بري للراعي: الا يوجد لدى الموارنة غير «الخلفاء الراشدين الاربعة»
سيمون ابو فاضل/ 17 كانون الثاني 2016
لم ينعكس جمود المبادرة الرئاسية الهادفة لانتخاب النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية تراجعا في تفاؤل رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون لدخوله قصر بعبدا على وقع التطورات الاقليمية التي يجدها لصالح تحالفاته الإقليمية، لا بل انه يعتبر حسب محيطين به بأن لا مخرج للفراغ الرئاسي الا بالتسليم به رئيسا للبلاد.
وفي حين يبقى الكلام عن المبادرة «حمالا للاوجه» بحيث اتى قول وزير الداخلية نهاد المشنوق من معراب «بان الظروف الخارجية غير مؤاتية» لتضع طابة التعطيل في مرمى حزب الله كونه يرفض القبول بحليفه رئيس تيار المردة رئيسا للجمهورية وان ايران لا تريد الإفراج عن الاستحقاق هذا . في مقابل مواقف اخرى لقياديين في تيار المستقبل بان المبادرة ما زالت سارية، يأتي ما يعلنه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط امام زواره من نعي للمبادرة في خانة التكامل مع حالة الجمود التي تطغى عليها.
ويندرج ما يقوله رئيس مجلس النواب نبيه بري من كلام حول استمرارها بمثابة المؤشر على انها تدور في حلقة مفرغة وهو الذي حمل اليه موفده يومها الى ايران وزير المالية علي حسن خليل في زيارته التي استحدثت لهذه الغاية الموقف الاول لطهران الرافض لهذا التفاهم بين رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وبين النائب فرنجية بحيث تبلغ خليل من موفدين ايرانيين قبيل مغادرته بساعات الموقف الايراني المتحفظ الذي كان خلاصة اجتماعات الاستشفاف التي امتدت اياما.
ولان المبادرة في قناعة بري اضحت جامدة يتساءل في مجالسه عما اذا كان للطائفة المارونية غير «الخلفاء الراشدين الاربع» المرشحين الى رئاسة الجمهورية اي الاقطاب الاربعة، مشيرا الى ان كلا من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع لعب حتى حينه ورقته ونال ما ناله من اصوات، وحاليا يرفضان وصول فرنجية، كاشفا بأنه تطرق الى مسألة توسيع لائحة الاسماء مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ولا يخفي بري بأنه كان يأمل حصول اللقاء بين كل من جعجع وفرنجية للتداول مباشرة في الموضوع الرئاسي عله بسهل الامر، مبديا تفهمه لعدم زيارة رئيس المردة معراب للنقاش الثنائي بينهما بعد أن كان رئيس القوات رفض الرد على اتصاله الهاتفي كما بدا ظاهرا يومها على الاعلام بعيد خروجه من المعتقل عام 2005.
ويكمل مراقبون بأن بري يجد ان روحية المبادرة بانتخاب رئيس للجمهورية لا زالت طاغية على الواقع مما يتطلب الاستفادة من هذا المناخ، لكن ايضا على الفريق المسيحي ان يسعى للتفاهم على مرشح لان استمرار الفراغ له تداعيات واضحة على الواقع اللبناني.
ويدور الكلام في اوساط سياسية على صلة بتيار المردة بأن ترشح فرنجية يندرج في خانة الميثاق الذي اطلع عليه الاقطاب الاربعة في بكركي بدعم اي مرشح يكون الاقرب الى دخول بعبدا، وهو ما ينسحب حاليا على فرنجية انما تسجل هذه الاوساط تحفظات عدة على كل من عون و جعجع، بحيث انه لم يعلن ترشيحه منذ اليوم الاول لترشيح عون لكن اتت خطوته بعد أن «قرع بابه» وجرى مكاشفته بالأمر وهو تفاعل مع الخطوة من زاوية انقاذ البلد من الازمة التي يدور فيها. اما في ما خص القوات اللبنانية فان الاوساط نفسها لا تتقبل الذي يتم «اسقاطه» على فرنجية من كلام سياسي -إعلامي فالرئيس السوري بشار الأسد لم يفرض ترشيحه على أي فريق داخلي، لكن ما يجب ان يعرفه البعض، يتابع هؤلاء هو ان الذي بين امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وبين فرنجية لا يعلم به احد سواهما وان اللافت في الموضوع هو ان جعجع يتداول امام زواره اسم مرشح رئاسي غير العماد عون لدخول قصر بعبدا في وقت تتسع دائرة الكلام عن احتمال ترشيح معراب لجنرال الرابية.
