عملية تزوير لبيع أراضي مغتربين متوفين في إبل السقي “بطلها” سجين سابق متوار وشريكان في قبضة العدالة
مرجعيون – رونيت ضاهر/النهار/18 كانون الثاني 2016
الأموات المسيحيون يعودون أحياء في إبل السقي ويبيعون أرضهم من غير أبناء البلدة! ليسوا مذنبين، فهم في ديار الحق، لكنّ الطمع أعمى بصيرة بعض ضعاف النفوس، فاستغلوا موت هؤلاء في المهجر لإعادتهم أحياء بهويات مزوّرة يستغلونها، ليبيعوا بموجبها الأرض من ضمن حملة ممنهجة للاستيلاء على أراض واسعة تعود الى مسيحيين في البلدة (المختلطة مسيحيا ودرزيا)، معظمهم متوفّ في المهجر وله ورثة في لبنان. وبما أن قانون الإرث اللبناني المعقّد بتشعّباته ورسوم تنفيذه يدفع البعض الى الإهمال والتنازل عن حقوقه وترك الأرض في مهب النسيان، ينفد البعض الآخر من هذه الثغرة لاستغلال الإهمال والسيطرة على الأرض عبر التزوير والنصب والاحتيال…
جورج أبو سمرا من المالكين الكبار في البلدة تُوفّي في المهجر منذ زمن وورثته لم يفرزوا الأرض بعد، فجاء من يحرّرها بالنصب والاحتيال ليبيعها عبر وسطاء من أشخاص خارج البلدة. وما يثير الدهشة أن “بطل” هذه العملية ن. م. من إبل السقي كان خرج لتوّه من السجن حيث أمضى عقوبة سبع سنوات بالتهمة عينها، ليعود مجدّدا الى ممارسة “جرمه”، قبل أن يفتضح أمره ويتوارى، فيما جرى القبض على شريكيه اللذين استخدمهما وسيطين لبيع الارض، وهما أ. أ. ش من البلدة نفسها، وج. ي. من دبين، وقد أنجزا صفقة بيع ثلاثة عقارات في مرحلة أولى – أو على الأقل هذا ما جرى كشفه حتى الساعة – وقع ضحيتها مواطنون من الخيام ودبين وشبعا، بمبلغ قارب مئة الف دولار، قبل أن تفتضح مصادفة عملية التزوير والنصب والاحتيال، إذ زوّروا بطاقة هوية تحمل اسم مالك الأرض المتوفي وبياناته، وعليها صورة أ. أ. فتمكّنوا بواسطتها من عقد اتفاق البيع عند الكاتب العدل، وإجراء المقتضيات القانونية الضرورية قبل نحو شهرين، الى أن اكتُشف التزوير وتابعته الأجهزة الأمنية، ولا سيما منها قوى الامن الداخلي التي لا تزال تبحث عن المتورّط الرئيسي في القضية بعد توقيف شريكيه. وما توقّف عنده البعض هو طريقة إقدام السماسرة “الوسطاء” على التسويق لبيع الأراضي في البلدة عبر الترغيب وتقديم التسهيلات، وخصوصاً في أوساط المتمولين والمقتدرين. وفيما لا تزال التحقيقات مستمرة لكشف كلّ ما يتعلّق بهذه القضية، وإعادة الأرض الى أصحابها، علما أن القانون يُبطل كلّ مفاعيل العقود المزوّرة وتعود الأرض تلقائيا الى مالكها، أثارت هذه القضية حفيظة كثيرين لجهة الاستيلاء على الارض وتغيير معالمها الديموغرافية، رغم إصرار البعض على التأكيد أن لا خلفيات طائفية أو فئوية للمسألة التي لا تتعدّى إطارها التجاري البحت. وفي هذا الاطار، لفت المختار سليمان الجدع الى أن القضية باتت في عهدة الأجهزة الأمنية والقضاء، نافيا أي أبعاد طائفية لها. ولفت الى أن الجميع باتوا أكثر حرصاً ووعياً، خصوصا أن للبلدة أراضي واسعة، وان عددا من ملاكها في الاغتراب. واستغرب المواطن الياس اللقيس كيف أنّ “من يدخل السجن عقابا على إثم اقترفه، يخرج لمزاولة إثمه مجددا”، مشيرا الى “أن نحو 60% من أراضي البلدة معرّضة لهذا النوع من “القرصنة” بسبب هجرة العديد من ملّاكها، وعدم إنجاز معاملات نقل التركة”
وإذ شدّد على “ضرورة حماية الدولة لأراضي المهاجرين”، أسف “أن تكون أراضي المسيحيين دائما هي المستهدفة”، سائلاً: “هل لأنّهم الحلقة الأضعف تُستباح أرضهم؟”.
