أي حرية يا شيخ نعيم ؟
عمـاد مـوسـى/لبنان الآن/29 شباط/16
هزّني هذا القول لسماحة نائب المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية الشيخ نعيم قاسم: “بالنسبة إلينا لبنان بلد الحريات وسيبقى كذلك”. جميلٌ جميل هذا الإيمان الوجودي بلبنان الحرية. لا ينقص هذا التغنّي سوى رفده بجرعة سيادة ورشّة إستقلال بحسب الطلب، لتكتمل ثلاثية التيار الوطني الحر وذلك قبل اكتشاف ثلاثية البيانات الوزارية أي المعادلة الذهبية: جيش وشعب ومقاومة. قطعاً، لم يبشّر الشيخ الجليل بالحرية إنطلاقاً من إيمانه العميق بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) الحامل في الكثير من فقراته لمسات الدكتور (الإنعزالي) شارل مالك، ولم ترد في ذهن سماحة الشيخ الحرية كما يمارسها “الغرب” الكافر في “أمريكا” وأوروبا والدول الإسكندينافية المتخلّفة، ولا يشارك قاسم الأخوين رحباني توصيفهما الشاعري من خلال صوت السيدة فيروز “يا حرية يا زهرة نارية يا طفلة وحشية يا حرية”، والغناء كما الموسيقى في عرف الشيخ الحر والمتحرر وقدوة الأحرار مفسدة للذوق العام وميوعة ما بعدها ميوعة.
وللناقد السوسيولوجي محمد رعد، أحد كبار المنظّرين الشموليين، مطالعات قيّمة في هذا المجال لا يمكن التطرق إليها وتحليل مضامينها على عُجالةٍ إنما لا بد من التأكيد على هذا الأمر: يُستثنى من مصنّفات رعد الفنية المسيئة إلى الذوق والأخلاق أناشيد علي بركات ولطمياته.
قلتم لبنان بلد الحريات كصنو الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو يبزّها في هذا المجال الرحب؟
وكيف يمارس “حزبُ الله” هذه الحرية المؤمن بها والمؤتمن عليها في بيئته؟
بتشجيع إقامة هايد بارك في ساحة الغبيري مفتوح لمناصري أحمد بك الأسعد وللمقاومة الإسلامية وللمستقبل وللشيوعيين وللحراك المدني وللوطنيين الأحرار وآل الأمين من غير المؤمنين بالحزب ومساراته؟
برعاية افتتاح صالات سينما في بئر العبد تعرض آخر إنتاجات هوليود؟
بمقاهي رصيف تقدم إلى الأراكيل وكاسات الشاي أقداح الفودكا والبيرة لمن يرغب، كما تبيح القوانين المعمول بها في لبنان الحريات والتي تسمح بتقديم الكحول في صور وفي النبطية وفي طرابلس وفي كفرّمان والخيام وبعلبك. كل هذه المدن والقرى أشقاء لجونيه وجبيل وبيروت الإدارية.
أين تعثر على الرأي الآخر في إعلام الحزب القائد؟
أين حرية الترشّح والإقتراع على مستوى “حزب الله” الإيراني المنشأ والهوى والتمويل والتسليح والعقيدة؟
أين حرية التجول في المناطق التي صنّفها “الحزب” مناطق عسكرية؟
متى وأين تلتقي الحرية مع فوهات بنادق قوى الأمر الواقع؟
أي حرية بالضبط يرغب الشيخ نعيم بتعميمها؟
إسمح لنا يا شيخنا (والفتى). الحرية كما الديمقراطية ليست “خطبة” عصماء في حفل تأبين ولا رد فعل على موقف سُعودي ولا فرمان إلهي غيبي. الحرية ثقافة منفتحة وممارسة يومية وحوار من دون قيود وسعة صدر، لا تشبه بشيء ما يتسع له صدركم المنفوخ إستعلاءً. الحرية لا تشبه بشيء خياراتكم الجهادية العابرة للقارات دفاعاً عن مستضعفي الأمة.
خياراتكم يا شيخ الأحرار تودي ببلد الحريات، كما نعرفه وكما أدمنّاه، إلى التهلكة.