الحريري ليس في وارد تغيير موقفه دعماً لعون التعطيل مجدداً في 2 آذار في مرمى المعطلين
روزانا بومنصف/النهار/19 شباط 2016
يشارك جميع رؤساء البعثات الديبلوسية الاجنبية الذين قصدوا “بيت الوسط” للقاء الرئيس سعد الحريري، في الضغط من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الجلسة المقبلة لمجلس النواب في 2 آذار، من خلال إعلانهم فور خروجهم عن ضرورة انتخاب رئيس وإنهاء الفراغ الذي بات يسيء بقوة الى البلد في مقابل موقف أخير للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لم يرد فيها على المبادرة التي اطلقها الحريري في ذكرى اغتيال والده، فيما دعا نائبه الشيخ نعيم قاسم الى فتح مجلس النواب للتشريع فقط وترك الأمور الأخرى، أي انتخاب رئيس جديد، الى وقت لاحق. هذه النقطة وحدها تفيد أن الانتخابات الرئاسية ليست على رادار الحزب، أكان بسبب انتظار انفتاح سعودي مطلوب على إيران أو بسبب انتظار انتهاء التموضع في سوريا، في ظل اشتداد التجاذب الاقليمي الدولي حول المعارك الحاصلة هناك، أو لأن الوضع الحالي في لبنان، أي غياب رئيس للجمهورية، يناسب الحزب أكثر في ظل المعادلة الحكومية القائمة. في أي حال، في المدة الفاصلة عن موعد 2 آذار، لا يتوقّع أن تخفت حماسة الحريري لاستمرار الضغط في هذا الاتجاه، في ظل مواقف غير متغيرة لاكثرية نيابية من شأنها أن تحدث فرقا كبيرا في حال لبى غالبية الافرقاء الدعوة الى المشاركة في جلسة الانتخاب. فالرئيس نبيه بري لا يزال على موقفه من دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية، وفق ما فهم من اللقاء الذي عقد بينه وبين الرئيس الحريري، فيما يسري الامر نفسه بالنسبة الى النائب وليد جنبلاط وكتلة “المستقبل”، بمشاركة الحريري نفسه على الأرجح. وإذا التزم حضور الجلسة كل من “القوات اللبنانية”، عملا بمبدأ عدم المقاطعة، والاحزاب المسيحية الاخرى باستثناء كتلة النائب ميشال عون، وحضر المرشح سليمان فرنجية، فإن الكرة ستكون في ملعب الحزب وحليفه العوني أكثر من أي وقت مضى. ومن المهم في هذا السياق أن يحضر فرنجية، لأنه قد لا يود ان يرى ضغطا من الحريري في اتجاه انتخابه ومشاركة مباشرة منه في الجلسة، في مقابل عدم حضوره، لأن ذلك سيعطي مؤشرا سلبيا جدا. هذا المشهد وحده كفيل بتأمين غالبية مضمونة لانتخاب فرنجية، هي موجودة راهنا، ولو التزمت “القوات” دعم عون، الأمر الذي يفترض ان يوجه رسالة قوية مجددا الى رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” مفادها أن الامور ليست في مصلحته. فالرهان على ان يغير الرئيس الحريري على الاقل موقفه من دعم فرنجية الى رئاسة