عندما يتجاهل نصرالله التقارير الداعمة للأسد
علي رباح/المستقبل/19 شباط/16
رفع الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله اصبعه من جديد. عاد الصراخ والتهديد والوعيد، وعاد كوب «الليموناضة» ليحتلّ يمين الطاولة. كل تلك المشهدية ليست جديدة، وإن تراجعت في الشهور القليلة الماضية بحكم ضبابية المشهد الميداني السوري. أما وقد أحرز محور المقاومة والممانعة «انتصارات كبيرة» في سوريا، بحسب السيّد، فلا بأس من أن يعود الى التهديد والصراخ على وقع تزايد المعلومات عن استعدادات تركية-سعودية لشنّ هجوم عسكري في الشمال السوري. هذا في المشهدية الأولى. أما الجديد والأخطر في خطاب «الوفاء للقادة الشهداء»، فهو حديث سماحته الموجّه لـ»الشارع السني» في العالم العربي، الذي يعمل قادته على «إبرام تحالفات مع الكيان الصهيوني»، على حدّ زعمه، في محاولة لإعادة إحياء مشروعيته بعد أن سقطت منه وسقط منها بفعل قيادته لحروب «الولي الفقيه» بوجه العرب. على خطى بثينة شعبان التي صرخت في مؤتمر «جنيف1» متوجّهة الى «المجتمع الدولي» بالقول، «ألستم مسيحيين»؟، في محاولة لحثّ العالم على التحالف مع الأسد بوجه «إرهابٍ يهدّد الأقليات»، على حدّ زعمها، خاطب نصرالله الشارع السني بالصرخة نفسها: «أليست إسرائيل هي من قتلت أهل السنة واحتلت أرضهم في فلسطين»؟! وتساءل: «ماذا فعل الصهاينة بأهل السنّة منذ احتلال فلسطين الى اليوم؟ هل يقبل أهل السنة صديقاً لهم كإسرائيل؟ هل يقبلون صديقاً يحتل أرضاً سنيّة؟ هل تصادقون كياناً ارتكب المجازر بحق أهل السنة؟ هل تصادقون كياناً هجّر الملايين ممن يعيشون اليوم في الشتات»؟
يعلم السيّد أن أحداً من الشعوب العربية والسنيّة التي رفعت صوره في القاهرة والأردن ودول الخليج خلال عدوان تموز عام 2006، لن يرضى بمصادقة إسرائيل أو التحالف معها. لكن أحداً من هذه الشعوب لن يرضى أيضاً بأن تكون إيران، التي فاقت ميليشياتها، الكيان الصهيوني إجراماً، وغزت الأراضي العربية وجاهرت باحتلال 4 من عواصمها ونكّلت بشعوبها، بديلاً وشرطياً على المنطقة. وبما أن نصرالله وجد نفسه مضطراً لاستخدام بعض «الأدبيات الجديدة»، فلتستخدم أيضاً (بحكم الاضطرار طبعاً) لمقاربة ملفات المنطقة. لماذا على العرب السنّة أن يسلموا بالثنائية التي يعرضها عليهم نصرالله: إما إيران وإما إسرائيل؟ ماذا قدّمت إيران للعرب عموماً وللسنّة خصوصاً لكي يقبلوها زعيماً ومرشداً على المنطقة، ويفترضوا أنها بالفعل نقيض العدو الأصلي؟ إسرائيل قتلت وهجّرت سنّة فلسطين؟ صحيح، لكن إيران فعلت أضعاف ذلك في سوريا والعراق، وليس في هذا تقليل من الجرائم الإسرائيلية. (لا تفوت الإشارة هنا إلى أن نصرالله رأى في عاصفة الحزم التي قادتها السعودية في اليمن جريمة لم تقترف إسرائيل مثلها، فهل كان ذلك تبريراً لإسرائيل!) لا ينتبه كثيرون الى أن القرى التي يريد «حزب الله» إخلاءها من سكانها الأصليين في سوريا ربما تفوق مساحة فلسطين بأكملها، أو بالحد الأدنى مساحة الأراضي المحتلة عام 1948. لا ينتبه كثيرون إلى أن عدد اللاجئين السوريين في المخيمات التركية والأردنية وحدها يعادل ثلاثة أضعاف الفلسطينيين الذين هجّرتهم إسرائيل الى المخيّمات لتُقيم كيانها الغاصب على أرضهم في 1948. حتى أن العرب باتوا يقارنون بين مجازر الكيان الصهيوني ومحور «الممانعة» بحق