“الأرض”: تراخيص البناء للبلديات وليس للمحافظ والقائمقام
تعليقاً على موضوع شراء الأراضي في دير ميماس الصادر في “النهار” أمس، أصدرت حركة “الأرض اللبنانية” بيانا، رفضت فيه “تحدي قرارت البلديات المنتخبة”، مشيرة الى “ضرورة مراعاة القوانين مع حيثية التغيير الديموغرافي والواقع المذهبي بين القرى والبلدات”، معتبرة ان “تدخل المحافظين يجب ان يكون لمصلحة احترام رأي المجالس البلدية المنتخبة والتي تمثل خصوصيه كل بلدة لبنانية”. واشارت الى “ان الدولة اخذت من البلديات حق اعطاء براءة الذمة، وأخذت من الناس حق الشفعة، واليوم أخذت من بلدية دير ميماس حق إعطاء الترخيص بالبناء او عدمه. وإذا اعتمدت الحكومة اصدار تراخيص البناء عن المحافظين والقائمقامين، فماذا تترك للبلديات من اجل الاهتمام بالازدهار؟”. وناشدت الحركة وزير الداخليه والبلديات نهاد المشنوق “التدخل لحماية حق البلديات في ادارة شؤون بلداتها ومراعاة قوانينها وظروف واقعها”.
إبل السّقي: قرية التوراة والنروج والآبار
مايا ياغي 15 مايو، 2011
بين هدوء المكان وروعة العمران اللبناني، إبل السقي تحكي عن تاريخ لبنان أخبارا وأخبارا: جمال بيئي، إنفراد في بعض أنواع الطيور، أشجار كثيفة، صنوبر وسرووسنديان. والقرميد الأحمر حكاية مميزة.
ضيعة تجمع أبناءها على اختلاف مذاهبهم، كنيستها تحكي الكثير عن الوفاق والتآلف، وشوراعها تحكي الأكثر عن نظافة وترتيب وأناقة في تنظيم وترتيب الأمور البلدية .
إبل السقي ترنوعلى كتف هضبة من هضاب قضاء مرجعيون، ترتفع عن سطح البحر نحو 650 مترا، يحدّها من الغرب بلدات: جديدة – مرجعيون، دبين وبلاط، ومن الجنوب: مزرعة سردة، ومن الشرق: الميري ومجرى الحاصباني، ومن الشمال بلدة كوكبا.
يقال إن كلمة إبل تعني باللغات السامية القديمة الكلأ أوالعشب، أما كلمة السقي فهي تفسير للفظة إبل العربية. وهناك تفسير آخر بأن معناها الناسك أوالراهب، لابس المسوح. وردت أسماؤها في الأسفار التوراتية. من أسمائها القديمة : “إبل الهواء، إبل الكروم، إبل المياه، إبل الزيت”.. وقد ورد ذكرها في التوراة في الاصحاح السادس عشر من اخبار اليوم باسم “إبل الهوا”، وفي دائرة المعارف باب كلمة إبل، وأيل، وايضاً عند ابن عساكر في كتابه «تاريخ دمشق»، وفي العديد من المراجع الاخرى.