الجمهورية لا يبدو في محله. واستقبال فرنجية في “بيت الوسط”، ثم احتمال توجه الحريري الى المشاركة في جلسة 2 آذار لا يسمحان بالرهان على أن الحريري قد يغير موقفه في وقت قريب أو حتى لاحقا، على رغم تأكيده أنه في حال انتخاب عون رئيسا، سيكون أول من سيهنئه. لكن سيكون من غير الواقعي الرهان على تغيير على هذا الصعيد، أقله من جهة الحريري، وفق ما أوحى بعض الرهانات اخيرا. والكرة تاليا ستكون في ملعب الحزب، إذا شاء أن يضغط في اتجاه حلفائه لتعديل مواقفهم من انتخاب عون أو من اجل ان يسحب فرنجية ترشيحه، في ظل تساؤل عن الكلفة المترتبة على ضغوط من أجل انتخاب عون. فمن جهة هناك ضغوط ستطاول حكما الرئيس نبيه بري، وتاليا النائب وليد جنبلاط بالتواتر للعلاقة التي تربطه ببري، ومن جهة أخرى ستسري الضغوط على فرنجية في مقابل عدم كسب تغيير موقف الحريري الحاسم والنهائي في عدم انتخاب عون، حتى لو انسحب فرنجية وفق ما تقول بعض المعلومات. فهل هذه الضغوط اكبر كلفة او اقل كلفة من اقناع عون نفسه بأن لا حظوظ لديه بانتخابه رئيسا؟ وهل التغطية المسيحية التي يوفرها عون للحزب لن تتأمن عبر انهاء الفراغ وعودة مؤسسات البلد الى استئناف نشاطها؟
المعلومات المتوافرة على أكثر من مستوى تفيد أن جلسة 2 آذار لن تثمر انتخابا للرئيس، لكنها من غير المستبعد أن تزيد إحراج المعطلين للرئاسة بغض النظر عن اهتمام هؤلاء المعطلين بذلك او ايلائهم اي اعتبار لانعكاساته على الرأي العام. لكن من غير المستبعد ان يثير ذلك انزعاجا كبيرا على قاعدة ان الحريري قد يكون سجل بخطوته دعم ترشيح فرنجية والحركة الناشطة التي قام بها من اجل انتخاب رئيس للجمهورية، ما لم يسجله أي فريق آخر، خصوصا أنه أظهر حرصه الكبير على إنهاء الفراغ الرئاسي لموقع مسيحي، وأقدم على مبادرة ترشيح خصم له في نهاية المطاف، ومحسوب على قوى 8 آذار، فيما يسمح له المنطق الديموقراطي بأن يفضل مرشحا على آخر، ومن المرجح ان تكون له أسبابه في المقابل فان الحزب لم يسجل انه قدم لهذه المسالة اي شيء باستثناء التمسك بدعم ترشيح العماد عون والتمترس خلفه مع رفض مناقشة هذا الموضوع لاكثر من سنة و8 اشهر. يضاف الى ذلك ان الكرة لا تزال في ملعب الافرقاء المسيحيين وفي راي البعض ان اتفاق معراب شهد انتكاسة مهمة لجهة ان اتفاق فريقين مسيحيين لم يستطع ان يغير قيد انملة في المشهد السياسي، وهذا له انعكاساته السلبية في محصلة الامور. وثمة شكوك في أن يتم صرفه في أكثر من إطار الفريقين المسيحيين المعنيين في افضل الاحوال. كما ان الصراع على الرئاسة لم يمنع في مقابل مصالحة تاريخية من جهة ان تثير انقسامات مسيحية من جهة اخرى.