أهل السنة. بين بشار الأسد وأرييل شارون. بين الحصار الإسرائيلي لـ»غزة» وحصار النظام السوري و«حزب الله« لحمص ومخيّم اليرموك والغوطة ومضايا والزبداني. بين حصار بيروت وحصار «القصير» على يد «مجاهدي» سماحته، هناك حيث أكل الناس ورق الشجر. يقارنون أيضاً بين تصريحات رئيس الكيان الصهيوني الإرهابي شيمون بيريز عقب ارتكاب إسرائيل مجازرها، وتصريح بشار الأسد المتهكّم عن «طناجر الضغط» حين سأله مراسل الـ»بي بي سي» عن البراميل المتفجّرة، وحتى تصريح سماحته الذي قال: «ما في شي بحمص»! يقارنون بين الأسرى المحرّرين من معتقلات العدو (ومنهم من خرج حاملاً شهادة دكتوراه)، والشهيد حمزة الخطيب (13 عاماً) الذي خرج من أحد سجون «نظام المقاومة» في سوريا جثّة منتفخة بُتِرَ عضوها الذكري! بين مجزرة «دير ياسين» (360 شهيداً) ومجازر النظام السوري وعموم محور «المقاومة والممانعة» في بانياس والحولة والخالدية وكرم الزيتون والبياضة وحلب وحماه ودرعا ودوما وغيرها من المذابح اليومية. يقارنون بين عدوان تموز الذي أوقع، بكل مآسيه ووحشيته، 1200 شهيد خلال 33 يوماً، ومجزرة الكيماوي في الغوطة التي راح ضحيّتها اكثر من 1466 من سنّة سوريا الذي لا يتحمل القلب الضعيف للسيّد «نسمة هواء» عليها. بين 7822 شهيداً فلسطينياً سقطوا منذ انتفاضة الأقصى عام 2000 حتى عام 2013 (بحسب علا عوض، رئيسة الإحصاء الفلسطيني)، وأكثر من نصف مليون شهيد سوري سقطوا في 5 سنوات! بين 196 فلسطينياً استشهدوا في سجون الكيان الصهيوني الإرهابي منذ عام 1967 (بحسب وزارة شؤون الأسرى والمحرّرين الفلسطينية) وأكثر من 358 شهيداً من اللاجئين الفلسطينيين في سجون الأسد خلال 4 أعوام.
في تبريره للمواجهة مع السعودية وتركيا، «عملاء الكيان الصهيوني»، كما وصفهم، استشهد نصرالله بالصحافة الإسرائيلية ليؤكّد أن «العدو الصهيوني يعتبر وجود الجماعات الإرهابية في سوريا أفضل من بقاء النظام السوري القائم حالياً»، لأن النظام السوري، بحسب سماحته، «يشكّل خطراً على مصالح إسرائيل في المنطقة»! لكن سماحته بدا انتقائياً في متابعته للصحافة الإسرائيلية! هل مرّ على السيّد تقرير لـ»هآرتس» تحت عنوان «الأسد ملك لإسرائيل»؟ يتحدّث التقرير عن «حالة من القلق يعيشها الإسرائيليون من احتمال سقوط الأسد التي لم يحارب إسرائيل منذ عام 1973 رغم «الشعارات»! هل مرّ على سماحته تقرير آخر لـ»هآرتس» تحت عنوان «الديكتاتور العربي المفضل لدى إسرائيل هو الأسد»؟ وماذا عن أن «الأسد المقاوم» الذي يشكّل خطراً على إسرائيل ومصالحها، أعرب في رسالة خطية عام 2010 عن استعداده للتوصّل الى اتفاق سلام مع إسرائيل! هذا ما قاله حرفياً جون كيري لمجلة «نيويوركر» والذي نقلته الصحافة الإسرائيلية! وماذا عن المعارضة السورية «التكفيرية» التي تعمل على حماية المصالح الإسرائيلية؟ هل يعلم السيّد الذي يواجه «الحرب الكوينية» ان «الشيطان الأكبر» توعّد هذه المعارضة بإبادتها خلال 3 أشهر؟ لماذا؟ لأنها انسحبت من «جنيف 3» ورفضت الشروط الروسية- اإيرانية- الأميركية! هل يعلم سماحته أن «الشيطان الأكبر» قطع الدعم عن «لواء المعتصم» المعارض في ريف حلب الشمالي؟ لماذا؟ لأن هذا الفصيل الذي يتلقى دعماً أميركياً «مشروطاً» بقتال داعش حصراً، صدّ هجوم قوات الأسد و«حزب الله« قبل وصولهما الى بلدتي نبل والزهراء «المقاومتين«!