تضمّ البلدة أربع عيون ماء و15 بئراً ارتوازية أقامتها الدولة وأبناء البلدة، تستخدم ثلاثة منها للزراعة وواحدة للشفة وأخرى لسقاية أبناء القرى والبلدات المجاورة، وبالتالي فان قطاعها الزراعي نشيط. وهي تشتهر بزراعة الزيتون والكروم وأشجار التوت لتغذية دود القز، والحبوب وابرزها الحنطة والقيطاني، والمزروعات الصيفية، أما أبرز ثمارها فالتين والعنب. ولكن منذ الإجتياح الإسرائيلي للبنان وحتى الان قلّت هذه الزراعات، وما بقي منها هو شجرة الزيتون، الأكثر تحملا لقسوة الزمن.
رئيس البلدية فؤاد سعادة ومسؤول النشاطات في البلدية الياس اللقيس يحكيان لـ”جنوبية” عن أهم النشاطات التي تقوم بها البلدية كل سنة. ويشرحان أنها تنقسم نوعين: الاول هو علاقات عامة مع قوات الطوارئ الدولية، تستهدف من خلال الأنشطة توطيد العلاقات معهم وخصوصا بعد تزواجهم اوتناسبهم مع اكثر من ثلاثمئة فتاة من الضيعة. لهذا يقام كل سنة احتفال في السابع من ايار، وهويوم عيد إستقلال النروج، يزور لأجله نحو 150 نروجيا من كبار السن، ومن الذين خدموا في اليونيفل، إضافة إلى حضور جيرام من المناطق المجاورة.
اما النشاط الثاني فهو “يوم الضيعة”. فبعد الانتهاء من المخيم الشبابي صيفا، يقام حفل ختامي يعرف بـ”يوم الضيعة” في 15 آب، بعدما وقعت البلدة اتفاق توأمة مع إحدى المدن النروجية.
يقول صالح محمد البار، أحد أبناء البلدة: “تعايشنا منذ القدم، شيعة ودروز ومسيحيين، ولم يكن الاهل يشعرون بالاختلاف الديني، حتى في زمن الاختلافات الطائفية والمذهبية في لبنان، لذا فإن تصنيف هذه القرية بانها نموذجية لا يقتصر على المناخ والبيئة والنظافة، بل يتعداها الى علاقة الاهالي ببعضهم البعض”.
وكما قرى الجنوب كلّها فإنّ إبل السقي ضحية إهمال الدولة: “الدولة مقصّرة كثيرا اتجاه قرى الجنوب وتجاه ابل السقي، فالمركز البلدي الذي نجلس فيه هو تقدمة من احد ابناء الضيعة المغتربين في البرازيل، وهو جورج ابوسمرا”، يقول صالح البار. وعن أضرار حرب تموز التي نالت البلدة منها نصيبا بارزا، فإن ملف التعويضات من مجلس الجنوب لم يكتمل حتى الآن وكثيرون لم يستلموا اموالهم، بحسب الأهالي.
في البلدة يبرز دور “جمعية نور”، كما هي لافتة علاقة الأهالي الودية مع الـ”يو ان دي بي”، وهناك متحف خاص بالكتيبة النروجية أقامه اهالي القرية، بالاضافة الى العلاقة الجيدة مع الاتحاد الاوروبي الذي قدم ويقدم الكثير لابل السقي. كما يوجد في البلدة مستوصف للخدمات الصحية وناد رياضي وإجتماعي ومدرسة رسمية.
إبل السقي واحدة من أجمل قرى الجنوب، وتبقى مقصدا للكثير من الفنانين الذين يتوحون الالهام من جمالها وحرشها الأخضر. ومن أشهر أبنائها شيخ الأدب الشعبي في لبنان “سلام الراسي” الذي قدم للمكتبة العربية 16 كتاب، ورجا سعادة، أحد العلماء المعروفين في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديدا في مركز الفضاء الاميركي، ورياض افندي ابو سمره، الذي كان رئيس البلدية منذ 40 سنة تقريبا، وهو من الشخصيات اللامعة في البلدة.