ليس كل قوي مسيحيّاً يصير رئيساً بل كل قوي وطنيّاً ليستطيع أن يحكم
اميل خوري/النهار/19 شباط 2016
متى يكون القول إن هذا الشهر أو ذاك هو موعد انتخاب رئيس للجمهورية، ومع انتخابه يبدأ ربيع لبنان سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وهل يؤشر الى ذلك تسارع التطورات في سوريا على الأرض وعدم تطرّق الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى موضوع الانتخابات الرئاسية، وقول الرئيس سعد الحريري إن “الحزب” ليس ضد إجراء الانتخابات انما يستمهل اجراءها؟ فاذا صح هذا التصور فان هيئة الحوار الوطني مدعوة للبحث في موضوع الانتخابات الرئاسية من دون سواه من المواضيع، خصوصاً أنه كان على رأس جدول أعمالها منذ الجلسة الأولى. وحسناً فعل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بطلب العودة إليه لأن لا شيء أكثر ضرورة منه. لقد كان مطلوباً مسيحياً أن يكون أحد الأقطاب الموارنة الأربعة مرشّحاً للرئاسة الأولى، وقد استجاب الرئيس الحريري ذلك بترشيح النائب سليمان فرنجية، واستجاب الدكتور سمير جعجع بدوره أيضاً فرشّح العماد ميشال عون، لكن تبيّن من ردود الفعل أن أياً منهما قد لا يضمن الفوز بالأكثرية النيابية التي تضمن فوزه ميثاقياً إذا ظل “تيار المستقبل” يعارض انتخاب العماد عون و”القوات اللبنانية” ومعها “التيار الوطني الحر” يعارضان انتخاب فرنجية. لذلك بات الخروج من أزمة الانتخابات الرئاسيّة يتطلب إمّا النزول إلى المجلس لتنتخب الأكثرية أيّاً من المرشحين: عون، فرنجية، هنري حلو، وإما الاتفاق على مرشّح تسوية وتوافق يكون أهلاً لتحقيق الوفاق الوطني الشامل في البلاد. والبحث عن مثل هذا المرشح لم يكن ممكناً قبل تجربة حظوظ الأقطاب الموارنة الأربعة لأن أيّاً منهم ما كان ليقبل بمرشح من خارج ناديهم قبل أن يجرّبوا حظوظهم. أما وقد تم ذلك وظهر أن أي مرشح من قوى 14 آذار لا يحظى بتأييد قوى 8 آذار، ولا مرشّح من هذه القوى يحظى بتأييد قوى 14 آذار، فالعماد عون لم يحظَ بتأييد “تيار المستقبل” والنائب فرنجية لم يحظَ بتأييد “القوات اللبنانية” والدكتور جعجع لم يحظَ عندما كان مرشحاً بتأييد قوى 8 آذار، فلم يبقَ والحالة هذه سوى البحث عن مرشح تسوية كما تألفت حكومة التسوية برئاسة تمّام سلام بعد تقديم تنازلات متبادلة. و”الرئيس التسوية” هو ذاك الذي لا يشكّل انتخابه كسراً لأحد كما قال السيد نصرالله نفسه. أوَلم يحن الوقت بعد شغور رئاسي مضى عليه 19 شهراً تقريباً للبحث عن مرشح تسوية من خلال اتصالات ولقاءات يجريها الرئيس نبيه بري لاستمزاج آراء كل القوى السياسية الأساسية في البلاد، أو من خلال اتصالات ولقاءات يجريها الرئيس الحريري مع حلفائه، وتتويج هذه الاتصالات باجتماع يضم الرئيس بري والرئيس الحريري والرئيس أمين الجميل والنائب وليد جنبلاط والدكتور جعجع والسيد نصرالله، لغربلة أسماء المرشحين المقبولين الذين لا يشكل انتخاب أيّ منهم كسراً أو غلبة لأحد؟ أفلا تسهل التطورات المتسارعة على الأرض في سوريا التوصل الى اتفاق على مرشح، أو أقلّه الاتفاق على لائحة مرشحين مستقلين ينتخب النواب بالاقتراع السري أحدهم بالأكثرية المطلوبة؟ وبذلك يكون لبنان قد احترم النظام الديموقراطي وأحكام الدستور ولم يحاول الاحتيال عليهما كقول البعض إن من يمثلون المسيحيين تمثيلاً صحيحاً هم المؤهلون وحدهم للرئاسة الأولى من دون الأخذ في الاعتبار رأي الشريك الآخر الذي احترمه “الحلف الثلاثي” الذي كان يضم كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده، وكان يمثل أكثر بكثير من أي حلف مسيحي حالي، ليس بالقول بل بالفعل الذي تأكّد في الانتخابات النيابية التي اكتسح فيها الحلف كل المقاعد النيابية في محافظة الجبل، ولم يستطع رغم ذلك أي ركن من أركانه ضمان فوزه في الانتخابات الرئاسية بسبب موقف الشريك المسلم لأن هذا ما يقضي به الميثاق الوطني وهو أساس العيش المشترك والوحدة الوطنية والسلم الأهلي.