هذا ليس كلّ شيء. حتى أن السيّد اتّهم السعودية وتركيا ومن خلفهما إسرائيل بالعمل على تقسيم سوريا! من المؤكّد أن شيئاً لا يُكذّب عن الكيان الصهيوني الذي يرتاح في منطقة تعجّ بالدويلات الطائفية المتناحرة. لكن من ينفّذ مشروع التقسيم في سوريا؟ فليخبر سماحته جمهوره المغيّب، عن الصفقة الإيرانية المعلنة لإخراج 40 ألفاً من شيعة الفوعة وكفريا من ريف إدلب باتجاه دمشق ومحيطها مقابل تهجير السنة من الزبداني ومضايا والشريط الحدودي باتجاه الشمال السوري! لماذا هجّر نصرالله، الحريص على وحدة سوريا، أهالي «القصير» والقلمون وحمص، حتى بات الشريط الحدودي مع لبنان خالياً إلا من بعض المجموعات السنيّة المحاصرة الى أن ترفع راية الاستسلام؟
أن يصوّر نصرالله أزمة سوريا بأنها مجرد صراع بين «أصدقاء» إسرائيل من السنة وأعدائها من الشيعة، فهذه قبل كل شيء، جناية طائفية، وإن أتت في معرض اتهام الآخرين بتلك الجناية. خمس سنوات من القصف والموت تحت التعذيب والاغتصاب والترانسفير المذهبي، يخرج بعدها نصرالله ليقنع أهل الطفل حمزة الخطيب بأنه قُتِل وشُوّهت جثته، لا لشيءٍ إلا لأن الحكام السنة يحبون إسرائيل ويريدون «الصداقة» معها ضد المظلومين الشيعة! ليس هذا إلا المضمون الحقيقي للنفخ في كير المذهبية، الذي بلغ حداً غير مسبوق في إلصاق تهمة الصداقة لإسرائيل بطائفة بكاملها، ثم يطرح نفسه مخلصاً للشيعة منها، وللسنة أنفسهم من هذا العار! لا معنى بعد ذلك للتمييز المفتعل بين السنة وحكامهم. هو يعلم تمام العلم موقف الغالبية السنية التي يحاربها ويهدم المدن على رؤوسها، ويستهدفها بمشاريع التهجير الطائفي.
“حزب الله”: عودة الحريري لن تحرك الملف الرئاسي!
