أيها المسيحيون استفيقو
بسام أبو زيد/03 شباط/
كلما تنبه المسيحيون لأوضاعهم في لبنان، كلما وجدوا أنها تتجه الى المزيد من التدهور وتكبد الخسائر. ولكنهم رغم ذلك ما انفكوا يوما عن الصراع بين بعضهم البعض، وعن جعل أنفسهم أوراقا تستخدم في يد هذا الفريق أو ذاك. وتشير كل المؤشرات المتوفرة إلى أن حالة المسيحيين هذه لن تتغير ولن تنتهي، إلا بإدراك الخطر الوجودي الذي يواجهونه من الداخل والخارج. يتلهى المسيحيون اليوم برئاسة الجمهورية، والمفارقة أنهم لم يوفروا مناسبة إلا وانتقدوا فيها انتقاص صلاحيات الرئاسة في الطائف، ومع ذلك يتقاتل أقطابهم على هذا المنصب ويستجدون الأصوات، من هذه الجهة أو تلك ومن هذه الطائفة أو تلك، حتى أنهم سلموا أمر هذا المنصب المسيحي الوحيد في المنطقة لقرار غير مسيحي، بخلاف المناصب الأخرى التي تتولاها الطوائف الإسلامية. أن الوصول إلى رئاسة الجمهورية في هذه الأيام ليس ترفا في السلطة، ولا ممارسة نابعة من رغبات وهلوسات، بل هو تحد للرئيس العتيد في أن يعيد لهذا المنصب بعضا من صلاحياته التي تجعل منه موقعا فاعلا، كرئاسة مجلس النواب والحكومة. واتكال الرئيس على كتلة نيابية وشعبية ليس كافيا. فهل بإمكانه مثلاً أن يواجه بها صلاحيات رئيس السلطة التشريعية وصلاحيات رئيس السلطة التنفيذية؟ لطالما تغنينا، نحن المسيحيين، وغالينا باحترام الدستور، ولن تنفعنا مواجهة مع أي فريق آخر من خارج الدستور والدولة ،شرط أن نخوض معركة فعلية لتحصين مواقع القوى التي نتمتع بها، بدءًا برئاسة الجمهورية وقيادة الجيش ومديرية المخابرات وقيادة الدرك والمديرية العامة لأمن الدولة ورئاسة مجلس القضاء الأعلى وحاكمية مصرف لبنان، وغيرها من المواقع الحساسة التي وبكل صراحة يجب أن يحكمها في البداية هاجس حماية الوجود المسيحي، لأن من هم في المواقع الأخرى من الطوائف الإسلامية تتحكم بهم في أولاً مصلحة طوائفهم، ثم بالدرجة الثانية مصالح الطوائف الاخرى لتأتي في المرتبة الأخيرة المصلحة اللبنانية.
لن يستفيق المسيحيون من هذه الغيبوبة التي يعيشون فيها، إلا إذا أدركوا أن استراتيجية وجودهم هي أهم من تناتش المناصب والمصالح، وهم يفقدونها الواحدة تلو الأخرى.
لن يستفيق المسيحيون من هذه الغيبوبة إلا إذا أدركوا أن عليهم أن يقاتلوا من أجل انتزاع حقوقهم.
لن يستفيق المسيحيون من هذه الغيبوبة إلا إذا وضعوا أنفسهم على قدر المساواة مع الطوائف الأخرى في هذا البلد.
لن يستفيق المسيحيون من هذه الغيبوبة إلا إذا اعتبروا أن أصغر منصب يتولونه في الدولة هو بأهمية رئاسة الجمهورية.
المسيحيون اليوم أو قادتهم، بكل أسف، ينطبق عليهم واقعة القسطنطينية الشهيرة التي كانت أسوارها تسقط فيما هم يتجادلون في جنس الملائكة!