مقاطعون وميثاقيون!!
نبيل بومنصف/النهار/19 شباط 2016
لعل احدا لم يتنبه الى مفارقة تتسع لرمزية معبرة وهي ان النائب سليمان فرنجية حل ضيفا محتفى به بحرارة في بيت الوسط عشية العيد الـ٨١ للعماد ميشال عون الذي كان يقطع قالب الحلوى في بيت الوسط نفسه قبل سنة تماما. لا تشكل هذه المفارقة ميزة تفوق لأحد المرشحين الحصريين حتى أشعار آخر ما دام معلوما ان لا رئيس جمهورية سينتخب قريبا. لا تقلل هذه الحقيقة اهمية المعطى المسيحي الذي يتسلح به المرشحان كل من حيثيته الشخصية ولكن هذا المعطى المسيحي بات الآن امام إشكالية مزدوجة في ظل معادلة يمتنع معها النائب فرنجية من حضور جلسات الانتخاب الا بتوافق مع حلفائه القدامى فيما يطرح العماد عون مفهوم المرشح “الميثاقي” حاصرا الصفة بشخصه. وهي معادلة لم تعرفها بطبيعة الحال اي سابقة او تجربة رئاسية. ذلك ان التزام رئيس “المردة” عدم حضور الجلسات الانتخابية الا بالتنسيق مع “حزب الله” سيغدو عمليا نقطة الفرملة لاندفاع الرئيس سعد الحريري نحو تحكيم المنطق الدستوري السوي في الاحتكام الى اللعبة الديموقراطية التي رفع لواءها بقوة منذ عودته الى بيروت بحيوية فائضة. وهو بعد كانت تفتقده الأزمة خصوصا ان الحريري ورئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع تجاوزا مبدئيا على الاقل أخطر فجوات التباينات بينهما بالاحتكام الى المبدأ الديموقراطي نفسه بترك سباق الخيارات الحرة يأخذ مجراه. فماذا تراه سيكون بعد ٢ آذار اذا حصل المتوقع وقفزت الى المشهد صورة حضور يستنسخ نفسه وتعطيل يستعيد نمطه وغاب المرشح الذي يخوض داعموه معركته ؟ في المقابل وبما يماثل من التعقيد تتصاعد نغمة اعتبار التوافق العوني – القواتي حسما نهائيا لمقولة ان الغالبية المسيحية الساحقة اختارت مرشحها الذي بات متسلحا بكونه المرشح “الميثاقي” وان المنتظر من زعيم المستقبل ان يسلم بالارادة المسيحية وعدم السباحة عكس تيارها الجارف. والحال ان اطلاق هذه المعادلة ينطوي على كثير من الالتباس ولو ان ثمة حقيقة لا تجادل في الحجم التمثيلي لـ”التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”. ولكن ذلك لا يعني حتمية التسليم بأن المرشح الأكثر “قوة ” هو المرشح الاوسع ميثاقية. في اطلاق هذه المعادلة ثمة اقتراب بل التصاق بحجة “حزب الله” نفسه في اشتراط التسليم بالعماد عون رئيسا وإلا لا انتخابات. ثم انه في المعطى الدستوري ليس هناك من سلطة شرعية تناقض العيش المشترك بمعنى ان الدستور لا يشترط ولا يلحظ عامل توافق قوتين ليصبح المرشح ميثاقيا لان مفهوم الميثاقية يلزم التوافق الاوسع مدى في نصاب الثلثين اولا. فكيف سيستوي الحضور الدؤوب غير المنقطع لنواب “القوات اللبنانية” لجلسات الانتخاب مع هذا المفهوم الميثاقي فيما يدأب مرشحهم والنواب العونيون على مقاطعتها ؟