منير الربيع/المدن/الخميس 18/02/2016
لا يحمّل “حزب الله” الحراك الداخلي بعد عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان أكثر مما يحتمل، خصوصاً أنه يتعاطى مع هذه العودة بشيء من الواقعية، ولا يعتبر أن بإمكانها تغيير الأمور وخلط الأوراق، على خلاف كل الأجواء التي يصرّ البعض على تعميمها، عبر التأكيد أن الحريري عاد حاملاً الحلول لمختلف الأزمات وعلى رأسها الإستحقاق الرئاسي. يعتبر الحزب، وفق ما تقول مصادره لـ”المدن” أن “كل الأجواء الإحتفالية بعودة الحريري، لا تخرج عن سياق جوقة التصفيق والتبرير لعودته، والإيحاء بأنه أتى لتحريك الملف الرئاسي، والعمل على حلّه، خصوصاً أنه في المرة السابقة جاء بحجة الهبة السعودية البالغة مليار دولار، أما اليوم فالمبرر هو العمل لانتخاب رئيس للجمهورية”. في هذه الخانة يضع الحزب كل ما يحكى عن سعي “المستقبل”، والضغط لحضور جلسة الإنتخاب في 2 آذار المقبل، وتأمين النصاب اللازم لإنعقاد الجلسة. وهذا ما يعتبره الحزب “غير ممكن”، وبالتالي “الجلسة المقبلة ستلحق بسابقاتها”، لأن “القصة” اكبر من لبنان، الذي “يقف على حبال إنتظار التطورات الإقليمية”، تماماً مثل أوحى خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الأخير. في هذا السياق، تشير المصادر إلى أن “ما يجري في أصغر بلدة في ريف حلب الشمالي أهم واكبر من كل التحركات والجلسات والاجتماعات والخطابات”، وعليه “تقف المنطقة أمام مشهدين، إما أن تنفجر في مختلف المناطق في سوريا وتتوسع، أو الإتجاه إلى نسج بعض الحلول التي لن تكون نهائية”. على الرغم من هذه الصورة القاتمة، إلا أن الحزب مقتنع بضرورة “إبعاد الوضع اللبناني عن الخارج، خصوصاً أنه حتى لو سقطت حلب فلن ينتخب رئيس للجمهورية، واذا تأخر سقوطها لن ينتخب”، وبالتالي “أخطأ “المستقبل” في الحساب، عندما اعتبر أنه بمجرد طرح اسم رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، فإن الحزب سيقبل فوراً”. يحيل النقاش في الملف الرئاسي في أروقة الحزب فوراً الى تطورات المنطقة، وخصوصاً الموقف التركي – السعودي في سوريا، الذي استحوذ على أغلب خطاب نصرالله الأخير. وتشير المصادر إلى أن “هناك حاجة لتدخل السعودية وتركيا في سوريا، بعد ان منيتا بهزيمة ميدانية، خصوصاً في حلب، سيما أن أي جلوس الى طاولة المفاوضات يحتاج إلى أوراق والمفاوضة على أساسها”. لكن وعلى الرغم من هذه الصورة إلا أن “التدخل السعودي – التركي لا يزال مستبعداً، خصوصاً أن هذه الخطوة قد تشكل مدخلاً إلى حرب إقليمية”، وهو ما عبر عنه صراحة نصرالله، بالنيابة عن إيران والمحور الذي تمثله. وتقول المصادر إن “هناك اعتقاداً بأنهم فهموا الرسالة، وتلقفوها، ولذلك بدأوا باتخاذ مواقف تراجعية”. وتستند المصادر إلى تشخيص الواقع هناك، خصوصاً الاختلاف في الرؤى بين تركيا والسعودية، إذ أن معركة تركيا هي مع الأكراد، بوصفهم خطراً يتهددها، وإذا ما استطاعت إنشاء منطقة آمنة او قطع الطريق على الأكراد فهي لن تكون بحاجة للتدخل، وهذا يختلف عن أهداف السعودية التي تريد من سوريا أهدافاً كبرى، عنوانها الأساسي إسقاط النظام. وبالتالي لن تدخل السعودية في معركة برية إلا بمعيّة قوات تركية، وتركيا حتى الآن مترددة إزاء هذا الأمر، خصوصاً أنه ليس هناك غطاء من الولايات المتحدة الأميركية، التي تشدد على ضرورة احتواء الأمر، وتخفيف حدة التشنج، ومنع حصول أي تطور دراماتيكي للأوضاع.