ويأمل عون بحسب مصادر مسيحية ان يتمكن جعجع من ترشيحه في المدى القريب لا سيما ان الهوة بينهما قد تضاءلت عدا ان على رئيس القوات ان يختار بين «موجودين»، اي هو او فرنجية، خصوصا بعد تجربته مع حلفائه ومدى الحال التي وصل اليها معهم، اذ ان في انتخاب عون يكون جعجع مساهما في عهد له فيه حضور سياسي وشراكة معنوية وانتعاشا مسيحيا. في حين اي خيار آخر لن يأتي عليه بالنتائج ذاتها.
لكن معراب بحسب مقربين منها لن تقبل ان يفرض عليها الحريري رئيسا للجمهورية على قياس حساباته وذلك بعيدا عن اي اعتبار سياسي شخصي مع فرنجية الذي تسود بينهما علاقة جيدة تمثلت في تطبيع الواقع الشمالي بين شباب «القوات» وشباب «المردة»، لكن هذا الامر لا يدفعه لانتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية لان الخلافات السياسية هي الاساس في هكذا حجم استحقاق، عدا أن جعجع يملك هامشا سعوديا لترشيح عون خلافا لقراءات تيار المستقبل الذي يراهن على عدم قدرته باتخاذ هكذا خطوة، مشيرا الى أن الحريري اصابه مرات عدة بجراح معنوية.
لكن المراقبين وبعضهم من تيار المستقبل يعتبرون تأييد جعجع لعون لن يؤمن له ضمانة مستقبلية لكون الأخير سيتفاعل حكما مع حزب الله في مواجهة جعجع الذي قد يخسر رهانه على ما حصل معه مرارا عدة وانه كان بامكان رئيس القوات الدخول الى هذه التسوية خصوصا ان فرنجية عبر امام عدة سياسيين مشتركين عن رغبته بترييح جعجع سياسيا ونيابيا اذا انتخب رئيسا. ثم ان رئيس المردة قابل «لتدوير الزوايا» بين تيار المستقبل وحزب الله وان يكون في الوقت ذاته قادرا على لعب دور إيجابي خلافا لنهج عون الذي لا يمكنه من هذا الدور. خصوصا ان وصول فرنجية يعني وصول احد الاقوياء على ما هو بند النوايا بين التيار وبين القوات الذي ينص على ضرورة دعم رئيس قوي، وهو ما يتمثل اليوم بالنائب فرنجية، ولذلك فان كل من عون وجعجع يستمران في رهن مصير المسيحيين وفق حسابتهما التي لم تأت يوما خيرا على هذه البيئة، وعليهما حاليا اما المضي في اتجاه تفاهم يدفع في تبني جعجع لعون، او ينتقلان الى تبني ترشح توافقي ام يدعمان وصول فرنجية لكون لا خيار امامهما.
وترى اوساط مراقبة بأن جمود المبادرة لن يعيد اي تحرك رئاسي قبل اشهر عدة، بحيث يأتي رفع «الخلفاء الراشدين الاربع» البطاقة الحمراء في وجه بعضهم للوصول الى بعبدا لاستهلاك اوراقهم لصالح ادخال اسماء جديدة الى الحلبة الرئاسية.
انما قد يكون الحراك الرئاسي الجديد بالتزامن مع بداية الازمة السورية بحيث ان فشل اي تفاهم رئاسي في لبنان بانتخاب عون كونه الاقوى مسيحيا قد يتقدمها تسوية سياسية على غرار الواقع السوري تمكنه من أن يكون نافذا في هذه التسوية كأن يفرض قانون الانتخاب الذي يجده مناسبا للمسيحيين بهدف تأمين التوازن المسيحي وتحرير هؤلاء الممثلين عن المسيحيين من ان يكونوا رهائن لدى القوى الطائفية السياسية المقابلة.