإرتداد» و»التكفير» من قبل جوقة العزف على الغرائز المذهبيّة التي تُنسّق مع تنظيم «داعش« الإرهابي عند الحدود ووراء الجرود، وما خُفيَ بعد بعد الجرود كان أعظم.
ما دام نصرالله ينتظر قرار عون فماذا ينتظر الأقطاب الموارنة ليقرّروا؟
اميل خوري/النهار/11 كانون الثاني 2016
بعدما قرّر “حزب الله” التفرّج على استمرار الشغور الرئاسي في انتظار ما سيقرّره العماد ميشال عون، ماذا ينتظر الأقطاب المسيحيون، ولا سيما منهم الموارنة، ليتّخذوا قراراً حاسماً يخرج لبنان من أزمة الشغور، وهو قرار غير مستحيل إذا صدقت النيات وتوافرت الارادة الطيبة التي تضع مصلحة لبنان فوق كل مصلحة وذلك بطرح الحلول التي توصل الى اتفاق على أحدهما وهي الآتية:
أولاً: الاتفاق على مرشّح واحد من الأقطاب الموارنة الأربعة أو على مرشّحين اثنين منهم يتنافسان ويكون الفوز لمن ينال أصوات الاكثرية النيابية المطلوبة.
ثانياً: الاتفاق على مرشّح أو أكثر من خارج قوى 8 و14 آذار ولتقترع الأكثرية النيابية لمن تشاء منهم.
ثالثاً: الاتفاق على النزول الى مجلس النواب لكسر حلقة تعطيل النصاب بانتخاب من تريده الأكثرية النيابية المطلوبة وذلك تطبيقاً للدستور وللنظام الديموقراطي.
أما أن تظل معركة الانتخابات الرئاسية تدور خارج مجلس النواب وفي حلقة مفرغة ولا تحسم داخله فهذه مسؤولية كبرى يتحمّلها كل النواب المستمرّين في تعطيل الجلسات، وهذا لم يحصل في تاريخ لبنان. فالقوى السياسية الأساسية في البلاد كانت تحاول الاتفاق على مرشّح ينافس مرشّحاً آخر ومن خطّين سياسيّين متعارضين وتترك للأكثرية النيابية حسم التنافس بالاقتراع السرّي. وعندما لا تتوصّل هذه القوى الى اتفاق على مرشّحين اثنين أو أكثر للتنافس، فانها كانت تحتكم الى الأكثرية النيابية في جلسة تخصص للانتخاب. لكن أغرب ما يقوله بعض الوزراء والنواب العونيين، تبريراً لاستمرار العماد عون في ترشيحه، هو لأنه الأكثر تمثيلاً للمسيحيين وان على الشريك الآخر إذا كان يريد شراكة وطنية حقيقية ان ينتخبه، ولكن فات هؤلاء أن لبنان يعيش في ظل نظام ديموقراطي ولا يعيش في ظل نظام شمولي يحل فيه التعيين محل الانتخاب. فـ”الحلف الثلاثي” الذي كان مؤلّفاً من كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده، كان يمثّل مسيحياً أكثر بكثير مما يمثله العماد عون، ليس بالقول بل بالفعل، إذ أن “الحلف” اكتسح كل المقاعد النيابية في جبل لبنان وأسقط لائحة الرئيس فؤاد شهاب في عقر داره كسروان بمرشّحين واجهوا من كانوا يعتبرون أقطاباً في المنطقة. ومع ذلك كيف تصرّف أركان “الحلف الثلاثي” عندما لم يتفقوا على مرشّح واحد منهم؟ لقد اتفقوا على أن يحاول كل مرشح منهم خلال أسبوع جس نبض الشريك المسلم في تأييده، وعندما لم يحصل أي منهم على التأييد الذي يضمن الفوز لم يقرّروا تعطيل جلسة الانتخاب كما يفعل بعض أقطاب الموارنة اليوم، بل أيّدوا ترشيح سليمان فرنجيه للرئاسة لأنه استطاع الحصول على تأييد يجعل فوزه ممكناً ضد المرشّح الياس سركيس، وهو ما حصل.
لذلك يجب على القادة المسيحيين، ولا سيما منهم الموارنة، الخروج من سياسة النكايات المتبادلة على حساب لبنان وعلى حساب المنصب الأول في الدولة المخصص للموارنة حتى الآن… ويقرّروا هم حسم الخلاف على الانتخابات الرئاسية إما خارج المجلس وإما داخله، ولا ينتظرون خارجاً يقرّر ذلك عنهم لأن الخارج قد يأتي برئيس بشروطه وليس بشروط لبنان.
لقد بات معروفاً لكثير من المراقبين أن المرحلة الراهنة لا تساعد على انتخاب رئيس للجمهورية من 8 آذار ولا من 14 آذار مهما طالت مدة ترشيح العماد عون وانتظار سراب الخارج كما قال سيد بكركي، لأن هذا الترشيح يلحق، كلما طال، الضرر الفادح بمصلحة الوطن والمواطن، وعليهم أن يفعلوا ما فعله أركان “الحلف الثلاثي” خدمة للبنان وشعبه ليظل “عظيماً”، وإلا تحمّلوا مسؤولية خسارة الموارنة رئاسة الجمهورية بعدما جعلوا في كل انتخاب رئاسي قرص خلاف كبير لا يتفقون على اقتسامه ولا على اعطائه لسواهم مفضّلين أن يبقى في البراد أو في خارجه لتنبعث منه رائحة النتن والاهتراء.
إن استمرار تصرف بعض القادة الموارنة على أساس أنا أو لا أحد ومن بعدي الطوفان، قد يعيد النظر، عاجلاً أم آجلاً، في توزيع السلطات الثلاث بحيث تصبح مفتوحة أمام كل المذاهب ولا تبقى محصورة بالطوائف الثلاث الكبرى، فيأتي الى كل منصب من المناصب الثلاثة الأكثر كفاية واستحقاقاً، ولا يظل منصب رئاسة الجمهورية حكراً على الموارنة سبباً لخلاف بينهم يعطّل انتخاب الرئيس كل مرة، ويعطل بالتالي عمل كل المؤسسات، أو تصبح الرئاسة الأولى مداورة بين الطوائف الثلاث.
المطلوب إذاً من “حزب الله” ومن حليفه العماد عون الاتفاق على تأييد حليفهما المرشح النائب سليمان فرنجيه للرئاسة كي يصير في إمكان الرئيس سعد الحريري اعلان تأييد ترشيحه رسمياً، إذ لا يعقل أن يعلن ذلك قبل أن يضمن تأييد “حزب الله” وعون ليصبح فوز فرنجيه مضموناً. والمطلوب من الدكتور سمير جعجع الذي تربطه بالعماد عون ورقة “اعلان النيات” اتخاذ قرار نهائي وحاسم في موضوع الانتخابات الرئاسية وفق المواصفات التي حدّدتها تلك الورقة، أي “رئيس قوي ومقبول في بيئته وقادر على طمأنة المكوّنات الأخرى والايفاء بقسمه وبالتزامات الرئاسة”.