نصرالله يسقط فتوى خامنئي
نديم قطيش/المدن/الخميس 18/02/2016
ما إن كشف المعارض الايراني علي رضا جعفرزاده عام 2002 عن البرنامج النووي الايراني حتى بدأ اللوبي الايراني السياسي والاعلامي الحديث عن فتوى أصدرها المرشد على خامنئي تحرم إمتلاك السلاح الذري. لم تنشر هذه الفتوى يوماً. قيل إنها فتوى شفهية، وحين عرضت ايران ايداعها الامم المتحدة كوثيقة، تبين أنها ستودع نصاً عن الفتوى وليس الفتوى نفسها! مع ذلك إستثمرت طهران بنجاح “حدوتة” الفتوى واستخدمتها كواقٍ اخلاقي وقيمي في معركتها النووية. وقال عنها الرئيس الايراني حسن روحاني إنها «أكثر أهمية بالنسبة إلينا من بنود معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الملحق بها». حتى إدارة إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما وقعت في حبائلها فصار الرجل يكرر الحديث عن الفتوى كمؤمن متحمس إلتزم المذهب الجعفري الإثني عشري للتو! هيمنت “الحدوتة”، وغيبت وقائع مهمة وصلبة توضح الكثير حول طموحات ايران النووية. من ذلك ما كشفه قبل أشهر الرئيس الايراني الأسبق هاشمي رفسنجاني ونقلته وكالة الأنباء الإيرانية عن أن إيران “فكرت في السعي لامتلاك القدرة على الردع النووي حين بدأت برنامجها النووي في الثمانينيات خلال الحرب مع العراق”. صحيح ان رفسنجاني يتحدث عن حقبة سبقت الفتوى المزعومة، لكن مجرد تفكير ايران في امتلاك السلاح النووي، يعطي فكرة عن “البراغماتية الفقهية” لنظام الملالي، ويضع فتوى خامنئي، إن صح وجودها، في إطار الدعاية السياسية، او التقاطع بين السياسي والديني بالحد الأدنى! المفارقة أن تعرية الفتوى جاءت من حيث لا يحتسب أحد! ففي خطاب له قبل ايام قال أمين عام حزب الله حسن نصرالله، إن “الصهاينة يخشون في أي حرب مقبلة من أن تستهدف المقاومة حاويات الغاز في حيفا ما يؤدي لمقتل وإصابة 800 ألف إسرائيلي، ويعتقدون ان الضرر يعادل ما تحدثه قنبلة نووية”. لم تخفِ الصياغة الذكية للموقف هذا والتي تحيل الى ما يعتقده الاسرائيلي وما يفكر فيه، وليس ما ينويه حزب الله ويضمره، لم تخفِ، المقصد العسكري الاستراتيجي والذي يقول: لدينا سلاح نووي ومستعدون لإستخدامه! موقف كالموقف الذي اعلنه نصرالله، لا يدخل فقط في سياق دعاية الردع او التعبئة. إذ لا قيمة لموقفه، الاول من نوعه حيال اسرائيل، ان كان ملتزماً فتوى خامنئي المزعومة والتي تنطبق على السلاح النووي أو ما يوازيه على ما افترض! فهو إما يعلن تنصله من الفتوى وحيثياتها او يشير ضمناً الى أن الفتوى غير موجودة او غير ملزمة. الى ذلك، إنطوى الكشف النووي على سقطة سياسية وأخلاقية مريعة، حين بدا ان نصرالله مستعد لقتل 800 الف اسرائيلي، معظمهم من المدنيين بالتأكيد، من دون ان يقيم اي اعتبار لا لصورة المقاومة ولا لاخلاقية معركتها، لكن الاخطر هو انه شرّع لاسرائيل في المقابل ذبح المدنيين اللبنانيين بمقاييس مماثلة، وهم الذين لا تزال تحميهم نسبياً مندرجات تفاهم نيسان 1996 التي تلزم اسرائيل وحزب الله بـ “عدم كون المدنيين هدفاً للهجوم تحت أي ظروف، وعدم استخدام المناطق المدنية الآهلة والمنشآت الصناعية والكهربائية قواعد إطلاق للهجمات”. نصرالله لن يضرب ما هدد بضربه على الارجح. ايران الوليدة بعد الاتفاق النووي تخوض معركة مختلفة عنوانها ادارة الحروب الاهلية في دول العرب! لكن فداحة الادعاء التي ظهرت في الخطاب، اصابت نصرالله واصابت المقاومة، واصابت خامنئي، بإشعاعات، “خطاب الأمونيا”، وعرضت لبنان واللبنانيين لخطر لم يسبق له مثيل.